بعيدا عن تشتيت ما بعد الحداثة
بعيدا عن تهميش المراكز والضياع في متاهات الهامش
قلتَ لي ..
لكنهم حولونا لـ ” قلعة مصائرَ متقاطعة ”
عالمٌ متخيل ، حقيقي ، دمويّ ، مشتبكٌ ، مفتوح
لتظل الكتابة ناقصة
كلُّ شيء يحدث مكشوفاً ، بألفة ويُسر
وبتلعابٍ لعوب:
الموتُ والنفيُ والتضليلُ وتقطيع الأوصالْ ،
النسفُ والجوع ، والعريُ والعمى ،
فحاولي النسيان ، حاولي
داخل القصيدة وخارجها
داخل الفتنة وبعيدا عنها
قلتُ .. نسيانكَ أم نسيانَ القلعة
لم تجبْ ، وظلت الأسئلة تترى
كنتُ أسعى ما بين النفور والرغبة
بين الثبوت والحركة
وبنور الحدس الذاهب نحو الحقيقة
كنت أرمم الطريق إلى الحرية
لأدخل شباك نورك الأزلي
تلك هي أوريكا أرخميدس اليقينية
التي ما جفت مياهها قط
مُذْ صرخ … وجدتها ، وحتى النضوب
…………………
وما بين الموجودات والجوهر يكمنُ يقيني
وبين الحدس والبرهان يتجلى الشكُّ في عينيك
نبيا يدحض الحقيقة بالاحتمال
وهل من حقيقة قط …!
شكٌّ يأخذني إليه دوما
لأتعلم كيف أطوي سلاسلي
واصعد على المحنة
هكذا قال القديس أوغسطين
لتطويَنا مدارجُ شوقٍ يضرى
حيث يتلقى خصرَك ساعدايْ
ومن راحتيك أشربُ عبير الصباح
………………………….
في الطريق إلى الذرى
كان وجهك يسابقني ..
لمرايا العشب الأخضر
لزجاج الأبواب قبل أن افتحها
للنوافذ التي أُطلُّ على ما وراءَها لأنساك
وعلى الصخور الجبلية السمر
أبصرُ نخلا جنوبيا يعدو
وأرى أناملك الذهبية تقطفُ لي من العناقيد أقصاها
وتنتقي لي من السعف وشاحا لصدري
وشاحاً يكسِّر سواعد الفتنة
ويحمل في نجومِه الأنهارَ والأشجار والرُّقى
فأنسى النسيانَ ، وأفتحُ ذراعيَّ … تعالْ.
……………………….
وأنت تسابقني نحو الضباب المزدان بشجر قامتك
وبالشجى الذي يُغري جذوعَ السنديان بالنشوة ..
على أعطاف الريح الجبلية الباردة
في حفيفها المتكسِّر بين الذرى والوديان
في المياه المتوهجة أسمع صوتك
رائقا ، يطوّق جنون الريح
ويأخذني للينابيع ..
وحدنا .. أنا وأنت .
وحدنا نربكُ الزمنَ ونكسِّرُ القطاراتِ التي دهستنا
وحدنا ، نصفعُ قوانين الغوغاءِ
ونشتتُ الأمكنة والمنطقَ ،
وما خطَّته الأصابعُ اليابسة
وحدنا ، نقتحم السجونَ ومعسكراتِ الاعتقال
ودوائرَ الأمن غيرِ الآمنْ
وبأكفنا البيضاء نحرثُ الأرض مرة أخرى
وبالسفينة ذاتها ،
نحملُ من كل زوجين اثنين
لينهضَ الطوفانُ ثانية
كي أتوجك ملكاً على الخليقة من جديد .
فالربيعُ القادم سيقيمُ أبدا
الربيعُ القادمُ منهمكٌ بالنرجس وعناقيد الضياء
الربيع القادم يتفجرُ زعتراً بريّاً وبلابلَ وحوريات
تنتظرُ وقع خطاك إذ تجيءُ إليْ
وأنت منهمكٌ باكتمال البهجة
تطرز بلآلئ الحزن ثوبا شفافا لقصيدتي الجديدة
فأنت مثلي ،
لا تصدقُ من قال لك .. لا تكن حزينا
الحزنُ صديقٌ سري
أمينٌ كحبٍّ صامت
ورصينٌ كزجاجة عطر ثمين
………………….
في الظلام تنفتح قمةُ الجبل عن كوة يبزغ وجهكَ فيها
تهمسُ القمةُ .. سيأتي إليَّ يوما
صوتك يقولُ .. كان النصلُ موجعاً يا أبا الطيب
وتواصلُ … كان في النهاية يائسا
لم يعطِ السجانَ معصمَهْ
بل أعطى صدرَه لمُغتاليهْ ..
فامنحي النسيانَ للقطاف
وعلقي على أعمدته الزوارقَ الغرقى
علَّ الشواطئ الغائمة تستفيق ..
قلتُ : دع النسيان لآخر المطاف ، وتعالْ .
………………………
حبك يبعثر الحبكة ويدخل الفيزياءَ في مأزق
حبك يعلمني هشاشة العقل ولا حتمية الاندثار
ويعلمني قبل ذلك أن الصوابَ كامنٌ في صميم الخطايا
تلك التي ترتقي بنا نحو اكتمالها
لتكونَ الخلاصَ من عقم الوضوح لغموض الدهشة
نفتح أدراج القلب كنا
وحدنا نفتح محنة الشتاء ونكسِّر أقفاصها
نرتاب بالصحف الأولى
إلا صحيفةً مقدسة تنكشّفُ عن دوحة
حينها لن تقول لي : ماذا فعل الزمنُ بنا
وكيف لعبتْ علينا الحروب
حينها … لن أسألك لمَ لمْ نلتقِ قُبيل الكسوف
وقبل أن تغادر الكؤوسُ اشتعالها لكرسيِّ الحكمة
إذ صارت الدمعة لا تحرقُ وجنتي
والأرضُ تفتح لرقصتي ساعديها
لترفعها إلى السماء جذلى
وتطير بالنشوة الفصول
وحينها … لن تسألني لمَ كذبوا علينا
يوم أخفوا عنا ما حمل آدمُ من دمار في جلدهِ
وهو هابطٌ من جنة المأوى
انتقاما من رائحة التفاح التي علقت بعريه هناك
لن تسألني .. كم حذاءً غريبا داسنا
وفي القرن الحادي والعشرين علّق على الأعواد أمانينا
فالأسئلة قنديلٌ أسود
وجرحي لا يُضاء إلا بوجهك
ووجهك يخاف البرق وحنوَّ الفراديس
وكطفلٍ مرهفٍ يظل أسير ليلٍ يراودنا
وأرائكَ مرَّغها دمُ سفرجلٍ بريء
وحزنُ امرأةٍ تضيءُ في زنزانة
لا تسلني ..
فالألواح تكسَّرت بين الرسول وأخيه
وظلَّ الكهف فارغاً إلا من تينةٍ يبست
وكرومٍ خاوية ظلتْ معرِّشة على الصخور
فالنبوءاتُ أقفلت نوافذها
وتركت النجومَ يابسةً ،
وغارقةً في الديجور
بينما المياه تشتعل في الينابيع ..
د. بشرى البستلني
بعيدا عن تهميش المراكز والضياع في متاهات الهامش
قلتَ لي ..
لكنهم حولونا لـ ” قلعة مصائرَ متقاطعة ”
عالمٌ متخيل ، حقيقي ، دمويّ ، مشتبكٌ ، مفتوح
لتظل الكتابة ناقصة
كلُّ شيء يحدث مكشوفاً ، بألفة ويُسر
وبتلعابٍ لعوب:
الموتُ والنفيُ والتضليلُ وتقطيع الأوصالْ ،
النسفُ والجوع ، والعريُ والعمى ،
فحاولي النسيان ، حاولي
داخل القصيدة وخارجها
داخل الفتنة وبعيدا عنها
قلتُ .. نسيانكَ أم نسيانَ القلعة
لم تجبْ ، وظلت الأسئلة تترى
كنتُ أسعى ما بين النفور والرغبة
بين الثبوت والحركة
وبنور الحدس الذاهب نحو الحقيقة
كنت أرمم الطريق إلى الحرية
لأدخل شباك نورك الأزلي
تلك هي أوريكا أرخميدس اليقينية
التي ما جفت مياهها قط
مُذْ صرخ … وجدتها ، وحتى النضوب
…………………
وما بين الموجودات والجوهر يكمنُ يقيني
وبين الحدس والبرهان يتجلى الشكُّ في عينيك
نبيا يدحض الحقيقة بالاحتمال
وهل من حقيقة قط …!
شكٌّ يأخذني إليه دوما
لأتعلم كيف أطوي سلاسلي
واصعد على المحنة
هكذا قال القديس أوغسطين
لتطويَنا مدارجُ شوقٍ يضرى
حيث يتلقى خصرَك ساعدايْ
ومن راحتيك أشربُ عبير الصباح
………………………….
في الطريق إلى الذرى
كان وجهك يسابقني ..
لمرايا العشب الأخضر
لزجاج الأبواب قبل أن افتحها
للنوافذ التي أُطلُّ على ما وراءَها لأنساك
وعلى الصخور الجبلية السمر
أبصرُ نخلا جنوبيا يعدو
وأرى أناملك الذهبية تقطفُ لي من العناقيد أقصاها
وتنتقي لي من السعف وشاحا لصدري
وشاحاً يكسِّر سواعد الفتنة
ويحمل في نجومِه الأنهارَ والأشجار والرُّقى
فأنسى النسيانَ ، وأفتحُ ذراعيَّ … تعالْ.
……………………….
وأنت تسابقني نحو الضباب المزدان بشجر قامتك
وبالشجى الذي يُغري جذوعَ السنديان بالنشوة ..
على أعطاف الريح الجبلية الباردة
في حفيفها المتكسِّر بين الذرى والوديان
في المياه المتوهجة أسمع صوتك
رائقا ، يطوّق جنون الريح
ويأخذني للينابيع ..
وحدنا .. أنا وأنت .
وحدنا نربكُ الزمنَ ونكسِّرُ القطاراتِ التي دهستنا
وحدنا ، نصفعُ قوانين الغوغاءِ
ونشتتُ الأمكنة والمنطقَ ،
وما خطَّته الأصابعُ اليابسة
وحدنا ، نقتحم السجونَ ومعسكراتِ الاعتقال
ودوائرَ الأمن غيرِ الآمنْ
وبأكفنا البيضاء نحرثُ الأرض مرة أخرى
وبالسفينة ذاتها ،
نحملُ من كل زوجين اثنين
لينهضَ الطوفانُ ثانية
كي أتوجك ملكاً على الخليقة من جديد .
فالربيعُ القادم سيقيمُ أبدا
الربيعُ القادمُ منهمكٌ بالنرجس وعناقيد الضياء
الربيع القادم يتفجرُ زعتراً بريّاً وبلابلَ وحوريات
تنتظرُ وقع خطاك إذ تجيءُ إليْ
وأنت منهمكٌ باكتمال البهجة
تطرز بلآلئ الحزن ثوبا شفافا لقصيدتي الجديدة
فأنت مثلي ،
لا تصدقُ من قال لك .. لا تكن حزينا
الحزنُ صديقٌ سري
أمينٌ كحبٍّ صامت
ورصينٌ كزجاجة عطر ثمين
………………….
في الظلام تنفتح قمةُ الجبل عن كوة يبزغ وجهكَ فيها
تهمسُ القمةُ .. سيأتي إليَّ يوما
صوتك يقولُ .. كان النصلُ موجعاً يا أبا الطيب
وتواصلُ … كان في النهاية يائسا
لم يعطِ السجانَ معصمَهْ
بل أعطى صدرَه لمُغتاليهْ ..
فامنحي النسيانَ للقطاف
وعلقي على أعمدته الزوارقَ الغرقى
علَّ الشواطئ الغائمة تستفيق ..
قلتُ : دع النسيان لآخر المطاف ، وتعالْ .
………………………
حبك يبعثر الحبكة ويدخل الفيزياءَ في مأزق
حبك يعلمني هشاشة العقل ولا حتمية الاندثار
ويعلمني قبل ذلك أن الصوابَ كامنٌ في صميم الخطايا
تلك التي ترتقي بنا نحو اكتمالها
لتكونَ الخلاصَ من عقم الوضوح لغموض الدهشة
نفتح أدراج القلب كنا
وحدنا نفتح محنة الشتاء ونكسِّر أقفاصها
نرتاب بالصحف الأولى
إلا صحيفةً مقدسة تنكشّفُ عن دوحة
حينها لن تقول لي : ماذا فعل الزمنُ بنا
وكيف لعبتْ علينا الحروب
حينها … لن أسألك لمَ لمْ نلتقِ قُبيل الكسوف
وقبل أن تغادر الكؤوسُ اشتعالها لكرسيِّ الحكمة
إذ صارت الدمعة لا تحرقُ وجنتي
والأرضُ تفتح لرقصتي ساعديها
لترفعها إلى السماء جذلى
وتطير بالنشوة الفصول
وحينها … لن تسألني لمَ كذبوا علينا
يوم أخفوا عنا ما حمل آدمُ من دمار في جلدهِ
وهو هابطٌ من جنة المأوى
انتقاما من رائحة التفاح التي علقت بعريه هناك
لن تسألني .. كم حذاءً غريبا داسنا
وفي القرن الحادي والعشرين علّق على الأعواد أمانينا
فالأسئلة قنديلٌ أسود
وجرحي لا يُضاء إلا بوجهك
ووجهك يخاف البرق وحنوَّ الفراديس
وكطفلٍ مرهفٍ يظل أسير ليلٍ يراودنا
وأرائكَ مرَّغها دمُ سفرجلٍ بريء
وحزنُ امرأةٍ تضيءُ في زنزانة
لا تسلني ..
فالألواح تكسَّرت بين الرسول وأخيه
وظلَّ الكهف فارغاً إلا من تينةٍ يبست
وكرومٍ خاوية ظلتْ معرِّشة على الصخور
فالنبوءاتُ أقفلت نوافذها
وتركت النجومَ يابسةً ،
وغارقةً في الديجور
بينما المياه تشتعل في الينابيع ..
د. بشرى البستلني