جعفر الديري - رضوى عاشور: الرواية قادرة على إعادة تقسيم الجسم الاجتماعي

كتب – جعفر الديري

عبرت الروائية المصرية رضوى عاشور عن قناعتها بقدرة الرواية على إعادة تقسيم الجسم الاجتماعي وتحويل المجتمع الى حياة تحكى، متضمنة السيطرة أيضا على الحيز الاجتماعي كما يقول إدوارد سعيد.

وعرضت عاشور، في محاضرتها بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة في محافظة المحرق، الاثنين 12 يناير 2004، "الكتابة والذاكرة"، رؤيتها عن الذاكرة وما يمكن أن تسعف به الكتابة وكيف أن الذاكرة شكلت بالنسبة لها منبعا لأفكار وتصورات وأمكنة تخطت حدود مكانها لأفق أرحب.

الأهرامات

وقالت الروائية المصرية: انني أذكر المرة الأولى التي زرت فيها أهرامات الجيزة، كنت وقتها في الخامسة عشرة من عمري، وأكثر ما لفت نظري في هذه الأهرامات هو التواصل ما بين التاريخ والإبداع الجمالي، وقد شغلني هذا الهاجس بعد ذلك فكنت أقف عند مخطوطات المصاحف النادرة متأملة في التراث المصري الاسلامي، الذي كان يتحرك من خلال الثابت الذي لا يمس وهو كلام الله سبحانه، والآخر الجمالي المتمثل في تلك النقوش والرسومات. وعندما بلغت الواحدة والعشرين من عمري وأثناء ارتباطي بالدراسة الجامعية بدأت ألحظ ذلك أكثر، وبدأت تتكون عندي صورة أشمل من مجرد الجمال، فقر في ذهني أن التاريخ يمتد ليشمل واقعنا المعيشي، واقعنا الذي يعبر عن الحروب والمجازر والارادة المتعبة والأمان المضيع. ان هذه العاطفة شكلت حواسي، فأنا أقول مع الناظر وهو أحد أبطال رواياتي أنني مجرد ناظر يسمع دمدمة القذائف، في مشهد ليس أكثر منه جنونا.

نص للذاكرة

وتساءلت عاشور: هل أردنا نحن الروائيون أن نكون نصا تاريخيا حافظا للذاكرة؟ كنا نتواصل مع الأجيال السابقة، مع الروائيين العرب الذين كانوا يحاولون عن طريق الرواية طرح الأسئلة. لكن في تصوري أنا شخصيا فإن الرواية تعيد تقسيم الجسم الاجتماعي وتحويل المجتمع الى حياة تحكى، متضمنة السيطرة أيضا على الحيز الاجتماعي كما يقول إدوارد سعيد. ذلك أن هذا التقسيم يختلف عند توفيق الحكيم ونجيب محفوظ عنه عند عبد الرحمن منيف، فهي عنده افساح للمنفى والصمت.

الهامش والملغي

وحول فكرة العلاقة بين الهامش والملغي، قالت عاشور: تستهويني فكرة العلاقة بين الهامش والملغي، وأتساءل إن كان هو مصدر حلمي لكتابة رواية، لماذا؟ لأننا تربينا في الهامش كمثقفين، تربينا في اختلاط الحابل بالنابل، اذ تبدو لي الطريق محفوفة بالشراك، وأستحضر حياتي كمشهد من مشاهد كرتون أطفال. لكنني أعتقد أنني محظوظة بالكتابة، فأنا أكتب أدبا وأدرس أدبا، فان قراءة النصوص لحظة نادرة، وفي قراءة هذه النصوص من موقع نقدي أصيل يتبناه البعض، تحقيق لمنطق سليم على عكس أولئك الذين اختاروا العكس.

العربية والايمان

وتابعت صاحبة رواية غرناطة: إنني أتشبث بالعربية تشبث الغريق، ويثير استغرابي منها استمراريتها وثراؤها وعاميتها المنبثقة منها، ولا أغالي اذا قلت أنها تمنحني قدرا من الأمان، تمنحني وطنا يمتد من القرآن الكريم الى نداء البائع المتجول. ذلك أن ثراء العربية يتسع لذلك التنوع الهائل للبشر، والكتابة تشتبك مع الحياة فتصطدم بها أو تلاعبها فكرا وتذكرا واستذكارا، والكتابة سحر عن بشر يتوزعون في كرة صغيرة سابحة في الفضاء.

صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 496 | الأربعاء 14 يناير 2004م الموافق 14 صفر 1441هـ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى