(بات أصل المعجم الفرعوني الكبير. عند توليه العرش اتخذ توتموسيس الثالث لنفسه خمسة أسماء, بيد أنه استكبر فأراد أن يتخذ لنفسه أسماء لا حصر لها المعنى وضده الضد ومعناه, فكان له ما أراده أسماء وألقاب لا حصر لها.
صرف حياته هكذا, الملعون, لأجل أسمائه كلها وما تفسره.
ما بعد الثورة هو دائما بارد الشفتين. تبتلع الفرعونة نوط الشمس عند غروبها لتلدها عند الصباح شمسا مشرقة تنير أركان المعبد.)
الباب موارب مزدان ببخار الألم.
قلما أحاول إقناعها أن ديمانش هو يوم الأحد. المرأة المسنة جدا, العمياء جدا, التي تفترش فراغ عتبة الدار كل يوم بعد آذان صلاة العصر تتلمس يدي وتدغدغها باحثة عن فجوة في الكف لمعرفة ما أسره داخلي ولمذا أجيئ عند عبد النبي, معرفة ما لا أفصح به حتى لأفراس نفسي أثناء فترات الصمت المطلق التي تجتاحني وفترات الضجيج السائبة. وهي تتضاهر, المرأة المسنة والعمياء, الرضا علي أثناء بحثها الطويل عن فجوة الكف لتضغط وسطها برؤوس أصابعها “سر الله يرضي عليك, الله يفتح عليك” تقول وقد عثرت على الفجوة أخيرا برأسي البنصر والوسطى فتدغدغني أثناء بحثها كله هذا ثم أحس بقشعريرة الموت “الله يعطيك النجاح يا وليدي”, كأنني لم أتعمد يوما الخسران. تحاول إقناعي بأن ديمانش هو يوم السبت وأن المزروبين مشوا إلى حالهم, هذا ما تحاول إقناعي إياه لما أصادفها بعد الآذان, المرأة المسنة جدا, الجالسة في العتبة مفترشة لا شيء. المرأة هذه هي مزلاج البيت, الإذن الكافي للدخول إلى عتبة الغرفة, نجتنبها لنخسر الحكمة والأمثال.
يجد عبد النبي لذة عظيمة في الانصات لصوت رائحة نوبة صرع ابنة الجارة الكبرى وهو قادم من عل ينزل بطيئا السلم الملتوي. تتكرر نوبة الصرع بعد ساعتين فيجد عبد التبي لذة أعظم من اللذة السابقة في التنصت فيلتهم قلمه الورقة التي كانت قبل قليل في انكماش باعث للسخرية و الشفقة. نوبة صرع ابنة الجارة تساعده كثيرا على الكتابة, لهذا فهو لم يفكر أبدا باستبدال غرفته بغرفة أقل ثمنا. عادة ما ينتظر النوبة بصبر أحر من الجمر كي يهاجم هو كتابته ويطيح بالجمل, الواحدة تلو صديقتها. رائحة صوت نوبة الصرع لم تتابدر هذا اليوم من المنزل العلوي, ولما كانت خياشم قلم عبد النبي اعتادت على مذاقها كمخدر سكت القلم هذا اليوم عن الكتابة المتاحة.
من نافذة الخشب البني الصغيرة تتكتل غيوم الصيف كجماعة خارجة الغرفة. كالزرافة تلوي السماء عنقها. من تصارع الغيوم يتشكل مطر خفيف. عضام صدر الصمت بارزة لهذا يجب تكسير كل القفص الصدري بغية القليل من الثرثرة. الحذاءان المتعانقان كتوأمين سياميين يقودان إلى كل مكان سوى إلى طريق داخلي. من جهاز فونوغراف قديم تنبعث موسيقى برليوز. فتاة هيفاء, بثياب شفافة للنوم, تنز من السرير وتقترب من الفونوغراف لتزيد من صوت موسيقى السيمفونية الفنطاستيكية لبرليوز. يزداد صدى أنغام السيمفونية فيمسك عبد النبي بجهاز التحكم عن بعد ليخفض صوت الموسيقى. يزحف من سريره نحو التلفاز المقابل له ويضع شفتيه على خد الفتاة الشقراء ثم على شفتيها. شخص ذو بذلة أنيقة مثل بذلة مدير جريدة السلام يسحب الفتاة إلى جسده بقوة. جسد الفتاة لا يقوى على التمنع. يداعبها الأشقر ويتبادل معها القبل. تدير الفتاة ظهرها لعبد النبي فيقبل كتفيها ثم ينتقل لتقبيل ظهرها. لا يظهر له في الصورة سوى شعر الفتاة فيبحث عبد النبي عن قرطاسها ليمسكه بشفتيه. تنسحب الفتاة من الأبيض والأسود. يطفئ عبد النبي جهاز التلفاز ويضع شفتيه على الشاشة السوداء. ينتقل بشفتيه يمينا ويسارا…
نكت مسترسلة عن الفراغ, شحم الملء موحش. احتظار هذه الفكرة سخيف, نفسها ذابل كعمر. لا ذبابة في فنجان القهوة ممتلئ نصفه. أتعفف من عيوبي. خيالي متواثب كالفرس مثقل بالريح. قطة تلعب بين الأزمنة وتهفو إلى ردهة الفراغ… الكبد أرعن. في الخارج يأسن ماء عين شخص ربما. وئيدا, أتبرم من الكرسي البلاستيكي وحروف اللغة. أنعي زفرتي موغلا في التعفف, كل استدارة ليست منعطفا. هل تعي الدابة؟ تنظر لي شزرا, هل ترفرف الشمعة في قرف متدثرة بالعتمة؟ خبل الورد في مزهرية الطاووس الزرقاء, أتحسس بأصابعي المزهرية ولا أتحسس الورد المنفوش. يقفل سميح الخط أما أنا فلم أكتب أي حرف مما كنت أريد كتابته اللحظة. أستمع إلى مقطوعة سجلتها على قرص مدمج هربت من تلمسان سرا على مثن حمار أحول مقابل عشر لترات من الماء وكيلو من الموز… عادة ما يسقط بعض من القهوة على ملابسي لحظة إنصاتي لدقات طبول إعلان حرب سحيقة… الضوء ذريعة الضلام ورهينته. الضلام ضوء مستتر… الحيرة الممغنطة تننشر كالرذاذ. يصل الريح إلى مسمعي. أصيخ السمع. أتشمم نبضه. أتفرس فيه مليا. مزاجه عابق بالهوس, يدحرج حموضة وجهه بين منحدرات ونتوءات صور اللعنة. للريح المديد لسان وأذنين وفم وسرة تشم البطن. يصب كله في صهريج اللحظة مندفعا كساقية. فطنت لتواجده. أتماها مع الريح لألحس نار الشمعة, تلك التي تنظر إلي شزرا… الأهرام جبال النور, بنيت لتستحيل إلى جبال فتخضر صحاري مصر. كل هرم بني ليستحيل إلى جبل. الأهرام التي لم تستحل إلى جبال احتفلنا بعصيانها لمبدأ التحول وباركنا عصيانها الجهم, بمنأى عن السحر التام لمبدأ التحول… وكأني لم ألج الحمام الشعبي أكثر من شهرين لأعب في سطل الماء الساخن ماء باردا يستدفأ به بدني, وكأني لم أطلب الكسال ليدلك ويمسد أطرافي على زليج إحدى غرف الحمام. كأني لم أناول الطيابة مّي رحمة أي فلس لحظة ولوجي الحمام قبل شهرين أو أشتري منها صابونا أو غاسولا لا أستعمله… الدوار طفق يهاجمني فلا أعرف كيف أدافع عن نفسي منه, والبارحة فقط نمت واقفا على رجلين اثنين بدل أن أتمدد على جنب واحد في سريري.
أسرق هذه الكلمة من كلمة أخرى.
الزمن نصف شيطان فقط.
صرف حياته هكذا, الملعون, لأجل أسمائه كلها وما تفسره.
ما بعد الثورة هو دائما بارد الشفتين. تبتلع الفرعونة نوط الشمس عند غروبها لتلدها عند الصباح شمسا مشرقة تنير أركان المعبد.)
الباب موارب مزدان ببخار الألم.
قلما أحاول إقناعها أن ديمانش هو يوم الأحد. المرأة المسنة جدا, العمياء جدا, التي تفترش فراغ عتبة الدار كل يوم بعد آذان صلاة العصر تتلمس يدي وتدغدغها باحثة عن فجوة في الكف لمعرفة ما أسره داخلي ولمذا أجيئ عند عبد النبي, معرفة ما لا أفصح به حتى لأفراس نفسي أثناء فترات الصمت المطلق التي تجتاحني وفترات الضجيج السائبة. وهي تتضاهر, المرأة المسنة والعمياء, الرضا علي أثناء بحثها الطويل عن فجوة الكف لتضغط وسطها برؤوس أصابعها “سر الله يرضي عليك, الله يفتح عليك” تقول وقد عثرت على الفجوة أخيرا برأسي البنصر والوسطى فتدغدغني أثناء بحثها كله هذا ثم أحس بقشعريرة الموت “الله يعطيك النجاح يا وليدي”, كأنني لم أتعمد يوما الخسران. تحاول إقناعي بأن ديمانش هو يوم السبت وأن المزروبين مشوا إلى حالهم, هذا ما تحاول إقناعي إياه لما أصادفها بعد الآذان, المرأة المسنة جدا, الجالسة في العتبة مفترشة لا شيء. المرأة هذه هي مزلاج البيت, الإذن الكافي للدخول إلى عتبة الغرفة, نجتنبها لنخسر الحكمة والأمثال.
يجد عبد النبي لذة عظيمة في الانصات لصوت رائحة نوبة صرع ابنة الجارة الكبرى وهو قادم من عل ينزل بطيئا السلم الملتوي. تتكرر نوبة الصرع بعد ساعتين فيجد عبد التبي لذة أعظم من اللذة السابقة في التنصت فيلتهم قلمه الورقة التي كانت قبل قليل في انكماش باعث للسخرية و الشفقة. نوبة صرع ابنة الجارة تساعده كثيرا على الكتابة, لهذا فهو لم يفكر أبدا باستبدال غرفته بغرفة أقل ثمنا. عادة ما ينتظر النوبة بصبر أحر من الجمر كي يهاجم هو كتابته ويطيح بالجمل, الواحدة تلو صديقتها. رائحة صوت نوبة الصرع لم تتابدر هذا اليوم من المنزل العلوي, ولما كانت خياشم قلم عبد النبي اعتادت على مذاقها كمخدر سكت القلم هذا اليوم عن الكتابة المتاحة.
من نافذة الخشب البني الصغيرة تتكتل غيوم الصيف كجماعة خارجة الغرفة. كالزرافة تلوي السماء عنقها. من تصارع الغيوم يتشكل مطر خفيف. عضام صدر الصمت بارزة لهذا يجب تكسير كل القفص الصدري بغية القليل من الثرثرة. الحذاءان المتعانقان كتوأمين سياميين يقودان إلى كل مكان سوى إلى طريق داخلي. من جهاز فونوغراف قديم تنبعث موسيقى برليوز. فتاة هيفاء, بثياب شفافة للنوم, تنز من السرير وتقترب من الفونوغراف لتزيد من صوت موسيقى السيمفونية الفنطاستيكية لبرليوز. يزداد صدى أنغام السيمفونية فيمسك عبد النبي بجهاز التحكم عن بعد ليخفض صوت الموسيقى. يزحف من سريره نحو التلفاز المقابل له ويضع شفتيه على خد الفتاة الشقراء ثم على شفتيها. شخص ذو بذلة أنيقة مثل بذلة مدير جريدة السلام يسحب الفتاة إلى جسده بقوة. جسد الفتاة لا يقوى على التمنع. يداعبها الأشقر ويتبادل معها القبل. تدير الفتاة ظهرها لعبد النبي فيقبل كتفيها ثم ينتقل لتقبيل ظهرها. لا يظهر له في الصورة سوى شعر الفتاة فيبحث عبد النبي عن قرطاسها ليمسكه بشفتيه. تنسحب الفتاة من الأبيض والأسود. يطفئ عبد النبي جهاز التلفاز ويضع شفتيه على الشاشة السوداء. ينتقل بشفتيه يمينا ويسارا…
نكت مسترسلة عن الفراغ, شحم الملء موحش. احتظار هذه الفكرة سخيف, نفسها ذابل كعمر. لا ذبابة في فنجان القهوة ممتلئ نصفه. أتعفف من عيوبي. خيالي متواثب كالفرس مثقل بالريح. قطة تلعب بين الأزمنة وتهفو إلى ردهة الفراغ… الكبد أرعن. في الخارج يأسن ماء عين شخص ربما. وئيدا, أتبرم من الكرسي البلاستيكي وحروف اللغة. أنعي زفرتي موغلا في التعفف, كل استدارة ليست منعطفا. هل تعي الدابة؟ تنظر لي شزرا, هل ترفرف الشمعة في قرف متدثرة بالعتمة؟ خبل الورد في مزهرية الطاووس الزرقاء, أتحسس بأصابعي المزهرية ولا أتحسس الورد المنفوش. يقفل سميح الخط أما أنا فلم أكتب أي حرف مما كنت أريد كتابته اللحظة. أستمع إلى مقطوعة سجلتها على قرص مدمج هربت من تلمسان سرا على مثن حمار أحول مقابل عشر لترات من الماء وكيلو من الموز… عادة ما يسقط بعض من القهوة على ملابسي لحظة إنصاتي لدقات طبول إعلان حرب سحيقة… الضوء ذريعة الضلام ورهينته. الضلام ضوء مستتر… الحيرة الممغنطة تننشر كالرذاذ. يصل الريح إلى مسمعي. أصيخ السمع. أتشمم نبضه. أتفرس فيه مليا. مزاجه عابق بالهوس, يدحرج حموضة وجهه بين منحدرات ونتوءات صور اللعنة. للريح المديد لسان وأذنين وفم وسرة تشم البطن. يصب كله في صهريج اللحظة مندفعا كساقية. فطنت لتواجده. أتماها مع الريح لألحس نار الشمعة, تلك التي تنظر إلي شزرا… الأهرام جبال النور, بنيت لتستحيل إلى جبال فتخضر صحاري مصر. كل هرم بني ليستحيل إلى جبل. الأهرام التي لم تستحل إلى جبال احتفلنا بعصيانها لمبدأ التحول وباركنا عصيانها الجهم, بمنأى عن السحر التام لمبدأ التحول… وكأني لم ألج الحمام الشعبي أكثر من شهرين لأعب في سطل الماء الساخن ماء باردا يستدفأ به بدني, وكأني لم أطلب الكسال ليدلك ويمسد أطرافي على زليج إحدى غرف الحمام. كأني لم أناول الطيابة مّي رحمة أي فلس لحظة ولوجي الحمام قبل شهرين أو أشتري منها صابونا أو غاسولا لا أستعمله… الدوار طفق يهاجمني فلا أعرف كيف أدافع عن نفسي منه, والبارحة فقط نمت واقفا على رجلين اثنين بدل أن أتمدد على جنب واحد في سريري.
أسرق هذه الكلمة من كلمة أخرى.
الزمن نصف شيطان فقط.