جعفر الديري - "الثقافة وإنتاج الديمقراطية" كتاب ينتصر للثقافة ككيفية شاملة منتجة

قال الكاتب البحريني د.حسن مدن، ان كتاب "الثقافة وإنتاج الديمقراطية" للناقد والأكاديمي د.ابراهيم عبدالله غلوم، كتاب ينتصر للثقافة، ككيفية شاملة منتجة ومحركة للمجتمع، ويؤكد من جانب آخر أنه لا مستقبل للثقافة في الخليج والبلاد العربية، في معزل عن الاعتراف بالعقلانية النقدية، والشراكة القائمة على الإعتراف بالتعددية والنهوض الثقافي الشامل، في مجتمع مدني يتألف من جدل الأخذ والنفي وفق منطق عقلاني.
وأوضح المحاضر خلال استعراضه الكتاب ـفي أمسية استضافتها مؤخرا أسرة أدباء البحرين- أن المؤلف في صياغته للتحديات التي تواجهها الثقافة في البحرين ومنطقة الخليج، محلية كانت أم عالمية، واقعية أم مستقبلية، يرى أن ذلك لا يمكن أن يتم في معزل عن مفهوم واضح وحيادي للثقافة. مفهوم لا يتسع للاعتراف بأن الثقافة هي الكيفية التي ننتج فيها مجتمعنا فحسب، وإنما يتسع لتداعيات هذا الإعتراف ولاعتباراته التي لا حصر لها، ولاحتكامه الأبدي لكل ما هو واقعي متحقق أو ممكن التحقيق، ولكل ما هو منقسم ومتعدد أو مختلف ومتفاوت أو نسبي وحتمي.
كذلك يرى المؤلف أن الثقافة تظلُّ دوماً وأبداً خارج فعل السياسة، كما تظل المشكلة الصارخة متمثلة في عدم احتكام القناعات المركزية للدولة إلى حقيقة طالما تعرضت للسخرية وهي أن التخطيط الاستراتيجي للثقافة لا يقل أهمية وخطورة عن التخطيط الاستراتيجي للأمن والاقتصاد، مشددا على "أن دور الدولة يتلخص في ضرورة الوعي بحركة التاريخ مما يعني ضرورة تنظيمها مبادىء الحرية والمساواة والعدالة وأخذها بالشروط العقلانية في تنمية المجتمع، وخلقها المناخ الاجتماعي الملائم لظهور بيئة ثقافية لا يكاد يتحد المواطن بمرافقها وأجهزتها وانتاجها، حتى يصبح كائنا ثقافيا منتجا لقيم الشراكة والتعددية".
ويدعو د.غلوم إلى إعادة المضمون الحيوي للثقافة والنظر اليها بوصفها انتاجاً للديمقراطية ولمختلف الأفكار والأشكال والصور التي تستدعيها المنظومة القادرة على ترسيخ مبادىء الحرية والعقلانية والشراكة الفعلية لكل أطياف الاختلاف والتنوع، تحت سقف واحد يحمي جميع قوانين الإستثمار للأفكار والمفاهيم ويحقق توزيعاً عادلاً لجميع الأرباح والخسائر على السواء.
ويتطلب هذا، بتقدير المؤلف، الكشف عن القوى المهيمنة على ما يصفه ب"النسق الاستبدادي في الثقافة العربية، فبدون ذلك يغدو السياق الثقافي غير منتج لأي تغيير أو نمو فعلي".
ويؤكد المؤلف من جانب آخر "أن الخصائص الثقافية لمجتمع البحرين تتجاوز التحالفات القبلية والدينية المحدودة، وتتقاطع مع تشكيلات حضرية وتجارية مستقرة في المدن وتشكيلات ريفية وتشكيلات مهاجرة متنوعة الانتماء، ولذا يصبح تكوين علاقة متوازنة مع هذه التشكيلات جميعها وفق القوانين والتشريعات هو محك صيرورة التقدم الذي تسعى له الدولة الحديثة، وهذا المحك هو الذي يبشر ميثاق العمل الوطني بالعمل من أجل بلورته".
وأضاف المحاضر د.مدن: ونحن نتحدث اليوم، العام 2018، بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاماً على إقرار ميثاق العمل الوطني وما تلاه من تحولات إيجابية كبيرة، وأيضاً بعد نحو سبع سنوات على الأزمة التي واجهتها البحرين العام 2011، لم أجد أفضل من التوصيف الذي قدمّه د.إبراهيم غلوم العام 2002، والذي يمكن القول إنه جاء على تشكيل تحذير ، حين دعا إلى "العمل في ساحة خفية غير منظورة وأعني بها، والكلام له، ساحة المعركة التي تتصل بداخل أنفسنا ومؤسساتنا المحصنة بالوعي وتراكماته الشعورية واللاشعورية، العقلانية واللاعقلانية".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى