وقف على شاطيء البحر بقامته العالية كنخلة في الوادي ، لا يرتدي غير سروال قطني قصير ينتهي أعلى ركبتيه , قدماه العاريتان كمرساة سفينة خشبية, ساقاه يابستان تنفر عروقهما من تحت جلده المعرج فتظهر ككثبان رملية كتلك التي تحيط بمدينته , ظهره لفحته الشمس حتى صار بلون خبز جدته اليابس المقمر في تنورها الطيني . يحمل على كتفه الأيمن شبكته الغريبة المثبتة بين ثلاث قوائم خشبية لتأخذ شكل مثلث حاد الزوايا ، ومن واحدة من هذه الزوايا تمتد قائمة خشبية متوسطة الطول لتكون عصا التحكم في شبكته. وحول رقبته وعلى كتفه الأخرى يحمل كيسين من الرمال الناعمة ومعهما جبال من الأمنيات الضائعة .
لامست أقدامه موج البحر فشعر ببرد اعتاد عليه منذ ستين عاماً فتحول عناقاً يشتاق إليه كل صباح . يبدأ في الدخول... الماء يرتفع .. يبكي يريد الذهاب للمدرسة. يغطي الماء قدميه.. لابد أن يساعد عمه في البحر.. يرتفع إلى كاحليه.. التعليم له ناسه .. بنت عمه تدخل الإعدادي .. يرتفع الماء حتى أعلى ركبتيه .. أحب الحورية .. الماء يزداد برودة .. العين لا تعلو على الحاجب .. قدماه تتشبثان بالأرض .. ينزف الجرح ... هنية الخادمة على قدك ... ابني سيجفف الدماء ويحول الملح سكر ..ألم الظهر يعاوده ... الأولاد يضحكون علي..رائحتي تفوح ... يتخلص بالتدريج مما يحمل من الرمال .. لن أذهب للمدرسة ... أنزل شبكته من على كتفه .. لن تقرب البحر.. هوى بها على البحر يشطره .. يقتحمه .. غرسها في رماله .. الموبايل لابد أن يكون بكاميرا.. ضغط ثم سحب .. الكل يعمل هكذا .. ينخل البحر بشبكته... لابد أن تتزوجها ... تخرج الرمال من بين ثقوبها وتبقى من جاء من أجلها .. حفيدي سيداوي جرحي ويحول الملح سكر ... يقطر العرق من جبينه .. يختلط ملحه بملح البحر .. تنبت على شفتيه نبتة صحراوية.. يشبه جدته الحورية.. يخرج إلى الشاطئ يضع ما معه... يقبل الحورية فيه.. يدخل مرة أخرى .. يضمه إلى صدره .. يلقي بشبكته لآخر مرة.
يدخل مرة أخرى ، يحتمي بماء البحر .. سأربيه أنا... ينزع سرواله المبلل .. يملأ حقيبته بالأقلام ... يرفع يديه عالياً يدخلهما في أكمام القفطان الكالح .. الأستاذ عوض مسرور جداً.. يدخل رأسه ... سأذهب للمدرسة والبحر..يتجه نحو الشاطئ .. التكريم كان في طابور الصباح... يحرر القفطان لينزل بالتدريج يواري ما كان يستره الماء . . الحورية تغوص في البحر .. على الرمال يريح شبكته.. ينشر عليها سرواله..الحورية لم تعد .. يجلس القرفصاء يمسكها واحدة واحدة كحبات معقودة في مسبحته التي ورثها عن أبيه . إقرأ الفاتحة للحورية.. يبدأ في عملية الفرز والتصنيف ...كانت تحبك مثلي ... هذه بلدي وتلك انجليزي وهذه صغيرة وتلك كبيرة .. الناس كانت مقامات
في الحادية عشرة تأتيه جلجلة حماره العجوز يجر العربه الكارو وعليها سكر البحر.. جاء كعادته ليصحب جده في رحلة العودة. يتكئ على كتفه الصغير ويصعد.. يتمدد على العربة مغلقاً عينيه ومخفياً وجهه بقبعته القماش الدائرية ذات الأطراف المتهدلة تاركاً لحماره مهمة الطريق بينما حفيده ينادي: حلوة يا أم الخلول
* نشرت في أخبار الأدب نوفمبر2007
لامست أقدامه موج البحر فشعر ببرد اعتاد عليه منذ ستين عاماً فتحول عناقاً يشتاق إليه كل صباح . يبدأ في الدخول... الماء يرتفع .. يبكي يريد الذهاب للمدرسة. يغطي الماء قدميه.. لابد أن يساعد عمه في البحر.. يرتفع إلى كاحليه.. التعليم له ناسه .. بنت عمه تدخل الإعدادي .. يرتفع الماء حتى أعلى ركبتيه .. أحب الحورية .. الماء يزداد برودة .. العين لا تعلو على الحاجب .. قدماه تتشبثان بالأرض .. ينزف الجرح ... هنية الخادمة على قدك ... ابني سيجفف الدماء ويحول الملح سكر ..ألم الظهر يعاوده ... الأولاد يضحكون علي..رائحتي تفوح ... يتخلص بالتدريج مما يحمل من الرمال .. لن أذهب للمدرسة ... أنزل شبكته من على كتفه .. لن تقرب البحر.. هوى بها على البحر يشطره .. يقتحمه .. غرسها في رماله .. الموبايل لابد أن يكون بكاميرا.. ضغط ثم سحب .. الكل يعمل هكذا .. ينخل البحر بشبكته... لابد أن تتزوجها ... تخرج الرمال من بين ثقوبها وتبقى من جاء من أجلها .. حفيدي سيداوي جرحي ويحول الملح سكر ... يقطر العرق من جبينه .. يختلط ملحه بملح البحر .. تنبت على شفتيه نبتة صحراوية.. يشبه جدته الحورية.. يخرج إلى الشاطئ يضع ما معه... يقبل الحورية فيه.. يدخل مرة أخرى .. يضمه إلى صدره .. يلقي بشبكته لآخر مرة.
يدخل مرة أخرى ، يحتمي بماء البحر .. سأربيه أنا... ينزع سرواله المبلل .. يملأ حقيبته بالأقلام ... يرفع يديه عالياً يدخلهما في أكمام القفطان الكالح .. الأستاذ عوض مسرور جداً.. يدخل رأسه ... سأذهب للمدرسة والبحر..يتجه نحو الشاطئ .. التكريم كان في طابور الصباح... يحرر القفطان لينزل بالتدريج يواري ما كان يستره الماء . . الحورية تغوص في البحر .. على الرمال يريح شبكته.. ينشر عليها سرواله..الحورية لم تعد .. يجلس القرفصاء يمسكها واحدة واحدة كحبات معقودة في مسبحته التي ورثها عن أبيه . إقرأ الفاتحة للحورية.. يبدأ في عملية الفرز والتصنيف ...كانت تحبك مثلي ... هذه بلدي وتلك انجليزي وهذه صغيرة وتلك كبيرة .. الناس كانت مقامات
في الحادية عشرة تأتيه جلجلة حماره العجوز يجر العربه الكارو وعليها سكر البحر.. جاء كعادته ليصحب جده في رحلة العودة. يتكئ على كتفه الصغير ويصعد.. يتمدد على العربة مغلقاً عينيه ومخفياً وجهه بقبعته القماش الدائرية ذات الأطراف المتهدلة تاركاً لحماره مهمة الطريق بينما حفيده ينادي: حلوة يا أم الخلول
* نشرت في أخبار الأدب نوفمبر2007