كان الزوج نجارا والمرأة ربة منزل . يمضي نهاره في الورشة القريبة من المنزل , بينما ترقد هي فوق الفراش – عاجزة عن الحركة – وهكذا تمضي الأيام الأخيرة لهما .
قالت ذات مرة بينما يدها تقرب حبات الفراولة ألي فمها :
ـ والله ما كان له لزوم , البيت مليان فاكهة !
فيقول بأن زيادة الخير خيرين .
ويتأمل الكرسي الخشبي الذي ينقلها أليه بين الحين والآخر حين يجلسان في البلكونة , ويقول بأنه وجب تصليحه فقد أصاب قاعدته الخشبية الشرخ , ولا تفلح محاولتها لثنيه عن إحضار الشاكوش والمسامير وقطعة من الأبلكاش التي تصلح لسد الشقوق الواضحة .
وتقول :
ـ حتي في يوم أجازتك !
يستمر في الدق دقائق , ويقيم بعينيه الإصلاحات في الكرسي .
ثم يقول في فرح :
ـ أهوه يا ستي كأنه من جديد .
تشكره وهي خجلة , بينما يقول هو بأنه لولا ضيق الحال لأشتري لها واحدا جاهزا خيرا منه , فترد مبتسمة :
ـ خيرك سابق .
هكذا تذكرت وهي تراه ذات يوم راقدا في الفراش دون أن يتقلب كعادته , وقد لفت نظرها أن صدره النحيل جدا قد توقف عن الصعود وعن الهبوط ...
ولم تستوعب ما جري في الأيام القليلة الماضية من الجلبة في البيت الصغير , ولم تفهم سر الناس الكثيرين الذين أتوا للتعزية , فكانت تقول :
ـ وهو مين قال أنه مات ؟! دة كان لسة معايا من ساعتين يا ولاد !
وقد أصرت أحدي البنات الاتي غبن في بيت أزواجهن علي البيات معها ريثما تطمئن علي حالها , وكانت تصر علي أنه لا اطمئنان ولا نيلة فأنا زي الفل , وأبوكم كلها ساعتين وراجع !
فتبكي الفتاة وتحتضن أمها في حزن , بينما المرأة العجوز القعيدة قد غربت عيناها وشرقت دون أن تعي مما يدور حولها شيئا .
وذات عصرية أفاقت الأبنة التي بذلت جهودا كبيرة في اليومين السابقين من غفوتها القهرية علي صياح أمها . كانت تهتف في غضب :
ـ ودوني البلكونة ؟ بقي له كام يوم ما ودنيش جوا .. هو زعلان مني ولا أيه ؟!
فأسندتها الأبنة بصعوبة بالغة علي الكرسي الخشبي , ثم جرتها بصعوبة أكثر ألي البلكونة . أرتمت علي الأرض تشهق في ضعف وتعب بينما الأم تنظر ألي الشارع الضيق الذي أقامت فيه منذ خمسن سنة وأكثر .
وفجأة هتفت :
ـ بت . أنزلي ألحقي أبوكي !
فهبت المسكينة في دهشة , ونظرت حيثما أشارت المرأة العجوز بأصبعها . كانت المرأة تشير بإصرار , وتكرر نداءها بصوت أعلي :
ـ يا بت أنزلي هاتي أبوكي دة شكله تاه عن البيت ؟!
فظلت تردد في طاعة من تربت جيدا منذ ثلاثين سنة :
ـ حاضر . حاضر يا أمه .
ولم تجرؤ أن تقول أنه حيث أشارت هي لا يوجد أحدا علي الأطلاق ...
قالت ذات مرة بينما يدها تقرب حبات الفراولة ألي فمها :
ـ والله ما كان له لزوم , البيت مليان فاكهة !
فيقول بأن زيادة الخير خيرين .
ويتأمل الكرسي الخشبي الذي ينقلها أليه بين الحين والآخر حين يجلسان في البلكونة , ويقول بأنه وجب تصليحه فقد أصاب قاعدته الخشبية الشرخ , ولا تفلح محاولتها لثنيه عن إحضار الشاكوش والمسامير وقطعة من الأبلكاش التي تصلح لسد الشقوق الواضحة .
وتقول :
ـ حتي في يوم أجازتك !
يستمر في الدق دقائق , ويقيم بعينيه الإصلاحات في الكرسي .
ثم يقول في فرح :
ـ أهوه يا ستي كأنه من جديد .
تشكره وهي خجلة , بينما يقول هو بأنه لولا ضيق الحال لأشتري لها واحدا جاهزا خيرا منه , فترد مبتسمة :
ـ خيرك سابق .
هكذا تذكرت وهي تراه ذات يوم راقدا في الفراش دون أن يتقلب كعادته , وقد لفت نظرها أن صدره النحيل جدا قد توقف عن الصعود وعن الهبوط ...
ولم تستوعب ما جري في الأيام القليلة الماضية من الجلبة في البيت الصغير , ولم تفهم سر الناس الكثيرين الذين أتوا للتعزية , فكانت تقول :
ـ وهو مين قال أنه مات ؟! دة كان لسة معايا من ساعتين يا ولاد !
وقد أصرت أحدي البنات الاتي غبن في بيت أزواجهن علي البيات معها ريثما تطمئن علي حالها , وكانت تصر علي أنه لا اطمئنان ولا نيلة فأنا زي الفل , وأبوكم كلها ساعتين وراجع !
فتبكي الفتاة وتحتضن أمها في حزن , بينما المرأة العجوز القعيدة قد غربت عيناها وشرقت دون أن تعي مما يدور حولها شيئا .
وذات عصرية أفاقت الأبنة التي بذلت جهودا كبيرة في اليومين السابقين من غفوتها القهرية علي صياح أمها . كانت تهتف في غضب :
ـ ودوني البلكونة ؟ بقي له كام يوم ما ودنيش جوا .. هو زعلان مني ولا أيه ؟!
فأسندتها الأبنة بصعوبة بالغة علي الكرسي الخشبي , ثم جرتها بصعوبة أكثر ألي البلكونة . أرتمت علي الأرض تشهق في ضعف وتعب بينما الأم تنظر ألي الشارع الضيق الذي أقامت فيه منذ خمسن سنة وأكثر .
وفجأة هتفت :
ـ بت . أنزلي ألحقي أبوكي !
فهبت المسكينة في دهشة , ونظرت حيثما أشارت المرأة العجوز بأصبعها . كانت المرأة تشير بإصرار , وتكرر نداءها بصوت أعلي :
ـ يا بت أنزلي هاتي أبوكي دة شكله تاه عن البيت ؟!
فظلت تردد في طاعة من تربت جيدا منذ ثلاثين سنة :
ـ حاضر . حاضر يا أمه .
ولم تجرؤ أن تقول أنه حيث أشارت هي لا يوجد أحدا علي الأطلاق ...