حسن فتح الباب - البحر والمغنى القديم.. شعر

ها هو البحر مجلى الرؤى الحالمات
في مراح الشباب
والمويجات تجري وراء طيور الضحى
لتضم الربى مثل أم رءوم
وتناغي الغمام
تحت شمس الأصيل
والليالي على الشط تحت النجوم
أين راح الفؤاد الخليّ
ضحكات العيون الوضاء
والصدور التي أطلعت
زهرها المستهام الندي
وسرى خطوة في النسيم العطر
وصدى همسة في ضياء القمر
أين يابحر عهد الرفاق النشاوى
بريح الغدو الرخاء
وعبير الرواح
رافلين بأردية من رواء الخيال
والجنون الجميل
والأحاديث والذكريات
أين ورد البكور في مرايا الخدود
وأقاحي الثغور والتفاف الخصور
ورفيف الرياحين والياسمين
نديّا على الشرفات؟
ونداء الغزالات للحبّ
في الأمسيات
كهديل الحمام حنينا بأبراجها
أين صيف الأغاريد والأمنيات
وربيع المحبين والشعراء؟
أين يا بحر ما كان من أغنيات
للهوى.. للجمال الطروب
لهتاف الربابنة الصاعدين
في مهب الرياح
للحمى المفتدى بالدما والجراح
للشعوب التي رجمت ظالميها "
لتحيا الحياة ويعود النهار
أين صوت الوطن
صادحا في عنان السماء
موئلا للعناه
وحمى الثائرين والثائرات؟
إيه يا بحرنا الجائش السرمدي
الُمبين الخفى
إيه يا راهب الأعصر الخاليات

***

لم يعد غير أصداء ناي بعيد
وقفة للزمن فوق شط السديم
عودة المستحيل واغتراب الفصول
لا مدى.. لا مكان
لن يغني الغمام
لبنات القمر
لن يطوف الهلال الوليد الملك
في مدار الفلك
لا ولن يستدير
حائما فى الأفق
لن يطير الحمام حالما في الشفق
ليس غير الدموع
للمغني القديم
رقرقت مطرا شاجيا
أورقت شجرا ذاويا
أشرقت قمرا غاربا
آذنته بقرب الرحيل
فبكى البحر وجدا.. شجى
بدموع المغني القديم.


حسن فتح الباب
ديسمبر 2000

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى