حيدر الكعبي - ذوبان.. شعر

تذوبينَ
لكنني يوم أبصرتُهم في الطريق
يَشِيدون جسراً من السُّخْطِ والشهداءِ
وينتظمون صفوفاً تقارع حرمانَها
بأيادٍ ملطخةٍ بالِّدهان وبالعرق المر والأتربةْ
رأيتكِ فيهم تذوبين سمراء مرفوعة الرأس منتصبةْ
وما كان أحلى توهٓجٓ عينيكِ
كنت هنالك مألوفةً كالحياهْ
وكنت هنالك ذائبةً، لا كسُكَّرةٍ هشةٍ في الشفاهْ
ولكنْ حقيقيةً كنتِ كالعرق المتصبب فوق الجباهْ
وكنتِ هناك ذراعاً ملوّحةً وضماداً وصدراً رحيمْ
وكنتِ هنالك أختاً عظيمةْ
لشعبٍ عظيمْ
وقد كنتُ أنسى لو انّ الجليدْ
تُشَبُّ به النارُ، أو أن رأس الوليدْ
يشيبُ
وكنتُ أناديكِ لو لم تكوني فمي
وكنتُ سآتيكِ لو لم تكوني هنا في دمي
فإني عرفتُكِ في صدر أمٍّ
توطَّنَه السلُّ وهي يقيني غوائلَهُ في ليالي الشتاءِ
لقد كانتِ الكلماتُ ملقَّنةً
يومَها ما توسَّمتُ فيكِ انتمائي
ولم أدرِ أنّ المسافةَ ما بيننا
كالمسافةِ بين تكدُّرِ وجهِ الصغير وإجهاشهِ بالبكاءِ.

البصرة 1976


* من جدار الشاعر على الفيسبوك

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى