محمد بشار بوسالم - صديقي الذي وعدني بالجنة.

أهدي هذه الخطاطة إلى جيل كتب بريشتين و مسح المداد و ألدمع بمنشفة واحدة.

وعدني صديقي بالجنة، بليلة تهز شعر ملهمتي فقط أواه!! تهجيت رسالة ملامحها لا ملامح لي، كانت تملي صمتها على مسامعي، أول مرة كتبت اسمي على جدران حينا فٱكتشفت أنه لايشبهني.
صديقي الذي وعدني بالجنة صغارا كنا، خطواتنا أربكها حذاء من بلاستيك، تشاركنا سرين عظيمين ثم ٱفترقنا، سلخ حية و مشط و كسرة زجاج و سنون بريئة في صرة على صدر طفولة، مبادىء أولية في سحر الحياة. لا أحد يشاركني رعب ما أراه داخل محفظتي، أحلام أعدها في عز ٱلنعاس بأقلام ملونة و دفاتر على ظهرها جدول ضرب و سبع في مرحلته الإبتدائية لا يزأر كنفسي التي لم تكن أمارة بالسوء بعد، لا أحد إلا من صديقي إلنحيف، الغريب، ٱلمتمرد، كان من المختلفين، المختفين الذين يمرون جانبا خيرا وسلاما و يرحلون، شغله الشاغل أن يبحث عن الخطوط الحمراء، بحثنا عنها في كل مكان، لم نلعب كما يلعب الأطفال و لكن كنا على بينة من المحظورات، حدثني عن سره يوما دون سابق إنذار. أبوه اختطفته الخفافيش التي تمتص دماء الأبرياء ليلا لأنه تجاوز الخطوط ٱلحمراء، أغمضوا عينيه إلى حيث لا رجعة و لا خبر.
صديقي كان يردد: إن متنا أطفالا سندخل الجنة، هيا نلعب!! سنبقى دوما أطفالا.
لم نقبل يوما يدا قذرة، تستهوينا رقعة شطرنج على أرض دربنا، البيادق عمال كادحون لازقون بالتراب، شرفاء. وطننا كان أكبر من علم و نشيد و خريطة.
مرت خمسون سنة ولم أره، ذهبت إلى منزله، كان نائما، أحسست أن قوة السرين العظيمين جذبتني إلى مأتم عزاء. لم يتزوج، أظن أنه اكتشف الخطوط الحمراء فتجاوزها، هذا ما أثبتته أمه لي كأني رأيتها البارحة، قبلت جبينه ثم يده. مات صديقي الذي صادقني، صادفت حياته و موته، على جدار بيته رسم طيورا كثيرة، منعتني دموعي من رؤيتي بينهم.

(محمد بشار)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى