شاهناز عبدالرحيم - قرارت السيدة (نون).. قصة قصيرة

أرق طويل طوال الليلة الماضية لم تكن السيدة (نون) تجد له مبرراً نهضت باكراً هذا الصباح ربما أكثر من المعتاد بما يزيد عن الساعتين... تحركت بهدوء ... وقفت أمام المرآة .... بدأت بتأمل وجهها ... عيناها الشاحبتين ... قدميها المتشققتين .. إتخذت قراراً حاسماً ... سوف أبدأ فوراً فى اتباع حمية شديدة ... تحسست بطنها الذى بدأ فى الترهل والبروز أماماً .

إتخذت قراراً حاسماً آخر ... سأتحدث إلى (عين) (زوجها) ... عن رغبتى الصادقة فى عدم إنجاب المزيد من الأطفال أنا سعيدة وراضية تماماً ... ببناتى الأربع ... فى المرة الأخيرة بقر الأطباء بطنى لإخراج إبنتى (سين) ولكن لا رغبة لدى فى إنجاب ولد ذكر سأتحدث إليه بكل هدوء وثقة (مؤكدة لنفسها) قالت !!

نعم أنا أود إستكمال دراستى الجامعية (سامحك الله يا زوجة أبى)

فى وقفتها أمام المرآة صباحاً تحسست رغباتها أزاحت عنها ذلك الشاهد الذى وأدتها تحته سنوات طويلة متذرعة بالصبر تارة ... وبالظروف السيئة تارة أخرى ولكن شىء ما فى هذا الصباح جعل تلك الرغبات تتفجر ربما عودة زوجها متأخراً جداً عن موعد عمله المسائى ربما رائحة المرأة الأخرى التى تفوح خلال لفتاته وهمساته على الهاتف لذا قررت السيدة (نون) أنها ستخبره عن سأمها من الشجارات أخته العانسة ، عفواً الآنسة (دال) سئمت من أحاديث الجارات المعادة وجلسات التباهى و النميمة التى تعقد صباح مساء ...

سأتحدث إليه بهدوء وسوف أتجاهل مقدرته الفذة على تحويل أى نقاش بيننا إلى شجار سأخبره أنه لاذنب لى حتى أرث علاقات هذه الأسرة وأن أقحم فى تفاصيل يومية لا صلة لى بها .... و أنى عندما تزوجته كنت أرتضى هذا الوضع مؤقتا ً.. لذا فهى ترغب فى الإنتقال إلى منزل مستقل وإن كان يتكون من غرفة واحدة غرفة واحدة لا غير تجمعها وبناتها الأربع وزوجها فقط عندها ستتمكن من الإهتمام بأسرتها الصغيرة عندها ستهتم بمراجعة دروس صغيراتها اللاتى يقضين جل الوقت فى مشاجرات مع أبناء أخيه الأكبر أو بنات أخيه الأصغر وأحياناً يتطور الشجار بين الصغار إلى مناقشات حادة بين زوجات الأخوان الثلاثة وربما تدخل فيه العم (كاف) السيد المبجل والد السيد (عين) ومن ثم تتدخل السيدة المبجله السيدة والدة السيد (عين) ... ويتطور الأمر بعد ذلك .

فى بادئ الأمر كانت تبتسم لى وتعاملنى كإبنة ثم ضاقت إبتسامتها قليلاً بعد إنجاب إبنتى الأولى وضاقت أكثر بعد إنجاب إبنتى الثانية عند إنجاب إبنتى الثالثة بهتت إبتسامتها وصارت تردد أنها تريد إبناً ذكراً ثم اختفت إبتسامتها تماماً عندما أنجبت إبنتى الرابع (سين)

سأخبره أننى إذا انتقلت إلى منزل مستقل ... أتمكن عندها من إنقاذ وقتى المهدر بين الوقت وغسل ألأوانى لهذه الأسرة الممتدة .. عندها سأفعل ما أريد أن أفعل لا ما يريد الآخرون لى أن أفعل

سأحدثه عن كيف أنى فقدت صديقاتى من فرط الحصار الذى تضربه السيدة المبجلة والدته السيدة (ميم) عندما تحضر إحداهن وكيف تبدى ملاحظاتها حول طريقة إحداهن فى الحديث وكيف تبدى رأيها الصريح فى ما ترتدى هذه أو تلك أو تدخلها فى مقارنة صريحة مع إبنتها العانسة عفواً الآنسة (دال) كيف أن حياتها افتقدت الخصوصية تماماً نعم سأتحدث إليه اليوم بعد ذهاب البنات إلى المدرسة وقبل ذهابى للدوام الصباحى أو ذاك المسائى ...

نهض السيد (عين) ... ثم البنات ... وسط إعداد وجبة الإفطار للبنات ... وصوت أبواق أتوبيس المدرسة والروضة ... وصياح زوجها بحثاً عن جواربه واتهامها بعدم إصلاح زر القميص المقطوع

بدأت السيدة والدة زوجها السيدة المبجلة (ميم) فى تعنيفها لإهمالها المتكرر لحاجات زوجها ...!!

إعتذرت السيدة (نون) بأنها استيقظت متأخرة ... و... و...

على الفور ردت السيدة المبجلة السيدة (ميم) بثقة وتحد كبيرين ... أبداً أنت استيقظت هذا الصباح باكراً ولكنك أهدرت الوقت وقوفاً أمام المرآة!!!

14 Sep. 2003

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى