بابكر الوسيلة سر الختم - الوَرْدَةُ في مَشَارِقِھَا.. شعر

أنا أُحبُّكَ یا محمد خلف الله عبد الله
یا مُفَكِّر الھدوءِ الھائل
یا أخي وصدیقي..

إلى فتحي عبد الله
قَطْرَةُ الأبدیَّة المتبقِّیة للشِّعر..

الوَرْدَة

لِلْقَصِیدَةِ مِنِّي التَّحِیَّةُ
والتَّجِلَّةُ
والرُّكوعُ على نشیدِ العمرِ..
ثمَّ السُّجُودُ لجَوْھَرِ الأشیاءْ
ولَھَا مِنِّي مَصَبُّ الرُّوحِ في شریانِھا
ولَھَا غِنَاءُ دَمِي المجیدُ یَصُبُّ في بُسْتَانِھا
ولَھَا عليَّ الصَّبْرُ فوقَ سُھُولِھا
والعُرْيُ عندَ ھُطُولِھا
والنُّضْجُ بین حُقُولِھَا..
أُمَارِضُھَا فَتُمْرِضُنِي
أُعَارِضُھَا فَتَعْرِضُنِي
فَھْيَ القضیَّةُ والعصیَّةُ والقصیَّةُ
وھِيَ المرأةُ الحُرَّةُ، الطِّفْلُ
والرَّجُلُ الشَّرِیفُ
أُسَابِقُھا فَتَسْبِقُنِي
أُمَاطِلُھَا فَتَلْحَقُنِي

فَھْيَ السَّرِیعةُ مثلَ بَرْقِ العاطفة
وھْيَ البطیئةُ مثلَ صوتِ الخائفة
فَلَھَا مِنِّي الخریفُ
ولَھَا عليَّ الصَّمْتُ حینَ تُضِیفُ
شَیْئَاً إلى جَسَدِي وذاكرَتِي
ولَھَا عليَّ الانتظارُ أمامَ نافذتِي
فَھْيَ الحبیبةُ والرَّصِیفُ
وھْيَ المَحَبَّةُ.. إذْ تُخِیفُ.

(1)
المصَابِیحُ لا تَسْتَرِیحُ
أمامَ الكلامِ
ولا تستطیعُ دخولَ الظَّلامِ
بمفردِھَا
ولو تخسرُ الأبدیَّة.
(2)
آهِ یا....
ھل تعودُ الطُّیورُ
إلى عُشِّ أیَّامِھا الجمیلاتِ
على شارعِ النِّیل
ھل یبعثُ المستحیل
رسائلَ أشواقِھِ
إلى مَن یُحِبُّ
مِن القارئینَ البلادَ..
واللابسینَ الجِیَادَ..
والعارفینَ الرَّماد.
ھل یقولُ
سلاماً علیكم..
ویقفزُ فوقَ الأبَد.
أمْ یعودُ

لیقرأَ أشعارَهُ النَّائحاتِ
على مَن فَقَد؟!.
(3)
أُغَنِّیكِ
طفلةَ شَمْسِي القویَّةِ
أُغنِّیكِ
یطفو دمي بالزُّھورِ/ الجُھَالْ
ویعلُو سَمَائي بِبَسْمَتِكِ الشَّاعریَّةِ
أكونُ الجمیلَ بحُضْنِكِ..
الغَزِیرَ بأُمِّكِ في غابةِ الأبدیَّة
العَزِیزَ على جَبَھَاتِ الرِّجَالْ.
(4)
أتى عليَّ البحرُ
ذاتَ عَشِیَّةٍ
فضحكتُ منْھُ
واستَسْلَمْتُ
خلعْتُ تاجي
لكنَّھُ في آخرِ الأمواجِ
كانَ ھُوَ الضَّحِیَّة.
(5)
في الظَّھیرةِ،
حیثُ وحدي أرَى البشریَّةَ
في تاجِھا الھزليِّ..
أُنادِي الجمیعْ
فأُدْخِلُھُم بَھْوَ صمتي الوسیعْ
أقولُ لَھُمْ:
الشَّھادَةُ
مكتوبةٌ في التُّرابِ
وفي المعطفِ الوطنيِّ
منذُ الأَزَلْ
فقط..
لو نستطیعُ التَّعَرِّي

أمامَ الحیاةِ
ولو نستطیعُ صُعُودَ
الأَمَلْ.
(6)
سأنادیكم أیُّھا النَّاس
وأنا أعلمُ حیوانیَّةَ الرُّوحِ التي فیكم
سأقاضیكم بھذي الكاس
وأنا أُرَبِّیكم.
(7)
سجنٌ ھو الماضي
والذِّكْرَى ھي السَّجَّان
وأصیحُ في الحاضر
كُنْ أَھْلاً بھذا (الآن)
رغمَ فداحةِ الإنسان.
(8)
بلادي
أحبُّكِ أكثرُ مما تتصوَّرین
فقط افْھَمِي
فكرةَ أن یعشقَ الواحدُ مِنَّا
بِذْرَةً تَتَرَبَّى
وتَكْبُرُ في معاني الطِّین.
(9)
یَغْرَقُ جِسْمُكِ
مِنْ أَثَرِ الضَّحكةِ
في ذاتِك..
فتصیرینَ مُجَرَّدَ نھرٍ
نھر الرُّوح
وأصیرُ البَرَّ المفضوح
ورایاتِك.
(10)

رجلٌ قَصِيٌّ
في نشیدِ حیاتِھِ بالآخرینْ
أَحَبَّ زَیْنَبَ وانْتَحَب
فَأَحَبَّ ذاكرةَ الخُطُوطِ على الیَدَیْن
غَنَّى لھا في اللَّیلِ
في وَرْدِیَّةِ الأحلامِ
أحلى الأغنیاتْ
وبَكَى لھا
من أجْلِھا ما مَاتَ
لكن مَاتْ.
(11)
تأخُذُ الحیاةُ
الكثیرَ الكثیرَ من الأغنیاتْ
فلا تُعْطِھَا أكثرَ مما تستحقُّ
من الذِّكریاتْ.
(12)
ھِيَ أغلى ذكرى/ أغلى إنسان
حین تقولُ تَفَضَّلْ
یا صاحبُ
ھذي الكاسْ!
ھِيَ أجملُ لحظاتِكَ
بین الناسْ..
فتَخَیَّرْ ما تخطفُھُ من إحساس
وتَخَیَّلْ لحظاتِ النِّسْیَان.
(13)
أسألُ دائماً:
كیف نسرقُ الحیاةَ
من أسوارِھَا
وكیف دائماً وراءَنَا
نُخَلِّفُ الأَثَرْ.
(14)

الحمیرُ ترى دربَھا
من أوَّلِ البیتِ إلى آخِرِ عُشْبٍ
على ظھرِھا المستدیرْ
تَحْمِلُ آمالَ عَامِلْ
وتسیرُ إلى رِزْقِھِ العادلْ
وغِنَاهُ الفقیر.
والحمیرْ..
لا تَمَلُّ الطَّریقَ العَسِیر
ھِيَ قُوَّةُ الأرضِ فینا
ونَخْوَةُ ھَمِّ الأسیر.
لا تشتكي من سِیَاطِ المَعَایِشِ
لا تشتكي من بِلاطِ الأَمیرْ.
عَلَّمُوھَا فقط أنْ تَسِیرْ
مُطَأْطَأةَ الرَّاسِ
وأنْ تتلقَّى مَعَ النَّاسِ
نَفْسَ المصیرْ.
(15)
(عَتَّالَةُ) الأَیَّامِ
بالشَّيْءِ القلیلْ..
حَمَلُوا بضاعتَھُم من الماضي
وأیدیھم إلى مستقبلِ الذِّكْرَى الذَّلیل.
(16)
في البیتِ
نعرفُ كیف نَدُسُّ الخَطَایا
وكیفَ نَدُوسُ على الحلمِ
في كأسِ شَيْءٍ عزیزٍ علینا
وكیفَ نُؤَرِّخُ للَّحْظَةِ الغَجَرِیَّةِ؛
للقُبْلَةِ البَدَوِیَّةِ
في عَتَمَاتِ المَرَایا.

في البیتِ
نَجْھَلُ خارجَنَا ؛ نِعْمَةً،
ونَدْخُلُ لیلَ الزَّوَایا.
(17)
لا أستطیعْ.
...
دمي ھائجٌ
وقلبيَ یَعْدَمُ الذِّكْرَى
وبلادي لا تُؤَھِّلُنِي للوُصُول
لعینیكِ لحظةَ الأغنیة.
لا أستطیعْ.
(18)
كَمْ أنتِ غائبةٌ عَنِّي!
أیَّتُھا الحیاةُ
كَمْ أنتِ حُلْوَةٌ وأحتاجُك!
راسِلِیني ولو على جناحِ
بَعُوضَة.
(19)
تجلسُ
...
أَيُّ مقعدٍ یَحْمِلُ حُزْنَك؟
أیَّةُ أَبَدِیَّةٍ تُوَاسِیك؟
وأنتَ ترمي العالَمَ
في العَدَمِ الھائلِ
مثلَ قطعةِ ذِكْرَى فارغة..
أیَّةُ
قَسْوَةٍ تُغَنِّیك؟
بینما تجلسُ أنتَ وأنتَ
وبینكما شَيْءٌ مُحَطَّم.
(20)

أُحِبُّكِ والقلبُ طِین
والشوقُ نھرٌ صغیرٌ
یرفرفُ بالطیِّبین..
كُلّما اجتاحَنِي مَوْجُھُ
صَعَدْتُ
أُصَلِّي على جبلٍ
في مقامِ الحنین.
(مَوْتِي
على رایةِ العاشقین).
...
...
آمینْ!.
(21)
العالَمُ
كادَ ینتھي.
...
...
والحیاةُ لم تبتدئ بَعْدُ
حُبُّنَا لم یبتدئ
قَلْبُنَا لم یمتلئ
والأصواتُ لا تَصلُ.
العالَمُ كادَ ینتھي.
ألا نَخْجَلُ!.
(22)
اصْمُتُوا
ولو مَرَّةً واحدةً
جَرِّبُوا!.
فھْوَ الوحیدُ الطریقُ
البعیدُ العمیقُ

النشیدُ الذي على الأرضِ
لا یكذبُ
الوحیدُ الذي یكتُبُ.
جرِّبُوا!.
(23)
یا صاحبي..
لنَزْرَعَ في الأرضِ
جُرْحَاً یؤكِّدُنا إنْ خَرَجْنَا
جُرْحَاً یلیق بنا
في سطوعِ الغیابْ
جُرْحَاً
بحجْمِ رایتِنَا كِتَابْ.
(24)
لقد عَلَّمَتْنِي الحیاةُ القصیرةُ
كیفَ أموتُ متى ما أَشَاءْ..
وقد عَلَّمَتْنِي الحبیبةُ
أن أُمْسِكَ الدَّمْعَ
وأبكي علیكم جمیعاً
جُثَثَاً تحتَ الغطاءْ..
وقد عَلَّمَتْنِي رُطُوبةُ ھذا النِّدَاءْ
أنَّ الذي غابَ
قبل أن نشربَ الأرضَ كأسَیْنِ
بینَ نِكَاتِ المساءْ..
سیبكي عَلَيَّ
ویُھْدِي إلَيَّ
دُمُوعي مع الأصدقاءْ.
(25)
إیھ..
قلبي بعیدٌ بعیدٌ..
كَمْ طَعْنَةٍ في حروبِ الحُبِّ
كي أَلْتَقِیھ!.

(26)
أَسِیرُ مَعَكْ
أُحِسُّ بأنَّنِي أُشْبِھُكْ
وأنَّنِي طائرٌ
یحاولُ أنْ یَلْقُطَ إِصْبَعَكْ.
لكنَّ شیئاً ما یَفِرُّ.
إنِّي أُحِبُّكَ
إذْ أَكْرَھُكْ.
(27)
بینَ ھذا المكانْ
كیفَ
تُرَانِي..
أَقْبِضُ فأرَ الزَّمَانْ؟.
(28)
قبل أن تنام..
علیكَ أن تنظِّفَ أسنانَكَ
من بقایا الكلامِ المیِّتِ؛
علیك أن تُحْصِي
عددَ المشانقِ في فَمِكَ
وأنْتَ تَقْضُمُ الوقتَ
بِنْتَاً فبِنْتَاً
على حجَرٍ مُسْتَلَفٍ،
بین ثعابینِ الشَّجَرِ المُتَشَابِھ.
قبل أن تنام
علیك أن تنظُرَ
عَبْرَ الشِّبَّاكِ إلى العالَم..
لترى: كَمْ أنْتَ تَافِھ!.
(29)

یدٌ تُحَیِّیكَ بعطرِ البَشَاشَة..
یَدٌ تَجِیئُكَ بالوردةِ العاریة..
یَدٌ لا تَخَاف
یَدٌ تَجِيءُ من الخلفِ تَطْعَنُ؛
یَدٌ
لا
تُجَابِھ.
یَدٌ لصدیقٍ
على بُعْدِ عشرینَ مدینة..
تَجِیئُكَ كُلَّ صباحٍ
تُقَاتِلُ
مَعَكَ المُتَشَابِھ.
(30)
أَطْفَأْنَا في الخارجِ
صوتَ العالَمِ،
في الماءِ خَلَقْنَا للنَّھْرِ لساناً
وعیوناً
وخَلَقْنَا للأرضِ حناناً
ورَقَصْنَا في سَكَرَاتِ المَوْجِ
تَقَرْفَصْنَا
خَشْخَشْنَا الذَّاتَ القُصْوَى
حینَ مَشَیْنَا في الصَّمْتِ
إلى
أَسْفَلَ
غِبْنَا..
خَلَّفْنَا عُمراً في اللَّحْظَةِ،
رائحةً في اللَّوْنِ،
وبِتْنَا مَحْضَ دُخَانَیْنِ الْتَقَیَا
في
ھذي الذِّكْرَى
أَلتَّجْلُسُ قُرْبَ النَّھْر.
(31)

في دَوْرَةِ اللَّحْظَةِ ذاتھا
كَمَا تَرَى: فَمٌ في فَمٍ
وراءَ
شَجَرَةٍ في الطُّفولةِ،
نِسْیَانٌ یَرِكُّ..
تَنْفُشُ اللَّحْظةُ رِیشَاً وتُغَنِّي
دَمٌ یَمْلُصُ دَمَھُ
في اللَّیلِ یُمَزِّقُھُ
ویَحِنُّ إلَیْھ.
في اللَّحْظةِ ذاتِھا
تَھْبِطِینَ عَلَيَّ
على كُلِّ ما لا یُمَسُّ
مِنْ أیَّةِ غَیْمَةٍ تَشَھَّقْتِ فِيَّ؟!
من أیَّةِ غابةٍ اقتلعتِ شَوْكَةَ ھذا الحنانِ؟
ومن أیَّةِ رِیحٍ جاءتِ العاطفة؟.
أقولُ لَكِ:
الأبدیَّةُ ھي ھذه اللَّحظةُ،
جدولٌ یغسلُ الرُّوحَ عن كُلِّ
مَعْنى
طائِرٌ
یَحُطُّ على قُبْلَةٍ ویُغَرِّدُ،
ھذا
التَّوَحُّدُ
رغمَ الثنائيِّ في الذِّكریات..
الأبَدِیَّةُ: أنْتِ أنا
وبیننا
شيءٌ مُحَطَّم.
(32)
وَجْھُھَا
بَلَدٌ بكامِلِھ
مَحَبَّتُھا اعتذاري عن وطن.

(33)
أُحِبُّ
ولكنَّنِي دائماً خائنٌ.
ھا أخیراً قد فَتَحَ اللهُ عليَّ بامرأةٍ
تعرفُ قَدْرَ نَفْسِي
ومقدارَ كأسِي
(والحَقُّ
لستُ أدري لماذا)
فكیفَ أتْرُكُ اللَّیْلَ
في شجنٍ كھذا
یَمُرُّ دونَ خطیئةٍ
والنَّھَارَ وراءَ الصَّدَاقةِ،
دونَ
ارتباك!.
(34)
تَعَاھَدْنَا
أنا والبلادُ الصَّدِیقَةْ
أنْ تُسَمِّینِي: فَرَاشَةْ
وأُسَمِّیھا: حدیقةْ.
تَعَاھَدْنَا
أنا والنِّیل..
أنْ نَجَفَّ معاً غداً
حینما نَلْحَقُ المستحیل.
تَعَاھَدْنَا
أنا والكونُ والموتُ
أنْ نكونَ معاً/ دائماً
كیفما نشتھي.
(35)
جَسَدَانِ في الرِّحْلَةِ الخائبة..

الغرفةُ
ھذا الحنانُ الغریبُ
وثَمَّ لیلٌ
یَرَى كُلَّ شيءٍ..
وأشیاءُ وأشیاءْ.
ماذا تبقَّى للرُّوحِ؟!.
حُریَّةٌ
بینََ ذِرَاعَیْنِ
وأشواقٌ تُسَاقُ بِخَاطِرِھَا
إلى العُشْب
وثَمَّةَ
رائحةٌ تُشْبِھُ الماضي
ولا شَيْءَ فیھ..
البَابُ مُحْكَمٌ
بِخُیُوطِ الیَدِ التي أَوْصَدَتْ
التي
فَتَحَتْ بابَ حنانِھا العالي؛
الیَدِ التي تقبضُ رِزْقَھَا
مَجَاھِلَ الأَبَدِیَّة
ھل ھذا انھیارُك؟
نھرُكَ وانھمارُك؟.
جَسَدَانِ
في الرِّحْلَةِ الخائبة.
ولا شَيْءَ یبقى لِغَدٍ.
(36)
وغریباً في الضُّحَى
عادَ من ظِلِّھ

في السریرِ البعیدِ؛
عادَ محترقاً بفوانیسِھِ،
من غابةٍ في فرادیسِھِ.
غابَ في النَّاسِ
بِغَیْمَة..
عادَ للكاسِ بِنَجْمَة.
دائماً یَعْرِفُ النُّورُ أشغالَھُ العَاطِفِیَّةَ
یُطْعِمُ اللَّیلُ أسْمَاكَھُ
في موجةِ الحزنِ
في فَمِھِ الوَسِخِ
المتكلِّمِ بالطِّیبِ والطَّیِّبَاتْ
أُعَلِّمُھُ الحكمةَ
مِنْ جَھْلِھِنَّ..
یُضِيءُ الظِّلالَ بِحَقْلِ بَنَات.
(37)
قریباً أمُوتُ
على شارعٍ،
أو قصیدةْ..
لأُدْفَنَ حَیَّاً
وأحْیَا حیاةً جدیدة.
غریباً أمُوت.
فلا تسألوا الأرضَ
عن قبرِ كافرْ!
اسألوا اللهَ
ألاَّ یكبُرَ في الأرضِ
حَجْمُ المقابِرْ.
(38)
لبَعْضٍ من الحلمِ
إنَّ العُیُونَ تُجَمِّل منظرَ

ھذا النَّھار..
وإنَّ الجِدَارَ..
الجِدَارَ القائمَ بیني وبینَ الثِّمَار
في الغُصْنِ المُوَاجِھِ روحي التي على حافَةِ الانھیار
الجِدَارَ الذي یَزْرَعُ بیتي
ظلاماً
وصمتاً
وعَارْ..
الجِدَارَ الذي یستقیمُ
على سِكَّةِ الشَّمْسِ
ویفعلُ ھذا الحِصَار..
الجِدَارُ عناوینُنَا
والجِدَارُ مشاویرُنَا
الخائبةْ..
الجِدَارُ
إذا كَانَ لا بُدَّ من أُفُقٍ
فلْنَبْدَأِ الغاضبةْ..
الجِدَارُ
الجِدَارُ
الجِدَارْ.
(39)
نَزَلْتُ على شَمْعَةٍ
أَكْرَمَتْنِي بِقُرْآنِھَا.
في قریةِ اللَّیلِ قالت:
إنَّھا في الموجِ لیست وَحْدَھَا
وإنَّھا في الشَّاطِئِ الآخَرِ
قد تَرَكَتْ وَرْدَھَا
غَنَّتْ وبَكَتْ
وحَكَتْ:
إنَّ المحبِّینَ

یُحِبُّونَ إضَاءةَ أحلامِھِم
بالحَرِیق.
آهِ یا حُبِّي
وآهٍ یا طریق!.
(40)
أَسْأَلُ النِّیلَ: أینَ المدینة؟!.
تقولُ القصیدةُ:
لا أُحِبُّ الرِّثَاءَ
(فِيَّ شَيْءٌ یموت).
تقولُ المدینةُ: أینَ البیوت؟!.
یقولُ البَیَانُ: ادخُلُوا
خیمةَ العنكبوت.
أقولُ أنا:
السُّكُوتُ،
السُّكُوتُ،
السُّكُوتْ.
(41)
في الشَّوَارِعِ
لا سیَّمَا بینَ أقدامِنا
نرى حلماً ورایاتٍ وغابة..
أَمْطَرَتْنَا سُدَّةُ العَرْشِ
بأنیابٍ وأشباحٍ
وظلامٍ یرفعُ في اللَّیْلِ حِرَابَھ..
والطَّرِیقُ
الطَّرِیقْ..
أيُّ حزنٍ في دمي
غَنَّى بأوتارِ الرَّبَابَةْ..
والحَرِیقُ
والحَرِیقْ..
ربَّما غِبْنَا
وعُدْنَا
في عُیُونِ اللَّیلِ صَحَابَةْ..

والشَّھِیقُ
الشَّھِیقْ..
نحنُ أحیاءُ الھَوَى
رُبَّ مَوْتٍ یُوْقِدُ اللَّیلُ شُھَابَھْ..
والغَرِیقُ
الغَرِیقْ..
سوفَ یُسْفِرُ عن قریبٍ
ببیاضِ البحرِ
عن سَمَكِ الكتابةْ.
(42)
في الأرضِ التي نَسْكُنُھَا وراءَ الدَّمْع
الأرضِ التي لا تَرَانَا بھا الكائنات..
حینَ
نكونُ
ملتصِقَیْنِ
تحتَ الجدولِ السِّرِّيِّ،
أُھْدِیكِ
مَعْنَايَ
الأخیرَ من الحیاة.
في الأرضِ التي تَسْكُنُنَا وراءَ الرُّوح،
سیكونُ
بیتُ الذِّكریات.
(43)
في القَارَّةِ التي لم تَجِدْھَا الأرضُ،
في الوَطَنِ الذي فیھا،
في البَیْتِ الذي فیھ،
في الغُرْفَةِ
فَوْقَ
السَّرِیرِ المصیر..
حینَ أكونُ وحیداً
جدیداً بكِ،
أتَجَلَّى

وأُحِبُّك،
ھذا
ھو
الخَیْطُ الأخیر.
(44)
قَبْرُ مَن؟
أَلْبَسُھُ خیمةً
في العَرَاءِ
وأبكي على شَيْءِ ھذا العَرَاء..
قَبْرُ مَن؟
أَزُورُ بھ غابةَ الموتى
لأُوَانِسَھُم قلیلاً
عن وحشةِ الأرضِ بالناسِ،
عن حِكَایَاتِھِمُ التي تركوھا
وھُم یُبْصِرُونَ
تَبَادُلَھَا المیْتَ
فوقَ الوُجُوهِ القدیمة..
قَبْرُ مَن؟
أُنَاجِیھِ في لیلةٍ
من لیالي السُّھَادْ..
لنشربَ كأسَ البلادِ
على
دمعةٍ
مِن تذكُّرِ أشیاءَ
لا تُسْتَعَادْ..
قَبْرُ مَن؟

أَحْمِلُھُ على الرَّأسِ
وَحْدِي
وأَمْشِي إلى النَّاسِ مِنْ كُلِّ لَحْدِ..
لَعَلَّ مكاناً
یقولُ ھنا مَنْزِلُكْ،
وھنا أبَدِیَّةُ الرُّوحِ التي لا تَخْذُلُك..
قَبْرُ مَن؟
أُعِیدُ بِھِ شھوتي للحَیَاةِ..
لَعَلَّ بلاداً
ستسكنُ قلبي
لَعَلَّ
فَتَاةْ..
قَبْرُ مَن؟
إذا تَعِبَتْ خُطَايَ
وخَارَ صَدْرِي
وَجَدْتُ نفْسي على ظِلِّھِ
دونَ
أَدْرِي..
قَبْرُ مَن؟
قَلْبُ مَن؟.
(45)
سَمِعْتُكَ..
لكنَّ صَوْتَكَ من أَثَرِ النِّسْیَان،
كانَ بعیداً..
وكانَتْ مغاربُ الكَلِمَاتِ
تَسْقُطُ في شِبَاكِ اللَّیالي.
سَمِعْتُكَ یا أخي
ماذا بوسعِيَ أنْ أَقُولَ..
أنا الرَّاكِضُ خلفَ ذِكْرَى

بِیَدٍ قدیمةٍ تنبضُ،
لِیَدٍ قدیمةٍ تنبضُ،
حَنَانَكَ یا أخي..
حَنَانَكْ!.
(46)
غَرْقَى یَجلسُون على جُثَّةِ الرَّملِ،
في انتظارِ غریق..
طیلةَ الحزنِ
یَبكونَ
یَبكونَ
یَبكونَ..
إنَّما سیمرُّ یومٌ
ثُمَّ یبتسمونَ للشَّجَرِ/الضَّرُورةِ
في جداولھم..
سَیَنْسَوْنَ الغَرِیقَ
والبَحْرَ
والموتَ..
یَذْھَبُونَ إلى حَظِّھم
ویَغْرَقُونَ في النَّھْرِ الكبیرِ للحیاة؛
النَّھْرِ الحقیقيّ..
الكَاذِب.
(47)
الشَّجَرَةُ!
...
تَذَكَّرْتُھا..
...
أیَّةُ ذِكْرَى كانَتْ تَرْمِي
غیرَ ذاكَ الأَسَى بالجُذُور..
لِحُسْنِ حَظِّي أنَّنِي أَنْسَى
مثلَ أیَّةِ حَسْرَةٍ

كانت تَرْمِیھا تلكَ الشَّجَرَة
مثلَ أيِّ حنانٍ
وأيِّ
ثمارٍ لریاحِ القَسْوَة.
(48)
أَسْمَعُ الأغاني
أَسْمَعُ صَوْتِيَ في خَریرٍ بعیدٍ؛
خریرِ الطُّفُولَةِ
ومَجْدِ الإنسان.
أَسْمَعُ للصَّخْرِ نحیباً شاھقاً
بالذِّكریات..
وأبكي مِنْ أجْلِي
على لحظةٍ لم أَعِشْھا
على أفقٍ لم أَزُرْهُ
وأَسْمَعُ بین ضَجِیجِ الضَّوْءِ
كَلِمَةَ (الظُّلْمَة)..
الكَلِمَةَ الخالدةَ النُّورِ..
وأَسْمَعُ الموسیقَى؛
أَسْمَعُ الوحدةَ، تَنْثَالُ،
وحیدةً
في أقْبِیَةِ الوجدان.
(49)
صَمْتُكَ
كانَ وَتَرَاً شِعْرِیَّاً
من عُروقِ الظُّلْمَةِ
وكنتُ أنا: الكَمَنْجَةُ البعیدةُ
أَرَاهُ، خلسةً،
یَتَسَلَّلُ بینَ مَضَارِبِ الضَّوْءِ
في الكونِ
ویَرْمِي

للحُرِّیَّةِ زھرةَ النِّسْیَانِ
وذِكْرَى الأغنیة..
صَمْتُك..
غریقُ دمعةِ الأبَدِیَّة.
(50)
خُضْرَةُ وَجْھِكِ..
ھذا الفضاءُ الطَّاعِمُ الطُّمَأْنِینَةِ،
(یَدُكِ في یَدِي
نَھْرَانِ للخُلُود)
وتَدَفُّقُكِ النَّاعِسُ في الرَّائِحَة..
ما كُلُّ ھذا الفَقْرِ مِنَ الحُبّ؟
ما سِرُّ الیَأْسِ مِنْ تَنَفُّسِ
الحُقُول؟..
الرُّعَاةُ یَنَادُونَ صَوْتَكِ
مِنْ أَجْلِ أغنامِھِم،
والشُّعَرَاءُ ینادونھ مِنْ أجلِ أنْ لا یقولوا..
حَضْرَةُ وَجْھِكِ یا بِنْتُ
وبَدِیعُ أَیَّامِكِ في الصَّیْف.
(51)
تَرَبَّعَ وَجْھِي على أیَّامِكِ تلك
عَرْشَ الوَقَارْ..
بینما كانَ قلبِيَ جَرْدَلَ ماءٍ
للظَّامِئِ منتصفَ الحُبِّ..
نَسِیتُ الآنَ
اسْمَكِ..
نَسِیتُ الظَّھیرةَ، عاریةً،
والعَرَقْ..

نَسِیتُ الشبَّاكَ المكسورَ
والطَّابِقَ الثَّانِي من الأحلامِ
والحسرة..
نسیتُ الكأسَ
الأولى
نسیتُ الذِّكْرَى والنِّسْیَان..
إنَّمَا..
كیفَ أنْسَى
الرَّقْرَقَة.
(52)
كُلَّ مساءٍ
أَجْلُسُ: أنَا الرَّجُلُ الضَّخْمُ الذِّكْرَى
في شارعِ القَسْوَةِ،
أرى الحیاةَ
جَارَتِي الصَّغِیرَةَ
تَعْبُرُ الیومَ وتَدْخُلُ البَیْت..
أتَأَمَّلُ: تَخْلَعُ إنسانَھا
لتنامَ وحیدةً
في انتظارِ حیاةٍ جمیلة..
لكنَّنِي أَعْرِفُ
أنَا: الرَّجُلُ الضَّخْمُ الذِّكْرَى
مَسَاقِطَ
الغَدِ،
وبقایا الطوفان.
(53)
أمَا مِنْ عاقلٍ
في ھذه
القَرْیَةِ،
یطفئُ
للبِنْتِ شَمْعَتَھا

ویُضِيءُ لھا رَمْلَھا؟!.
أمَا مِنْ
بنتٍ
في ھذه القریةِ یا رِجَال؟!.
أمَا مِنْ جاھلٍ
في ھذه المدینةِ،
یُسِيءُ الظُّلْمَةَ؛ جوھرةَ الحُبّ؟!.
أمَا
مِنْ
رَجُل؟!.
(54)
أبكي
لَكَأَنِّي نَھْرٌ..
لَكَأَنِّي ذِكْرَى في أطلالِ یتیمٍ عاشق.
(55)
إحْدَاھُنَّ اتَّصَلَتْ بِي
وَجَدَتْ أنفاسِيَ ھادئةً
وَجَدَتْ قَلْبِي تَحْرُسُھ الذِّكْرَي
لكنَّ
لِسَانِيَ یَعْرِجُ
مِنْ
ھَوْلِ یَدَیْھَا المُتَخَیَّلَتَیْن.
(56)
جَسَدُكَ ھذا
بِعْھُ للمَوْت
لأوَّلِ امرَأَةٍ تُنَادِیكَ
فلا تَخْذُلِ الرُّوحَ
طَالَمَا ھي مُرَفْرِفَةٌ ھكذا
في صَفَاءِ الخیانة.
(57)

أسْمَاؤُكَ العُظْمَى كثیرة
لكنَّ أَوَّلَھَا الخَوْف؛
الخَوْفُ العظیمُ
من كَلْبِ الجیرانِ،
ومِنْ قَلْبِ بِنْتِھِمُ الصَّغِیرَة.
(58)
جَلَسَ اللِّصَّانِ: العَاشِقُ
والعشیقةْ
في بؤرةِ التَّوَتُّر
أمامَ شَاشَةِ الإصْغَاءِ
والمُبَادَلَةْ
لكنَّ سَكْتَةً
بعیدةً
في زھرةِ الحدیقةِ
أَنْھَتِ المُحَاوَلَة.
(59)
ما كُلُّ ما تُحِبُّ
بَاھِظُ الثَّمَن..
عِنْدَكَ: الحیاةُ والبَنَات
عِنْدَكَ: الوَطَن.
(60)
كلُّ ما علیكَ أنْ تَجْلُسَ
قُرْبَ النِّسْیَان..
بِیَدَیْكَ ذِكْرَى صغیرة
وتَرْمِیھا للظُّروف.
یا صائِدَ الحیاةِ الماھِرَ،
یا بائعَ الأمل.
(61)
جِسْمِي
قطعةُ أرضٍ
أرْجُو أنْ أَبْنِي فیھا:
اسْمِي.
(62)
حینَ
نسیرُ
نفقدُ خطوة
...
مَا أَغْبَانَا!.
(63)
للجمِیعْ:
شِعْرِي ھُوَ سِعْرِي
ولا أشتري أو.. أبیعْ.
(64)
أیَّتُھا القطَّةُ..
لا تبحثي عن طَعَامْ
بیتُنَا عامرٌ بالكَسَل
ھاتِ أَنْفَكِ
رائحةُ الأبدیَّةِ في یَدِي والسَّلامْ
ونَھْرُنَا!
داخلَ البیتِ،
نَھْرُنَا في الأمل.
(65)
في مدرسةِ الحُبّ،
كُنْتُ طالبَ فَلْسَفَاتِ المحاصیل؛
مُھَرِّجَ الخُلُودِ الجَارِحِ،
راعِي النَّسِیمِ
في حِصَّةِ اللُّغَةِ العَاطِفِیَّةِ

كانَتِ القَسْوَةُ تُطْرِبُنِي
بینما البِنْتُ
تَضْرِبُنِي بصوتِ الغَنَج.
(66)
ھا أَنَذَا
أَرْقُدُ في مِتْرَیْنِ مُتَرَبِّعَیْنِ
على العَالَم
ولیسَ ثَمَّ مِنْ خَوْفٍ
مِنْ أنَّنِي سوفَ أخسَرُ الحسرةَ
والأحوالَ الشَّائِكَةَ للعِنَاد.
لكنَّنِي في كُلِّ الجَدَاوِلِ..
لَنْ
أَفْقِدَ صَوْتِيَ الذي یَرْبِطُنِي
بِمِتْرَیْنِ مُتَرَبِّعَیْنِ
على العالَمِ،
لَنْ
أفْقِدَ
الأمل.
(67)
أكتُبُ مَوْتِي
بِخِنْجَرِ الیَدَیْنِ
وأَغْرِسُ الأبَد..
ضَاحِكاً في شَفَافِیَةِ الصَّمْتِ
تحتَ غطائيَ
مُزْدَھِرَاً بقُبْلَةِ الألَم..
أتَفَتَّحُ في رَنَّةِ اللّذَّةِ
مُصْغِیَاً لمفردةِ الماءِ
تحتَ لسانِيَ،
وھي تَمُرُّ من نَھْرٍ لِذَاتٍ
ومن ضحكةٍ لفكرةٍ
غائباً

نصفَ غائب..
آهِ.. مَا
الخُلُود؟!.
(68)
شُیُوعِیَّةٌ تُحِبُّنِي
لكنَّھا تُحِبُّ أَكْثَرَ: مارْكِسْ
مُعَذَّبَةٌ
دمائي
مُعَذَّبَةٌ بھذا الغَزَالِ المشاكِسْ
الطَّریقُ جحیمٌ
سَأَمْشِي
ربَّمَا دَخَلْنَا إلى جَنَّةِ الاتِّجَاهِ المعاكِسْ.
(69)
میِّتاً قُرْبَ یَدَیْھِ،
ویَدَاهُ على الأبیضِ
تغرسان قبراً ولا تنتَھِیَانْ.
الورقةُ
سوداء،
وعیناهُ لا تَرَیَانِ إلاَّ ھُمَا
سُمُّھُ فائرٌ
في لحظة حربٍ مع ظلِّھ
مع العالَم كلِّھ،
لكنَّھ لا یملك إلاَّ إِصْبَعَاً
ھُوَ كُلُّھُ ظاعنٌ في تِیھِھِ
یُحِبُّ ولا یُحِبُّ،
یقولُ أمرأةٌ لا تكفي لفَتْح النھرِ،
رجلٌ واحدٌ لا یُطاق..
یَسْكُتُ عن كلِّ ما یُقال
ویُمْسِكُ كلمةً واحدةً
كلمةَ سِرٍّ في جَذْرِهِ..
كثیراً ما یَمَلُّ شَرَارَتَھُ
فیمشي

ویمشي
یقذف الكلمةَ في البحرِ،
ویجلسُ عاریاً
یھمسُ: ما أتفَھَ
ھذا العالم!.
(70)
حُلْوٌ تُغَنِّي
ولسانُكَ مُرّ..
صارت الأیَّامُ كالشرطيِّ
تَقْبَلُ رشوةً.. لِتَمُرّ.
(71)
كلانا وَسِخٌ وآهْ..
ھذه
اللَّحظةُ
سوف تصبحُ ذِكْرَى..
قَبِّلِیني
قبل أن تأتي المیاه!.
(72)
ما ألْطَفَ عقلي!
...
...
إنِّي أسمعُ ھَسْھَسَةَ اْمرأةٍ ما
في جسدٍ ما
تقبِّلُنِي.
(73)
قُبلةً حینَ أذْكرُ
وجھكِ العائليَّ،
أو أتذكَّر بسمتَكِ الغجریَّةَ
فوقَ السریر.
قُبلةً حینما أشتكي

من حیاتي،
وأشكو لعینیكِ ھذا التَّعب.
قُبلةً ونحن وحیدَینِ
في البحرِ،
قربَ الحنان..
قُبلةً في یدیكِ؛
قُبلةً على خَدِّ روحِك،
وأنت كالسَّاجِدة..
قُبلةً
وأموت،
قُبلةً!
...
...
واحدة.
(74)
في ذكرَى لعینیكِ
في اللَّحظة ھذه..
أُھدیكِ نُعاسَ الأغاني
وأَدْعُوكِ للموتِ في فَمِيَ الطازج،
في نكھةِ الشجنِ الشتائيِّ
تحتَ الغطاء.
أَدْعُوكِ لفاكھةِ الحقیقةِ المُظْلِمَة.
أُدْعُوكِ للرَّاعي
لوَسْوَاسِھِ المُطِنِّ تحتَ الشجرة،
لرقراقةٍ
تخطفُ منَّا
الكمالَ الھَتُون.
ولا أدَّعِي أنني طیرُكِ الغامضُ.
أنا محضُ جناحٍ مؤمنٍ
بِغُصْنَیْنِ من الأغنیة..
وسماءٍ
قرویَّة.

(75)
سُرُورُكِ في البیتِ،
ونارُكِ المضیئةُ تحتَ عیوني،
نارُكِ التي تَطْھُو فَقْرَنا
بحرارةِ التَّعَانُقِ،
بابتسامةِ الغِنَى..
وضحكتُكِ الصغیرةُ للأبدیَّةِ
تحتَ السَّریر..
وأشیاءُ أخرى
كثیرةٌ بالأمل.
موضعي في الكیانِ،
وشَیْطَنَةُ الوَلَد.
یا إلھي..!؛ أنا باھظٌ.
ما أجملَ ھذي الصُّدْفَةِ
كَوْنِي رجلٌ
في حوشِ البَیْت.
(76)
أصحابيَ السُّكَارَى
ضحایا جمالي؛
الرِّجالُ الملیئونَ بالنِّساءِ
الملیئاتِ بالرِّجال..
الحارِقُونَ
كجمْرةِ الذَّنْبِ طولَ الحیاةَ؛
المشرقونَ
كظلمةِ الذِّكریات،
المشْرِفُونَ على موجةِ البحر
في ضفافِ البنات.
أصحابي..

عَنْھُمُ: الأغاني
عَنْھُمُ: الأمل.
(77)
مع الأغنیة
...
...
في الصَّیْفِ،
في العَرَقِ اللاَّمِعِ،
في ذروةِ الأبدیَّةِ،
في قُبْلَةٍ
في تَلاَشٍ
مع الأغنیة.
وأَنا لیسَ شیئاً
سوى زھرةٍ من حَوَاشِي الحَوَاس.
(78)
أَمَلِي في الطُّیُورِ كبیر
أنْ لا تعودَ إلى البَحْرِ
دونَ الجَناحْ
أمَلِي في الصَّباحْ
أن یعیدَ إليَّ العبیر.
(79)
على قھوةِ جَدَّتِكَ الخَضِیرَةِ،
ذاتَ صباحٍ قدیم
وأنتَ
بَعْدُ
لم تَرْشُفْ من البنتِ قُبْلَتَھا
أیَّةُ ذِكْرَى
ستُخَلِّفُ نھراً من الظُّلمةِ
في شفتیكَ،

رائحةً ستُعَانِي
مع العشقِ عُمراً بكاملِھِ
كي تراھا
على
لحظةٍ
وتغیب.
(80)
لا بُدَّ لھذا النَّھارْ
أنْ یراني
(أنا كاملُ الظُّلْمَةِ)
بي قمرٌ مُخْتَفٍ في ذكریاتي
ومختلفٌ
عن الأسرارْ
لكنَّني أخشى عليَّ
من الأغاني
أخشى عليَّ من اللیالي
والقمر.
(81)
مَنْ سوفَ یَقْتُلُني
عندَ أوَّلِ أغنیةٍ أقولُ لھا: أُحِبُّك
ومَنْ سوفَ یشنقني (حین أُنادِي)
لِكَوْنِي
رسولُ الضَّلالِ الجَمِیْل..
ومَن سوفَ یرحَمُني
مِن بلادي..
سوى قطعةِ موسیقَى،
ومقطعِ بنتٍ، وحیدة،
وھي
تبكي على ولدٍ
في
شارعِ
النِّیل.

(82)
یُشَاغِلُكَ الطِّفْلُ وسطَ القصیدة
(ھذه فكرةٌ
وھْيَ عادة)
یُشَاغِبُ لحظاتِكَ النَّادرة..
تقولُ لھ: أرجوكَ.. ھذي قصیدة!
لكنَّكَ بعد حینٍ
من لحظاتِ العبادة
تستغفرُ الذِّكریات..
تقولُ لھ: أنْتَ أكْبَرُ مِنِّي
ومن خطأٍ فادحٍ
یُسَمَّى: الحیاة..
أُحِبُّكَ أنتَ
تَبَّاً لھذي القصیدة
وتَبَّاً لكلِّ الشَّوَاغِلِ عنك؛
في فكرةٍ كافرة.
(83)
سیِّدي: (ربَّما ھو العمرُ)
لیس بي ما یُحَبُّ
سوى فكرةِ الحُبِّ فِيَّ..
أَضَأْتُ حَوَالَيَّ وأظْلَمْتُ
ظَلَمْتُ نفْسِي
بَسَّطْتُ لیلَ الثَّقِیلة..
(الذِّكریات التي لا بُدَّ منھا)
وعندي الحیاةُ جمیلةْ
طالما في الرُّوحِ
كأسي
وكأسي
طویلةْ.
(84)
رجلٌ على حافَةِ اْمراةٍ

یعیشُ على البنات..
ما خافَ من أحَدٍ
لكنھ دوماً
یخافُ الذِّكریات.
(85)
لَمْ أَرَ في أَحَدٍ مِنْ أَحَد
مُذْ تَعَلَّمْتُ مَلْءَ الفَرَاغِ
بقُبْلَةِ البِنْت
أو بِرَمْيِ الرّصَاصِ الجَمِیلِ
في خَیَالِ الأمل
مُذْ تَعَلَّمْتُ ذَبْحَ الطیورِ على جسدِ الأغنیة.
لیسَ في أَحَدٍ من أَحَد
وھذا جَزَائي:
الحیاةُ
بلا معركة.
یا حِصَانِي
حِصَانَ بَسُوسِ الأغاني.
(86)
في تُرَابِ غُرْفَةٍ
مُبْتَلَّةٍ في ھُدُوئي
والسَّقْفُ یضربُ في الضَّواحي البعیدة
رَكَّتِ الأغاني
فَرَكَّتِ الذِّكریاتُ مِنِّي في غُصُونِ
المعاني
صِرْتُ أَخَ الجَدَاولِ
الصَّغیرةِ للعذوبة

صِرْتُ رَمْزَ ابْنِ آدمَ في النَّشِیدِ الكبیرِ للخطأ
وھا أَنَذَا العاشقُ الملحَّن
أضُمُّ حبیبي البعیدَ
وأرْقُصُ
أرْقُصُ
أرْقُصْ.
(87)
على جَسَدِي
وُلِدَت قُبْلَة
ونَمَت
وازْدَھَرَت ذكریاتُھا
في فَمِي..
إنِّي أَحْسُدُ الكَلِمات.
(88)
على فَارِغِ العَالَمِيِّ
الرُّوحُ سربُ دموع
والرَّجُل ماءٌ مكسَّرُ النَّشْوة..
تَعْرِفُ یا صَبِيّ

أنتَ یا وَشِیك
الدَّمعُ ینْزِفُ من أحشائِك
أنْتَ
محضُ حربٍ خاسرة؛
محضُ میتةٍ في صَیْفِ أَھْلِك
كنتَ ولداً في حصانِ الحیاة؛
بنتاً في قَلْبِكَ النَّاشِط،
ولكنْ...
ھذا الصَّباحُ
كومةُ ذكریاتٍ في نَظَرِك
لا ترى سِرَّكَ ذاك،
ولا عیناك في أَحَد
كلَّمَا ذھبْتَ
سَقَطَتْ أیَّامُكَ في الوَحْل،
وسقطَتْ رأسُكَ في برمیلِ الأوساخ
تلقَّیْتَ أكثرَ من طعنةٍ من خنجرِ الزَّمَن
ما مِتَّ
لكنَّ الحیاةَ فارَقَتْكَ
وھا أنتذا
تسعَى في الأوھام..
تَلَقَّیْتَ منذُ حَتْفِكَ الأوَّلِ

حَرْفَكَ بھُدُوء
وتُعَزِّیكَ الرَّغْبَةُ الألیمةُ
في السُّكُوتِ على سَھْلِ صَمْتِك،
أیُّھَا
الرَّجُل.
أنتَ
أحدُ جبالِ الصَّبْرِ
في أرضِ التَّمَسُّك
طالما أنتَ بھذا الاحتمال
وھذه العُذُوبة
یَنْبُعُ من أطرافِكَ یا عَذْبَاً
شَلاَّلُ الأمل..
طالما أنتَ بھذا الخَرِیفِ
وھذه الظَّرَافَة
طالما
أنتَ
مَیِّت
وتَرْمِي من جُثَّتِكَ الوَسِیمَةِ
أزھارَ الحُبّ.
أنتَ
أحدُ أنھارِ بَلَدِك

یُغَذِّیكَ الجَفَافُ
وتكبُرُ في نَظَرِ البُحَیْرَة،
أنتَ یا كَبِیر..
ولھذا أنتَ ھكذا:
مَحْضُ
حَرْبٍ
خاسرةٍ
وبقایا ذِكْرَیَات.
كنتَ ذا سَرِیرٍ أَخْضَرِ الفُحُولَة
لكنَّكَ، مُتَزَوِّجَاً بالغنیمة،
تنامُ حالِمَاً في جُثْمَانِ الآخرین
تقولُ القَصِیدَةَ
وتَسْكُتُ عن آلافِ البُحَیْرَاتِ
مِنَ الشِّعْرِ في جَسَدِك..
تَسْكُتُ عن لحظةِ الحَقِّ
عندَ أوَّلِ كأس
طالما حیاتُكَ كأسٌ صغیرٌ
كأسٌ
صغیرٌ
وفارغ
تَشْرَبُھُ باطمئنان

مِنْ غَیْرِ رغبة..
(حُوشُكَ)
خَالٍ من بقایا الصَّدَاقَات
ومن صَحْنِ الجِیْرَان
ومن مشكلةِ الحُبّ،
أَھْلُكَ رَحَلُوا
جَمْیعُھُم قَرْیةً قریة
وھا أنتذا مَحْضُ حَرْبٍ خاسرة
مَحْضُ مِیتَةٍ كسولةٍ
في صَیْفِ
الأیَّام.
(89)
النَّاسُ الكثیرونَ
قَلِیلُون
مِنْھُمُ الذِّكْرَى التي تجلس في (الرِّمِیلَة)
تتأمَّلُ الأبدیَّةَ غارقةً في (عَطْبَرَة)
ومِنْھُمُ القُبْلَةُ البَدَویَّةُ تحتَ الشَّجَرة
ومِنْھُمُ الأغنیةُ التي تؤلِّفُ الأعشابَ للقطیع
ومِنْھُمُ الرَّمَادُ الذي یُخَلِّفُھُ الرِّھْطُ
إبَّانَ الحُلُول

ومِنْھُمُ الرَّاعِي الذي یُشَوِّشُ الخطیئة
مِنْھُم الطَّبِیعَةُ في طبیعَتِھا
تجلس تحتَ صَفْصَافَةٍ
تحتَسِي كأسَ البحیرةِ ثم تَعْرجُ في الفَرَاغ
ومِنْھُم أنا:
أَعْمَى القَصِیدَة.
(90)
لَمْ یَكُنْ سَيِّءَ الحَظِّ
الوَلَدُ السَّيِّءُ الحَظِّ
كَامْرَأَةٍ تُرَاعِي سَرِیْرَ الفُحُوْلَةِ
فِي رَجُلٍ حَسُنِ الحَظِّ
فِي امْرَأَةٍ سَیِّئَةٍ
لَمْ یَكُنْ غَیْرَ أُنُوْثَتِھِ فِي الرِّجَالِ الكَثِیرِینَ بِھِ
سَيِّءُ الماءِ
كَامْرَأَةٍ عَابِرَةِ الحَظِّ
فِي رَجُلٍ حَسُنِ النِّیَّة
لَكِنَّھُ حَسُنُ الكَھْرَبَاءِ فِي امْرَأَةٍ عَابِرَة.
(91)
فِي المَرْأَةِ المُضِیْئَة
وَجَدْتُ قُبْلَةً مُضِیْئَة
فِي القُبْلَةِ المُضِیْئَة
وَجَدْتُ شَجَرَةً مُضِیْئَة
فِي الشَّجَرَةِ المُضِیْئَة
وَجَدْتُ قَمَرَاً مُضِیْئَاً
فِي القَمَرِ المُضِيء
وَجَدْتُ صُوْرَتِي
فَھَا أَنَا أُضِيْء.

(92)
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ
لَكانَتْ حیاتي خَفِیفَة
وكأسِيَ أطوَل
لَكَانَتِ الذِّكْرَیَاتُ الجمیلاتُ أجمَل..
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ
لَقَاتَلْتُ قَاتَلْتُ
حتَّى تَعُودُ بلادِي لِعُشَّاقِھَا
والحَدِیقَةُ للأمَل..
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ
لَقَرَأْتُ كتاباً بِكَامِلِھِ
في سَرِیرِيَ ھذا
وكُنْتُ تَذَوَّقْتُ طَعْمَ السُّطُورِ الأخیرة..
لَو أنَّنِي الآنَ حَيّ
لَقَبَّلْتُ أُمِّي بِالشُّلُوخِ المَطَارِق
وكُنْتُ شَرِبْتُ قَھْوَتَھَا العبقریَّةَ ھذا الصَّباح
وقلتُ لَھَا أَسْرَارِيَ بالجَنْزَبِیل..
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ
لَذَھَبْتُ إلى قَاتِلِي
وقلتُ لَھُ:

فَسِّرْ لِيَ الأَمْر
فالحیاةُ بَسِیطَة..
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ
لَذَھَبْتُ إلى السِّینَما
أو رُبَّما إلى المسرَح
وشَاھَدْتُ بِنْتَیْنِ في أُخْرَیَاتِ الصِّبَا
تَكْبُرَانِ أمامي
وقُلتُ الحیاةُ ھُنَا
والجَمَالُ المُسَلَّح..
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ
لَقُلْتُ حبیبِي أُحِبُّك..
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ
لَصَلَّیْتُ للهِ
وغَنَّیْتُ ل إبراھیم عوض
ثلاثَ أَغَانٍ بِأَشْجَانِھا
ونِمْتُ نَظِیفَاً على لَحْنِھا:
فَاطِمَة..
لَو انَّنِي الآنَ حَيّ..
(93)
خَلَعْتُ جَمَالِي
(بَعْدَ عِرَاكٍ خَفِیفٍ مَع الأَبَدِیَّة)
وعَلَّقْتُ وَجْھِي أَمَامِي على حَبْلِ (لُوْرْكَا)
تَأَمَّلْتُ أَجْمَلَ عَیْنَیْنِ سُوْدَانِیَّتَیْنِ
مُنْذُ بَدْءِ القَصِیْدَةِ
لَكِنَّ (رِیْلْكَھ) أَتَانِي مِنَ الخَلْفِ
وھو یَعْصِبُ عَیْنَيَّ دُوْنَ تَنَاصٍّ
ودُوْنَ التَّأَمُّلِ في لَوْحَةِ المُتَنَبِّي الأَخِیْرَةِ
في الطَّابِقِ الأَوَّلِ مِنْ خَیَالِ (الدُّوْش).
(94)
رُزِقْتُ بِقُبْلَةٍ خَضْرَاء
أَنَا فَرِحٌ
لأَنَّ العُشْبَةَ اتَّسَعَتْ
لأنَّ یَدَيَّ في الوَادِي
سَتَرْتَكِبَانِ سَیِّدَةُ بِلا أَعْضَاء.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى