نستطيع ــ إذا غابت الأرض ــ
أن نتخيل خارطة,
وحدودا,
ونملأ هذي الحدود نقاطا
لتصبح هذي النقاط دوائر
يطلع من بينها وطن
ووجوه يعششن فيها الغياب
سنسكن ملء ملامحها
نتنقل عبر تضاريسها
ونحاول أن نستعيد الذي مايزال بعيدا
وننظر للأفق المستحيل
هنالك لاصوت تنطقه الخارطة
وهنالك...
لا لون يقفز بين دوائرها
خضرة,
ورمالا
وماء.
هنالك..
لا لون غير الدماء
وغير السراب المراوغ
ها نحن نمتلك الحلم
نحلم أن هنا الدار والباب والمتكأ
وهنا,
زعتر الغور
والكرم
والرائحة..
وزيتونة لم تزل وحدها صابرة
في انتظار الخريف الحزين
ولذع الشتاء
وأقبية النار والمذبحة!
ثم,
شيئا فشيئا
تغيب الظلال
وتطوي المسافة
هذي أصابعنا
لم تزل تمسك اللوحة الغائبة
وتخط خطوطا
لخارطة في الغمام
وتندي بدمع من القلب يصعد
نبحث بين النقاط
وبين الدوائر
بين الخطوط
وبين المعابر
فنجهش حين يخيم فينا السكوت
ولكننا..
أبدا..
لا نموت!
2 ــ الجبل:
قلت:
أستأنس الآن هذا الجبل!
ثم أبني من الصخر بيتي
ــ وغيري يشيد منه البروج
يدشن فيها مواليده
ويتابع دورة أفلاكه
غانما
فاتكا
ويلفلف أحلامه في الشفوف
سوانا..
ــ من الهمل العابرين..
يلاحق مأمنه في الكهوف!
الجبال تدور مع الوقت,
تسطع في وقدة الشمس
فارعة,
تستفز الصعود إليها
وتغري بقمتها المشتهاه
ولكنها تتحدي الوصول
وتلتف هاجعة في الفضاء
وتنشد ملحمة للظلام
تتوج سيرتها بالحتوف
الجبال,
الجبال الرواسي
فضاءات حلم
شغوف,
كهوف,
حتوف,
وأسطورة حملتها الرياح
ودارت بها
ــ وهي معولة ــ
تستحث الخطي
وتشق الصفوف!
*****
صاغرا
عدت من رحلتي
كاسفا, أتساند
ظلي يلاحقني
ــ من أمامي وخلفي ــ
وأوشك أعثر
مصطدما بانهمار الظلال
ومشتبكا بانعقاد الطيوف
ما الذي قد حملت!
ذؤابة ليل تسرب مني
ــ وكان يزين لي صحبة ــ
وبقايا وطان
ــ أحاول تمييزه دون جدوي ــ
وأخدود حزن بقلبي
ــ دفنت به ثلة من رفاق ــ
وثلج بنفسي,
رضيت به,
واطمأنت سمائي
فأمطر يأسا, وهما مقيما
وشكا
رجعت إلي حائط, لم أجده
ومتكأ كان بعض ملاذي
ولكنه مايزال.. الجبل
شاخصا,
فارعا في الفضاء المخيف
ومقتحما للسماء
يخايل
هل أستجير بحرمة هذا الجدار
وأسبخ في جلوات الكشوف!
المدائن مثل سحاب
وترحل في الغيم
لا تستقر
مدن كالخيال المراوغ
تدنو, وتنأي
وتفلت مثل السراب المخادع
هل نحن فيها؟
وهل سكنتنا
وهل شبهت للعيون
أم اخترعتها غواياتنا
وانطفأنا بها!
مدن هشة
تتطاير مثل الغبار
تغوص وتهرب في الذاكرة
مدن للهروب
فمن يسعف الآن للحظة الحاضرة؟
آه.. كيف نصدقها
وهي تقتاتنا
ثم تقذفنا
لمحال خبئ وراء محال!
مدن نشتهي
لوتكون يبابا
وأنا جبال!
3 ــ رؤيا:
رأيت الذي لايراه سواي
فقلت لنفسي:
لو أني نطقت بما أسعدتني به الحال
ما صدق الناس
وارتاب أكثرهم في يقيني وظني
وقالوا: له الله
يهذي بما ليس يدري
ويبصر مالا يري
ويضل ضلالا بعيدا
له الله!
فعلا لي الله
ــ قد لايكون الذي حرت فيه جديدا ــ
وماذا أرجي من الغافلين
وهم في عمايتهم بين بين
فآنا يرون,
وآونة لا يرون!
وماذا أريد من العصبة الفاتكية
وقد أمسكوا برقاب العباد
ولكنهم في ختام المطاف
حثالة هذا البشر!
وماذا إذا بحت بالسر؟
هل يقتلوني؟
منذ قديم يباح دم العاشقين
ــ إذا نطقوا أو أشاروا ــ
وهل يطلقون لساني قسرا
فلا أتوقف؟
حتي يروا قاع نفسي
ومكنون ذاكرتي
ونفائس مقتنياتي
وغيبي وصحوي
وحتي أري عاريا
قد خرجت كما قد ولدت
بلا شملة أو دثار
ــ لماذا يريدوننا هكذا دائما
أن نكون عراة؟ ــ
وساعتها يطمئنون لي
ثم يفسح شيخهمو لي مكانا
لعلي أجالسهم وأقول الذي لم أقله
ـ الذي لايراه سواي ــ
فأحكم إغلاق نافذتي
ــ حين أطرق في داخلي ــ
ثم أبكي!
*****
رأيت يدا من بعيد تمد
فأدركت أن النهاية حانت
وأني أشدإلي موقف الهول
فارتعت,
يا للغرابة!
كيف تضعضعت حين أتي ذكر هذا الذي
ليس منه مفر!
وكيف تداخلت ملتمسا بعض نفسي
وبعض اعتدادي وزهوي بأمسي
نسيت, فأنكرت!
حين تذكرت.. أيقنت..
ماعاد متسع للخيال
ولا أفق في البعيد يهل
ولا وجه أيقونة
في حميا صلاتي يطل
ورؤياك ــ ياشيخنا ــ باطلة
تظل مهومة في الفضاء العريض
محلقة بين بين
فلا هي هابطة للعباد
ولا هي صاعدة للسماء
هي البرزخ القانص العابرين
ليوقعهم في جحيم السؤال!
فأين الخلاص,
وكيف النجاة؟
رأيت.
فلملمت نفسي,
وسرت!
أن نتخيل خارطة,
وحدودا,
ونملأ هذي الحدود نقاطا
لتصبح هذي النقاط دوائر
يطلع من بينها وطن
ووجوه يعششن فيها الغياب
سنسكن ملء ملامحها
نتنقل عبر تضاريسها
ونحاول أن نستعيد الذي مايزال بعيدا
وننظر للأفق المستحيل
هنالك لاصوت تنطقه الخارطة
وهنالك...
لا لون يقفز بين دوائرها
خضرة,
ورمالا
وماء.
هنالك..
لا لون غير الدماء
وغير السراب المراوغ
ها نحن نمتلك الحلم
نحلم أن هنا الدار والباب والمتكأ
وهنا,
زعتر الغور
والكرم
والرائحة..
وزيتونة لم تزل وحدها صابرة
في انتظار الخريف الحزين
ولذع الشتاء
وأقبية النار والمذبحة!
ثم,
شيئا فشيئا
تغيب الظلال
وتطوي المسافة
هذي أصابعنا
لم تزل تمسك اللوحة الغائبة
وتخط خطوطا
لخارطة في الغمام
وتندي بدمع من القلب يصعد
نبحث بين النقاط
وبين الدوائر
بين الخطوط
وبين المعابر
فنجهش حين يخيم فينا السكوت
ولكننا..
أبدا..
لا نموت!
2 ــ الجبل:
قلت:
أستأنس الآن هذا الجبل!
ثم أبني من الصخر بيتي
ــ وغيري يشيد منه البروج
يدشن فيها مواليده
ويتابع دورة أفلاكه
غانما
فاتكا
ويلفلف أحلامه في الشفوف
سوانا..
ــ من الهمل العابرين..
يلاحق مأمنه في الكهوف!
الجبال تدور مع الوقت,
تسطع في وقدة الشمس
فارعة,
تستفز الصعود إليها
وتغري بقمتها المشتهاه
ولكنها تتحدي الوصول
وتلتف هاجعة في الفضاء
وتنشد ملحمة للظلام
تتوج سيرتها بالحتوف
الجبال,
الجبال الرواسي
فضاءات حلم
شغوف,
كهوف,
حتوف,
وأسطورة حملتها الرياح
ودارت بها
ــ وهي معولة ــ
تستحث الخطي
وتشق الصفوف!
*****
صاغرا
عدت من رحلتي
كاسفا, أتساند
ظلي يلاحقني
ــ من أمامي وخلفي ــ
وأوشك أعثر
مصطدما بانهمار الظلال
ومشتبكا بانعقاد الطيوف
ما الذي قد حملت!
ذؤابة ليل تسرب مني
ــ وكان يزين لي صحبة ــ
وبقايا وطان
ــ أحاول تمييزه دون جدوي ــ
وأخدود حزن بقلبي
ــ دفنت به ثلة من رفاق ــ
وثلج بنفسي,
رضيت به,
واطمأنت سمائي
فأمطر يأسا, وهما مقيما
وشكا
رجعت إلي حائط, لم أجده
ومتكأ كان بعض ملاذي
ولكنه مايزال.. الجبل
شاخصا,
فارعا في الفضاء المخيف
ومقتحما للسماء
يخايل
هل أستجير بحرمة هذا الجدار
وأسبخ في جلوات الكشوف!
المدائن مثل سحاب
وترحل في الغيم
لا تستقر
مدن كالخيال المراوغ
تدنو, وتنأي
وتفلت مثل السراب المخادع
هل نحن فيها؟
وهل سكنتنا
وهل شبهت للعيون
أم اخترعتها غواياتنا
وانطفأنا بها!
مدن هشة
تتطاير مثل الغبار
تغوص وتهرب في الذاكرة
مدن للهروب
فمن يسعف الآن للحظة الحاضرة؟
آه.. كيف نصدقها
وهي تقتاتنا
ثم تقذفنا
لمحال خبئ وراء محال!
مدن نشتهي
لوتكون يبابا
وأنا جبال!
3 ــ رؤيا:
رأيت الذي لايراه سواي
فقلت لنفسي:
لو أني نطقت بما أسعدتني به الحال
ما صدق الناس
وارتاب أكثرهم في يقيني وظني
وقالوا: له الله
يهذي بما ليس يدري
ويبصر مالا يري
ويضل ضلالا بعيدا
له الله!
فعلا لي الله
ــ قد لايكون الذي حرت فيه جديدا ــ
وماذا أرجي من الغافلين
وهم في عمايتهم بين بين
فآنا يرون,
وآونة لا يرون!
وماذا أريد من العصبة الفاتكية
وقد أمسكوا برقاب العباد
ولكنهم في ختام المطاف
حثالة هذا البشر!
وماذا إذا بحت بالسر؟
هل يقتلوني؟
منذ قديم يباح دم العاشقين
ــ إذا نطقوا أو أشاروا ــ
وهل يطلقون لساني قسرا
فلا أتوقف؟
حتي يروا قاع نفسي
ومكنون ذاكرتي
ونفائس مقتنياتي
وغيبي وصحوي
وحتي أري عاريا
قد خرجت كما قد ولدت
بلا شملة أو دثار
ــ لماذا يريدوننا هكذا دائما
أن نكون عراة؟ ــ
وساعتها يطمئنون لي
ثم يفسح شيخهمو لي مكانا
لعلي أجالسهم وأقول الذي لم أقله
ـ الذي لايراه سواي ــ
فأحكم إغلاق نافذتي
ــ حين أطرق في داخلي ــ
ثم أبكي!
*****
رأيت يدا من بعيد تمد
فأدركت أن النهاية حانت
وأني أشدإلي موقف الهول
فارتعت,
يا للغرابة!
كيف تضعضعت حين أتي ذكر هذا الذي
ليس منه مفر!
وكيف تداخلت ملتمسا بعض نفسي
وبعض اعتدادي وزهوي بأمسي
نسيت, فأنكرت!
حين تذكرت.. أيقنت..
ماعاد متسع للخيال
ولا أفق في البعيد يهل
ولا وجه أيقونة
في حميا صلاتي يطل
ورؤياك ــ ياشيخنا ــ باطلة
تظل مهومة في الفضاء العريض
محلقة بين بين
فلا هي هابطة للعباد
ولا هي صاعدة للسماء
هي البرزخ القانص العابرين
ليوقعهم في جحيم السؤال!
فأين الخلاص,
وكيف النجاة؟
رأيت.
فلملمت نفسي,
وسرت!