أمين الجندي - قصيدة التوسلية

تَوَسلت بِالمُختار أَرجى الوَسائِلِ = نَبيٌّ لِمثلي خَير كافٍ وَكافِلِ
هُوَ الرَحمَة العُظمى هُوَ النعمة الَّتي = غَدا شُكرها فَرضاً عَلى كُل عاقِلِ
هُوَ المُصطَفى المَقصود بِالذات ظاهِرا = مِن الخَلق فَاِنظُر هَل تَرى مِن مُماثل
نجيُّ إِلَهِ العَرش لا بَل حَبيبُهُ = وَخَيرَتهُ مِن خَير أَزكى القَبايل
شَمائِلُهُ تَنبيك عَن حُسن خلقه = فَقُل ما تَشا في وَصف تِلكَ الشَمائِل
وَأَخلاقهُ فاه الكِتاب بِمدحِها = وَلا سِيما الأَعراض عَن كُلِ جاهِلِ
نَبيُّ هُدىً سَنَّ التَواضع عَن عُلا = فَحَلَّ مِن العَليا بِأَعلى المَنازِلِ
تَقيُّ تَردى الجود وَالحلم حِلَةً = تجسم فيها المَجد بَعدَ التَكامُلِ
وَفي الحَرب وَالمِحراب نور جَبينِهِ = يَريك شُعاع الشَمس مِن غَير حائِلِ
لَهُ النَسب الوَضاح وَالسُؤدد الَّذي = تَسامى عَلى هام السُهى بِالتَطاوُلِ
يَقولون لي هَل لا اِبتَهجت بِمدحِهِ = فَإِنَّك ذو فهم كَفهم الأَوائل
فَقُلت لَهُم هَل بَعد مَدحةِ رَبِنا = وَخدمة جبريل مَجال لقائِلِ
وَأَين الثَنا مِمَن رَأى اللَه يَقظَةً = وَقامَ يُناجي رَبُهُ غَير ذاهل
وَلَكنهُ بَحر البُحور تَواصَلَت = لِافضالِهِ بِالمَدح كُل الأفاضل
دَعَوتك يا اللَه مُستشفِعاً بِهِ = فَكُن منجدي يا مُنتَهى كُل آمل
سَأَلتك كَشف الضر عَني بِجاهِهِ = وَحاشاك أَن لا تَتسجيب لِسائِلِ
الهي قَد اِشتَدَت كُروبي وَلَيسَ لي = سِواك مُغيث في الخُطوب الغَوائِلِ
إِلَهي تَدارك ضعف حالي بِرَحمة = وَلُطف خَفيٍّ عاجل غَير آجل
فَإِني جَزوعٌ لا صَبورٌ عَلى البَلا = وَدائي عضال لا مَحالَة قاتِلي
وَفي علَتي حار الطَبيب فَكدت أَن = أَجاوز حَدَّ الياس مِن ذي العَواضِل
وَبِالسَقم أَعضائي اَضمحلت جَميعها = فَلَم يَبقَ مِنها مفصلٌ غَير ناحل
وَمِن فَرط ما بي مِن نحول وَلَوعة = بَكَت رَحمَةً لي حَسَدّي وَعَواذِلي
فَمِن لِأَسير الذَنب مِن وَرطة البَلا = بِفَك قيودٍ أَو بِقَد سَلاسل
كَأَني غَريبٌ بَينَ قَومي وَمالَهُم = شُعورٌ بِإِشعاري وَلا في رَسائِلي
أَنادي فَلا أَلقى مُجيباً سِوى الصَدا = فَاِحسب إِن الحَي لَيسَ بِآهل
وَإِني إِذا ما رُمتُ خلّاً مُوافيا = فَقَد رُمتُ شَيئاً عزَّ عَن كُلِ نائِلِ
وَهَل مُشفق القاه اِرحَم مِن لَظى = حَشائي وَمِن قاني دُموعي الهَوامل
أَلا لَيتَ شعري هَل تَفَرَدَت في الوَرى = بِكَسب الخَطايا وَاِرتِكاب الرَذائِلِ
وَمِن دون كُل الخَلق عولِجَت بِالأَسى = قَصاصاً وَحَسبي زَلَتي وَنَصائِلي
فَإِن كانَ هَذا بِالذُنوب وَلَيسَ لي = شِفاءٌ وَجسمي داوه غَير ناصل
فَإِني بِطَه مُستغيث وَراغب = إِلى اللَهِ فَهُوَ الغَوث في كُل هائِل
وَإِخوانهُ الرُسل الكِرام جَميعُهُم = وَباقي النَبيين البُدور الكَوامل
وَبِالخلفاء الراشِدين وَآلهِ = وَأَصحابِهِ الغُر الثِقات الأَماثل
خُصوصاً رَفيق الغارذي الرَأي وَالحجى = أَبي بَكرٍ الصِديق صَدر المَحافل
إِمامٌ فَدى خَير الأَنام بِنَفسِهِ = وَفي مالِهِ ما كانَ قَط بِباخِل
وَفي درءِ تلك الفتنة اِختَصَّ وَحده = وَلَولاه لارتدت جَميع القَبائل
كَذاكَ أَمير المُؤمنين وَعزهم = اَبو حَفصٍ الفاروق محيي النَوافل
فَتى أَيَّد الإِسلام فيهِ وَاقمعت = بِهِ البدعة السَوداء رَغماً لِناكل
بِعُثمان ذي النوبين من جَمَعَت بِهِ = يَجمَع كِتاب اللَه كُل الفَضائل
وَمَن لزم المِحراب طولَ حَياتِهِ = وَماتَ شهيداً صابِراً غَير صائل
بِقالع باب الخَيبريّ الَّذي اِغتَدى = لِراية جَيش النَصر أَعظَم حامل
عَلى أَبي السبطين في صَدرة الوَغى = مُبيد العِدى لَيث الحُروب المَداحل
بِطلحتهم ثُم الزُبري وَسَعدهم = كَذاكَ سَعيد مِن سَما بِالفَضائل
بصدق أَبي عَوف بِذي الهمة الَّتي = يَدكُّ لَها في الباس صُم الجَنادل
بِفاتح قَطر الشام سَيدنا أَبي = عُبَيدة كَشاف الحُروب العَواضل
بِحَمزة بِالعَباس عَمي نَبينا = بَسبطيهِ بِالزَهراءِ عَين الأَماثِلِ
بِمَن شَهِدوا بَدراً وَقَد اِثخنوا العِدى = بِبيضٍ حِدادٍ أَو بِسُمرٍ ذَوابِل
بِسَطوة سَيف اللَه ذي الباس خالِدٍ = فَتى الحَزم ماضي العَزم زاكي الخَصائل
أَمير بَني مَخزومٍ الشَهم مَن غَدا = بِبر يَمين المُصطَفى خَير حافل
وَمِن ثُمَ يَوم الفَتح سَبعون سَيداً = سَقاها كُؤوس الحَتف بَين الجَحافل
وَعادَ كَأَكباد البخات دَم العِدى = عَلى درعِهِ لا سيَّ فَوق الكَواهل
وَما كانَ هَذا مِنهُ إِلّا بِرؤية = يا مر الهيٍّ بَعيد التَناول
بِسائر حفّاظ الحَديث بِمَن غَدا = بِتَفسيره للحبر أَو لمقاتل
بِأَحمَد بِالنُعمان ثُمَ بِمالك = وَبِالشافِعي بَحر النَدى وَالمَسائل
وَبِالعُلماء العاملين ذَوي الهُدى = وَاتباعه مِن كُل حبرٍ وَفاضل
وَبِالأَولياء العارِفين وَبازهم = أَبي صالح مَن قالَ ما في المَناهل
بِمَن لَزِموا بَر الشَريعة فَاِنجَلى لَهُم = بَحر قُدس الذات مِن غَير ساحل
أَجرني وَاِنقذني مِن الهَم وَالعَنا = فَغَيرُك مالي مَلجأ في النَوازل
وَهَذا خِتام الصَوم تَصطَنع الجدا = بِهِ الأَسخيا مَع كُل سام وَسافل
وَفي العيد عادات الكِرام لَقَد جَرَت
pixel.gif
=
pixel.gif
بِبر اليَتامى وَاِفتِقاد الأَرامل
pixel.gif


وَها أَنا مُحتاج فَلا تُكُ قاطِعاً = حِبال رَجائي مِنكَ يا خَير واصل
فَإِنَّك أَولى بِالمَكارم مِنهُمُ = وَاجدر بِالإِحسان مِن كُل باذل
فَحاشا ظُنوني إِن تَرد بِخَيبة = وَفي بابك المَأمول حَطَت رَواحِلي
فَإِن كانَ في العُمر اِنفِساحٌ فَعافِني = مِن السقم وَاِرحَم يا رَحيم تَناحلي
وَإِن تَكُ قَد حانَت وَفاتي فآوِني = لِدار نَعيم عَزها غَير زائِلِ
وَثَبت عِلى التَوحيد قَلبي وَمُنَّ لي = بِخاتِمَة الإِيمان مِن غَير فاضل
وَكُن لي رَحيماً في البَلاء وَفي البَلى = بَدُنيا وَأُخرى يا رَجا كُل سائِلِ
وَدُم راضياً عَني كَذاكَ وَمُرضياً = خُصومي وَيَوم العَرض لا تُكُ خاذِلي
فَإِني أَرى الدُنيا سَراباً وَأَهلُها = أَحاديث يَرويها الزَمان لِناقِلِ
وَما الكَون إِلّا كَالهَباء لِناظر = أَو الخَط في مستجر ذي جَداول
وَإِني لِراض بِالقَضاء وَما تَشا = وَعِندي يَقينٌ أَن لُطفك شامِلي
وَلَكِنَّني أَشكو البَلا لَك لا القَضا = لِأَنَّك أَنتَ الحَق اعدل عادل
وَلِلغَير لا أَشكو وَإِن سامَني الرَدى = وَفَصَّلَ فَصّالَ المَنايا مَفاصِلي
وَعَن رُتبة التَسليم في كُلِ حالَةٍ = فَوادي وَإِن ناجاكَ لَيسَ بِنازِلِ
وَحَبَّة قَلبي في مَعانيك أَنبَتَت = بِقُدس سَواد اللَيل سَبع سَنابل
تَعَرَفَت لي من قَد الست بِزَرعِها = فَلَم أَسقِها غَير الدُموع الهَواطِلِ
وَبِالكُتم مِن بَعد الحَصاد دَرَستُها = بِلبٍ خَلا عَن فِكرَةٍ وَتخايل
وَلا بَرِحتُ قَوَتي مَع الفَقر وَالغِنى = وَقوت عَيالي في الضُحى وَالأَصائل
إلا ما أَلذ القُرب بَعدَ النَوى وَما = أَمر الجَفا وَالهَجر بَعد التَواصل
تَبَرأت مِن حَولي إِلَيك وَقوَتي = وَمِن عَملي وَالعلم ثُمَ التَفاضل
لِتَقطَعني بِالقُرب عَن كُل قاطِعٍ = وَتَشغلني في الحُب عَن كُلِ شاغل
أَشاع الوَرى عَني عداتي وَاظهروا الـ = شماتة فيما بَينَهُم بِالتَداول
وَبِالمَوت لَم يَشمت بِمثلي تَشفياً = مِن الناس إِلّا كُل باغٍ وَباسل
أَلَيسَ الوُجود الحَق ذاتي بِلا مَرا = وَهَذي البَرايا كُلَها محض باطل
فَلا يَحسَب المَغرور إِني مُضيعٌ = زَماني سُدى ما بَينَ هاذٍ وَهازل
فَدَع عصبة البُهتان تَفعل ما تَشا = فَما اللَهُ عَمّا يَفعَلون بِغافل
فَمِن أَينَ للخفاش أَن يُبصر الضِيا = وَهُل يَألف الجعلان وَرَد الخَمائل
وَمني عَلى روحي الصلوة مُسلِماً = وَأَصحابِهِ وَالآل مَع كُل كامل
مَدى الدَهر ما الجُندي أَنشد قائِلاً = تَوسلت بِالمُختار أَرجى الوَسائل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى