مهند يونس - فتى المكتبة..

ذلك الشاب الساخط المتذمر ، يُطِلُ من بين ماكينات التصوير ، رافعًا حاجبيه كدلالة على أنه لم يسمع ما يريده الطلاب ، ثم يعود ليدس رأسه في ماكينة التصوير ، التي أقامت وأصابعه علاقة طويلة الأمد ، حتى صار بامكانه التعامل مع آلتين في الوقت ذاته كأنه -ياني- حين يعزف على أكثر من أورغ في آن واحد . تلك الآلة حفظت شكل وجهه أيضًا ، في البداية كان ينزعج من ضوءها الأخضر البرّاق الذي يَلسعُ عينيه ، ثم اعتاد الأمر . بعدما كان يلتبس عليه الامر حين يَهُمُ بطباعة ورقة واحدة ، أصبح الآن يضع سيجارته جانبًا ويعقد رهانًا مع آلته المحبوبة لينتهي من طباعة كتابٍ بسُمكِ عظيمٍ قبل أن تتهاوى السيجارة رمادًا . اعتادت الفتيات على طلبه بالاسم ليقضي لهنّ أمورهن المكتبية من طباعة مستند أو تصوير آخر ولنيل بعضًا من ضحكته الممتزجة بالثقة، حتى غار منه باقي زملائه ممن يكبرونه سنًا . في المساء ، لم يكن يعود للمنزل ، ليس لأنه لم يعد لديه واحدًا ، ولا لأن نصف عائلته مقيمة في بيت خالته والنصف الآخر في بيت عمته ، بل بسبب تلك الغصّة التي تجتاح قلبه من حين لآخر . لقد أمضى في هذا العمل أربع سنوات، وهي مدة كفيلة بأن يمضيها شاب بمثل سنه ليتخرج من الكلية، بشكل أو بآخر لقد تخرج من أكثر من كلية في تلك الليالي التي كان يمضيها في المكتبة .

مهند يونس .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى