مصطفي تاج الدين الموسي - شيطان القصة القصيرة

الأسبوع الماضي ابتلعت ذبابة.. لا تغييرات جوهريّة طرأت على شخصيتي, سوى أنني بدأت أكره الفراشات.
كل ساحرة تصر على الطيران بمكنسة من القشّ, وليس بمكنسة كهربائيّة.. لا يعول عليها, شرحت هذا لـ عامر ونحن نصعد المترو.
لا معدتي استطاعت هضم الشوارع التركيّة, ولا معدة الشوارع التركيّة هضمت ملامحي.
عندما دخلتُ في القلق.. خرجتُ من قلب الله, في الوقت ذاته خرج الثوار من حمص و دخلوا في قلب الله, صادفنا بعضنا في منتصف الطريق, تبادلنا القبلات, ثم.. أنا مضيتُ إلى مزيد من العتمة وهم مضوا إلى مزيد من الضوء.
حدث الأمر صدفةً.. كنت أتثاءب عندما ظنت الذبابة أن فمي هو بيت مفروش بلا سكان.
في المترو.. قال لي الشاب التركي الذي يجيد العربية مبتسماً:
ــ أصبحنا نحن الأتراك هنا.. وبسببكم.. أقليّة..
صرخت بوجهه بنزق:
ــ عليّ الطلاق لن أُعطيكَ أي تطمينات..
يبدو لي المترو أغنية كئيبة, لكنها طويلة.
في المقهى جلست أمامي صبية جميلة, أنا تأملتُ ركبتيها.. وهي تأملت أوراقي, بين ركبتيها وأوراقي تعثر النادل بخيالاتنا عدة مرات.. ولم يعتذر.
مساء البارحة, شاهدتُ في مطعمٍ متواضع ذلك الــعن بعد, همستُ للنادل:
ــ قدم لذلك الصديق على حسابي صحن تطمينات.. بالزيت..
هذا الصباح حاولت وبشكلٍ جدي أن أكون سعيداً.. فشلت, ثم حاولت أن أكون حزيناً.. أيضاً فشلت.
أشعلت سيجارة, فنجحت بـ هذا نجاحاً باهراً, صفقتْ لي بحرارة كل الرسومات البدائية التي رسمتها على الجدار سابقاً.. انحنيتُ بتواضع.
خطر ببالي أن انتحر, التقطتُ سكيناً ثم غرسته في صدري, واستلقيتُ بهدوء على الأريكة.
يُقال إن الاحتضار مفيد للكلية, مثل المتة.. لم أستطع التأكد من صحة هذا الكلام, لأن نظارتي كانت بعيدة.
آخر ما حدث لي في هذه الحياة, في نهاية نزيفي.. وفجأةً, تحولت إلى ذبابة, ذبابة داكنة ملامحها ضائعة.
على الجدار ودعتني رسوماتي بأن لوحتْ لي وأنا أطير.
عبرتُ من النافذة, ثم حلقتُ عالياً.. عالياً.. عالياً..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى