كان وسيما، وسيما جدا،وسيما كفارس يعيش في أحلام النساء الناعمة.
بسمته،وقفته، حركاته ،نظراته الجادة اللبقة كانت ترافقه ولاشك باستمرار، لكنني في ذلك اليوم فقط جمعتها وأطرتها وأدخلتها وجداني.
للحظات توجست.ما خامرني كثير ومريب.غادرت دنيا المتجر إلى عالم الجنيات وصرت واحدة منهن .
حلقت بجناحي الصغيرين أمامه وخلفه وعدلت بذلته هنا وهناك وطمأنت نفسي أنني أحوله إلى مايشتهي.
خشيت أن يرى جناحي وأن يشتم عطر الزنابق في أصابعي وبعثته إلى المرآة .
المرايا خرساء لاتفضح و انطباعاتي جارفة .
حاولت أن أقتبس منها ردة فعل مناسبة ومنها قرأت أن لاأجنحة لي ولا زنابق في المكان.
قلت له أن البذلة وربطة العنق و حتى القميص تتناسق برونق وأنها تناسبه.وتركت القرار له.
عدت إلى زميلتي أساعدها في محاسبة الزبائن بآلية وغبن. 'نعم وشكرا و من فضلك و إلى اللقاء ' ويتبدل الزبائن.
حين وصل دوره كانت هي من حاسبه واكتفيت بتوديعه بابتسامة.
غاب خلف زجاج المتجر وغاب نهار العمل خلفه.
سيكون العريس وسترف أمامه الجفون بإعجاب .
واحدة فقط هي من ستمسك ساعده وتمشي مختالة بجانبه.
سيقول لها أنها الأحلى .وسيكون سعيدا كأي أمير في خاتمة الحكاية.
شعرت باغتراب ووحدة وبيني و بين نفسي لمت ذاتي و أنبتها.
لم أعهدني حسودة ولم يكن البحث عن عريس من أولوياتي .رفضت أكثر من مرة مشاريع العرسان التي كانت تأتي بها أخواتي وزوجات إخواني.
بين الدراسة و العمل الإضافي والمعارك الحامية الوطيس التي كان يعرفها بيتنا لم يكن هناك مساحة لرجل أختبره أو أحبه أو أحلم به أو معه.
أخذت الفارس إلى منامي كما كان في المرآة وكما رأيته وأنا أرفرف حوله.
مشى بجواري ووضع يده على خصري وكان عادلا.
اقتسمنا السعادة معا و تبادلنا النظرات هادئين كغصنين يرنوان إلى وجه الغدير ولايسعيان إليه.
حكى لي عن حارس خسيس يخونه معي اسمه أحمر الشفاه وعن وصيفة مملة اسمها مشط وعن ربطة عنق تغار فتخنقه كلما زاد اقترابا مني.
ونزعت ربطة عنقه ضاحكة.
ضحكت كما يضحك السعداء من الأطفال ومن العجائز الممتلئة نفوسهم بالرضا.
و أفقت سعيدة غير أنني لم أبق كذلك للأسف.
عكر الحلم صفوي لزمن ليس بالقصير.
و ذاته الحلم شجعني على ترك العمل في المتجر و على إتمام دراستي دون تهاون.
أصبت بهوس تساؤلات متكررة حول مكنوناتي وكان يحدث أن أتردد في مكتبة الجامعة على قسم كتب علم النفس وأدخل في متاهات السيكولوجيا وكلام المفكرين.
وحدها صديقتي نجوى أوقفت دأبي وهي تجد تفسيرا عجيبا أضحكني بجنون مرارا .
كنت أتخيله في مشاهد وأضحك أكثر.
'الرجل ذو البذلة قد يكون حبيبي فعلا و عريسي في حياة أخرى ، في زمن آخر ، في ظروف أخرى.
ربما كنا معا في زمن الدناصير و الكهوف و كنا نشعل النار بالحجر .
ربما كان الدفء في الشتاء هاجسنا الوحيد و كان الحب ملاذنا حين تتبلل الأحجار و تأبى الاشتعال.
روعة البذلة قد لا تكمن في أناقتها بل لعنصر الدفء فيها.
فالدفء الثمين و النفيس كنا لم نهتد بعد لتوفيره لأنفسنا بلباس وفراش وثير.'
أنهيت الدراسة وتهربت من مواضيع العرسان بنجاح منقطع النظير ودون مشادات في البيت .و بدأت أراسل الشركات والمؤسسات التي بدت لي مؤهلاتي مناسبة لها.
استدعيت أكثر من مرة وكان أملي يخيب بموعد كاذب حينا و بعدد طلبات المترشحين المهول أحيانا أخرى.
إلى أن أتاني قدر لم يصنع إلا ليأتيني ويفاجئني .
دخلت مكتب اللجنة المعنية بالاختيار وكان الجالس أمامي شخصا واحدا هو المقرر و المدبر.
كان هو صاحب البذلة ببذلة أخرى وربطة عنق بنفسجية تتخللها خطوط متوازية.
تسمرت أمامه وخفت أن أضيع علي فرصتي في الحصول على وظيفة.
حاولت أن أنسى أنه كان وسيما جدا وأنه لازال وسيما جدا وأنه في الحلم غازلني.
حاولت أن أمثل الخريجة الطموحة المحتاجة لفرصة تثبت بها كفاء تها.
حاولت أن أبقى في اللحظة ولاأخرج منها إلا للحظة التي تليها.
وسألني كما شاء.كان مستريحا وكنت مستسلمة لقدري.
أغيب وأعود إلى استفساراته وبسماته ،إلى الخطوط في المكتب والورق وربطة العنق.
لم نكن متوازيين أبداً.
كان الزبون وكنت البائعة وصار المدير وصرت الباحثة عن عمل.
في المنام وضع يده على خصري و في الواقع حطت يده على بياناتي.
انتهت المقابلة ورافقني إلى الباب ثم الممر.
مددت يدي لمصافحته وتوقف الزمن.
قال أن الوظيفة تناسبني ولو لم تكن كذلك لكان عَدَّلَها حتى تحظى بي.
غدرتني الابتسامة وغادرني الكلام .
لم أرد عليه بشيء. أحسست أنني في كهف بارد وأن خارج الكهف مطر وعاصفة.
سحبت يدي و اعتذرت عن ارتباكي.
تحججت بالتعب وبتغير الفصل ووعدني ضاحكا بأن يعدل الفصل .
قال أتحبينه شتاءً بالخريف أم صيفا بالربيع؟
واستفاق إدراكي على أنني أجمل من أي يوم وأن كل الفصول ستبدأ رحلة أزلية جديدة.
Nassira
بسمته،وقفته، حركاته ،نظراته الجادة اللبقة كانت ترافقه ولاشك باستمرار، لكنني في ذلك اليوم فقط جمعتها وأطرتها وأدخلتها وجداني.
للحظات توجست.ما خامرني كثير ومريب.غادرت دنيا المتجر إلى عالم الجنيات وصرت واحدة منهن .
حلقت بجناحي الصغيرين أمامه وخلفه وعدلت بذلته هنا وهناك وطمأنت نفسي أنني أحوله إلى مايشتهي.
خشيت أن يرى جناحي وأن يشتم عطر الزنابق في أصابعي وبعثته إلى المرآة .
المرايا خرساء لاتفضح و انطباعاتي جارفة .
حاولت أن أقتبس منها ردة فعل مناسبة ومنها قرأت أن لاأجنحة لي ولا زنابق في المكان.
قلت له أن البذلة وربطة العنق و حتى القميص تتناسق برونق وأنها تناسبه.وتركت القرار له.
عدت إلى زميلتي أساعدها في محاسبة الزبائن بآلية وغبن. 'نعم وشكرا و من فضلك و إلى اللقاء ' ويتبدل الزبائن.
حين وصل دوره كانت هي من حاسبه واكتفيت بتوديعه بابتسامة.
غاب خلف زجاج المتجر وغاب نهار العمل خلفه.
سيكون العريس وسترف أمامه الجفون بإعجاب .
واحدة فقط هي من ستمسك ساعده وتمشي مختالة بجانبه.
سيقول لها أنها الأحلى .وسيكون سعيدا كأي أمير في خاتمة الحكاية.
شعرت باغتراب ووحدة وبيني و بين نفسي لمت ذاتي و أنبتها.
لم أعهدني حسودة ولم يكن البحث عن عريس من أولوياتي .رفضت أكثر من مرة مشاريع العرسان التي كانت تأتي بها أخواتي وزوجات إخواني.
بين الدراسة و العمل الإضافي والمعارك الحامية الوطيس التي كان يعرفها بيتنا لم يكن هناك مساحة لرجل أختبره أو أحبه أو أحلم به أو معه.
أخذت الفارس إلى منامي كما كان في المرآة وكما رأيته وأنا أرفرف حوله.
مشى بجواري ووضع يده على خصري وكان عادلا.
اقتسمنا السعادة معا و تبادلنا النظرات هادئين كغصنين يرنوان إلى وجه الغدير ولايسعيان إليه.
حكى لي عن حارس خسيس يخونه معي اسمه أحمر الشفاه وعن وصيفة مملة اسمها مشط وعن ربطة عنق تغار فتخنقه كلما زاد اقترابا مني.
ونزعت ربطة عنقه ضاحكة.
ضحكت كما يضحك السعداء من الأطفال ومن العجائز الممتلئة نفوسهم بالرضا.
و أفقت سعيدة غير أنني لم أبق كذلك للأسف.
عكر الحلم صفوي لزمن ليس بالقصير.
و ذاته الحلم شجعني على ترك العمل في المتجر و على إتمام دراستي دون تهاون.
أصبت بهوس تساؤلات متكررة حول مكنوناتي وكان يحدث أن أتردد في مكتبة الجامعة على قسم كتب علم النفس وأدخل في متاهات السيكولوجيا وكلام المفكرين.
وحدها صديقتي نجوى أوقفت دأبي وهي تجد تفسيرا عجيبا أضحكني بجنون مرارا .
كنت أتخيله في مشاهد وأضحك أكثر.
'الرجل ذو البذلة قد يكون حبيبي فعلا و عريسي في حياة أخرى ، في زمن آخر ، في ظروف أخرى.
ربما كنا معا في زمن الدناصير و الكهوف و كنا نشعل النار بالحجر .
ربما كان الدفء في الشتاء هاجسنا الوحيد و كان الحب ملاذنا حين تتبلل الأحجار و تأبى الاشتعال.
روعة البذلة قد لا تكمن في أناقتها بل لعنصر الدفء فيها.
فالدفء الثمين و النفيس كنا لم نهتد بعد لتوفيره لأنفسنا بلباس وفراش وثير.'
أنهيت الدراسة وتهربت من مواضيع العرسان بنجاح منقطع النظير ودون مشادات في البيت .و بدأت أراسل الشركات والمؤسسات التي بدت لي مؤهلاتي مناسبة لها.
استدعيت أكثر من مرة وكان أملي يخيب بموعد كاذب حينا و بعدد طلبات المترشحين المهول أحيانا أخرى.
إلى أن أتاني قدر لم يصنع إلا ليأتيني ويفاجئني .
دخلت مكتب اللجنة المعنية بالاختيار وكان الجالس أمامي شخصا واحدا هو المقرر و المدبر.
كان هو صاحب البذلة ببذلة أخرى وربطة عنق بنفسجية تتخللها خطوط متوازية.
تسمرت أمامه وخفت أن أضيع علي فرصتي في الحصول على وظيفة.
حاولت أن أنسى أنه كان وسيما جدا وأنه لازال وسيما جدا وأنه في الحلم غازلني.
حاولت أن أمثل الخريجة الطموحة المحتاجة لفرصة تثبت بها كفاء تها.
حاولت أن أبقى في اللحظة ولاأخرج منها إلا للحظة التي تليها.
وسألني كما شاء.كان مستريحا وكنت مستسلمة لقدري.
أغيب وأعود إلى استفساراته وبسماته ،إلى الخطوط في المكتب والورق وربطة العنق.
لم نكن متوازيين أبداً.
كان الزبون وكنت البائعة وصار المدير وصرت الباحثة عن عمل.
في المنام وضع يده على خصري و في الواقع حطت يده على بياناتي.
انتهت المقابلة ورافقني إلى الباب ثم الممر.
مددت يدي لمصافحته وتوقف الزمن.
قال أن الوظيفة تناسبني ولو لم تكن كذلك لكان عَدَّلَها حتى تحظى بي.
غدرتني الابتسامة وغادرني الكلام .
لم أرد عليه بشيء. أحسست أنني في كهف بارد وأن خارج الكهف مطر وعاصفة.
سحبت يدي و اعتذرت عن ارتباكي.
تحججت بالتعب وبتغير الفصل ووعدني ضاحكا بأن يعدل الفصل .
قال أتحبينه شتاءً بالخريف أم صيفا بالربيع؟
واستفاق إدراكي على أنني أجمل من أي يوم وأن كل الفصول ستبدأ رحلة أزلية جديدة.
Nassira