كاعبٌ زادها الشحوبُ جمالا = وكساها اليتمُ الرهيبُ جلالا
أمُعَنَ الهمُ في مدامعها نَزُ = حاً وفي قدِّها النضير هُزالا
لبست بالي الثيابِ وجَرت = إثْرَها من جلالها أذيالا
تُمعنُ الَخَّلةُ والعزّ = ة في قلبها الكليم نضالا
كم تمَّنتْ على الصَّبِا نعمةَ المو = ت إباء فما تطيقُ السؤالا
ولو ان الحمامَ طوع بنان الن = اس، كان الإنسان أسعدَ حالا
حثها الجوعُ للسؤالِ كما تحْ = تَثُّ للموتِ مجرماً قتالا
فأتت سيداً وقد جَرَّرَ الأذ = يال تيهاً على الورى واختيالا
سألته قِرشاً ومدَّت له الكف = فَّ ترجّى من الكبير النوّالا
ناهدٌ، لو رَجَت نوالَ صخور = لجرى الصخرُ بالدموع وسالا
ردها عنه صاخباً، بكلام = كان في قلبها الكسير نبالا
فانثنت عنهُ والفؤادُ جريحٌ = وانثنى دمعُها أسى هطّالا
ويلها شرعةً أعزَّتْ لئيما = فتمادى على الكريم وصالا
بعض هزل الزمانِ أن يوسع الأح = رار ظُلما ويكرمَ الأنذالا
زمنٌ يُنزلُ المراتعُ قطعا = ن الخنازيرِ والصحارى التبالا
عجبى للغنىّ يغفو قريرَ ال = عينِ في ليلهِ وّينعْمُ بالا
بينما النسوة الضّوأمر يَبك = ينَ ويُكثرنَ في الدُّجى إعوالا
من يَعولُ الفتاةَ أرمضها الجو = عُ وآضت بها الهمومُ خيالا؟
لا أبُ يُمسكُ الانينَ إذا لجَّ = ولا الدمعَ إن ألحَّ وسالا
أتُراها تقضي من الجوع بينا = غيرُها يمرحُ السنيَّن الطِّوالا
عزَّت اللقمةُ الطَّهورُ عليها = مثلما عزَّتِ السُّها أن تُنالا
فغداً تاخذُ الطريق إلى المن = كر كرهاً وتخلعُ الأسمالا
وتجلىّ كالبدر في أفق الشر = بهاء وروعةِ ودلالا
وترى سادة النضار عبيداً = يَتًمَّنون عطفها بُذالا
ويقول الإنسان تلك فتاة = لؤَمت نفُسها وساءت فعالا
باعتِ العرض باللذائِذ طوعاً ... فستلقى من الالهِ نكالا
كذبوا! فالاله أعدلُ من أن = يجزي الساغبَ البرئ وبالا
نخلق المجرمين نحن بأيدي = نا ونسقيهم الرّدى أشكالا!
دمشق
أمجد الطرابلسي
مجلة الرسالة - العدد 44
بتاريخ: 07 - 05 - 1934
أمُعَنَ الهمُ في مدامعها نَزُ = حاً وفي قدِّها النضير هُزالا
لبست بالي الثيابِ وجَرت = إثْرَها من جلالها أذيالا
تُمعنُ الَخَّلةُ والعزّ = ة في قلبها الكليم نضالا
كم تمَّنتْ على الصَّبِا نعمةَ المو = ت إباء فما تطيقُ السؤالا
ولو ان الحمامَ طوع بنان الن = اس، كان الإنسان أسعدَ حالا
حثها الجوعُ للسؤالِ كما تحْ = تَثُّ للموتِ مجرماً قتالا
فأتت سيداً وقد جَرَّرَ الأذ = يال تيهاً على الورى واختيالا
سألته قِرشاً ومدَّت له الكف = فَّ ترجّى من الكبير النوّالا
ناهدٌ، لو رَجَت نوالَ صخور = لجرى الصخرُ بالدموع وسالا
ردها عنه صاخباً، بكلام = كان في قلبها الكسير نبالا
فانثنت عنهُ والفؤادُ جريحٌ = وانثنى دمعُها أسى هطّالا
ويلها شرعةً أعزَّتْ لئيما = فتمادى على الكريم وصالا
بعض هزل الزمانِ أن يوسع الأح = رار ظُلما ويكرمَ الأنذالا
زمنٌ يُنزلُ المراتعُ قطعا = ن الخنازيرِ والصحارى التبالا
عجبى للغنىّ يغفو قريرَ ال = عينِ في ليلهِ وّينعْمُ بالا
بينما النسوة الضّوأمر يَبك = ينَ ويُكثرنَ في الدُّجى إعوالا
من يَعولُ الفتاةَ أرمضها الجو = عُ وآضت بها الهمومُ خيالا؟
لا أبُ يُمسكُ الانينَ إذا لجَّ = ولا الدمعَ إن ألحَّ وسالا
أتُراها تقضي من الجوع بينا = غيرُها يمرحُ السنيَّن الطِّوالا
عزَّت اللقمةُ الطَّهورُ عليها = مثلما عزَّتِ السُّها أن تُنالا
فغداً تاخذُ الطريق إلى المن = كر كرهاً وتخلعُ الأسمالا
وتجلىّ كالبدر في أفق الشر = بهاء وروعةِ ودلالا
وترى سادة النضار عبيداً = يَتًمَّنون عطفها بُذالا
ويقول الإنسان تلك فتاة = لؤَمت نفُسها وساءت فعالا
باعتِ العرض باللذائِذ طوعاً ... فستلقى من الالهِ نكالا
كذبوا! فالاله أعدلُ من أن = يجزي الساغبَ البرئ وبالا
نخلق المجرمين نحن بأيدي = نا ونسقيهم الرّدى أشكالا!
دمشق
أمجد الطرابلسي
مجلة الرسالة - العدد 44
بتاريخ: 07 - 05 - 1934