ماذا تعنيه الذكريات؟ لقد اكتشفت أن الذكريات ليست صورا ، ليست وجوها بل ولا حتى مشاهد تغوص في ضبابية الوعي ، الذكريات وخزات من ألم.
إنها لا تذكر سوى وخزات من الألم قد ارتبطت بوقائع فقدت أبعادها وبقيت الوخزات. تنخس القلب خادعة إياه فيظن أنها مواقف ما.
كانت ملكة الوخزات ؛ عندما تلفتت لجنة الاستماع وبغير تداول -حتى- بل طردوها باحترام فائق بحيث يبلغ الاحترام حد الاحتقار.
وعندما خرج مدير القناة الإذاعية فاقتحمته عارضة موهبتها فلم يتحمل حتى النظر إلى عينيها بل زعم انشغاله وهو يقود حسناوتان إلى داخل مكتبه.
لقد قرأت كتبا كثيرا تؤكد نسبية الجمال والقبح ؛ ولكن يبدو أنها كتب كتبت لتخدير المساكين بالوهم. فالبشرية تملك معاييرها الجمالية المشتركة. أما اللطيف جدا فهو عندما قالت لجارها أنها تعمل كمطربة.. فدار بؤبا عينيه بعدم تصديق ومط شفتيه ثم دعا لها بالتوفيق وأدار سيارته وغادر دون حتى أن يعرض عليها توصيلة بثمن الجيرة والحوار.
لماذا اختلفت البشرية حول كل صغيرة وكبيرة ولكنها اتفقت على قبحها...
اشترت مجلة أجنبية ونقدت البائع الثمن ، ثم أخذتها وبدأت تقلب ورقها السميك الملون ذو الرائحة الكرتونية اللطيفة. لم تكن هناك مطربة واحدة قبيحة. كيف يمكن لهن جميعهن أن يكن بهذا القدر من الجمال وموهبة الغناء في نفس الوقت.
تشوهاتها جعلتها يتيمة بين الكواكب والنجوم ، لقد فقدت البشرية حتى لمسة الإشفاق على إنسان قبيح ولو من باب الفزع من أن ينجبوا مثلها يوما ما.
ارتعش صوتها وهي تقطع البصل ، كانت تغني بصوتها الرخيم الذي يعطي من يسمعه شعورا بأنها أمرأة مكتملة الأنوثة ، تلك الأنوثة التي تجذب ذكور النحل إلى مملكتها ، وهذا العالم تقوده الأنثيات الجميلات من خصي الذكور. العالم الذي يتبادل فيه الذكور والإناث أدوارهم الماجنة المتخفية تحت أقنعة البراءة والأخلاق.
ستمقت العالم لتتحول إلى قوة تدميرية كما قال أحد الفلاسفة الذي كان أصدق من منافقي التنمية البشرية. إذ عندما يعزل المجتمع أصحاب الموهبة فإنهم يتحولون لقوة مدمرة رهيبة.
ولكنها -كما قالت لنفسها- لا تريد أن تكون مدمرة. إنها تريد فقط أن تغني لأحضان حبيب مستحيل....
تلجلجت وهي تحكي للشيخ قصة كاذبة ليقرأ لها الفاتحة ويباركها بالتفل في كوب ماء تشربه...لكن الشيخ لم يتحمل النظر إليها فقرأ الفاتحة في سره ولم يكملها ثم نادى على امرأة أخرى فمدت هي أصابعها وحشرت لفافة مالية غير أن الشيخ أمسك بيدها ومنعها وهو ينظر للمرأة الأخرى فغادرت بقلب منكسر. كانت تتمنى أن يكون غير منصف ولا يكون قد رأى مستقبلا مظلما لها عندما انكشفت له حجب السماء.
وعندما جمعت ساقيها وضمتها إلى صدرها وهي تشاهد فيلما على التلفاز ، ترقرقت عيناها وهي تشاهد عاشقين يتدفآن بأحضان بعضهما. إنها لن تغني فقط بل لن تشعر بالحب يوما.
كان الفيلم قديما جدا ، كانت البطلة فتاة حسناء ذات عينين خضراوين ولكنها عمياء ، أما حبيبها فقائد دراجة سباق نارية. لقد تعرضت العمياء للاغتصاب فتخيلت هي نفسها وقد تعرضت للاغتصاب..هل ستصرخ إن إشتهاها يوما ما رجل ولو كان مغتصبا؟ هل ستستنجد بمن يحول بين أحضان المجرم وبين أحضانها؟ أم ستقبل بأن تجد الحب حتى ولو في صدر رجل لا يميز بين أنثى وكلبة عندما يستعر أوار هرموناته الذكورية.
وحين وقفت في الصف لتستلم معاش والدها المتوفي ؛ لثمت نصف وجهها السفلي فموظف البنك يعاملها كحشرة. هل تملكها شعور مرضي بالاضطهاد؟ حينما مدت يدها لاستلام النقود ، زم الموظف شفتيه وأشاح بوجهه عنها مادا إليها النقود ، فأدركت أنها ليست مريضة بالبارانويا.
إن العالم لا يتآمر ضدها ، بل يتجاهلها كما يتجاهل الموت.
حينئذ بدأت تغني والدموع تغمر وجنتيها المشوهتين. رفعت رأسها إلى السماء ورمقتني بنظرة وقالت:
ألا يمكنك حتى أن تصفني في قصتك؟ ألا يمكنك أن تكون عادلا ولو للحظة.
أحسست بالغضب...سأمحوك من الوجود..لا بل سألقي عليك مزيدا من لعنات الكاتب أيتها القبيحة...سأمنحك الخلود الأبدي على الأرض....
تهاوت على ركبتيها وهي في منتصف شارع مزدحم بالسيارات...ثم رفعت يدها نحوي وفردت أصبع الوسطى وهي تضحك...كانت تقهقه والسيارات تطلق أبواقها المزعجة من حولها فتخفي قهقهاتها ... ولكن ليس عني... إذن.. فلتكن حنجرتك شوكا...هكذا قلت..ورأيت حينئذ ذلك حسن.
إنها لا تذكر سوى وخزات من الألم قد ارتبطت بوقائع فقدت أبعادها وبقيت الوخزات. تنخس القلب خادعة إياه فيظن أنها مواقف ما.
كانت ملكة الوخزات ؛ عندما تلفتت لجنة الاستماع وبغير تداول -حتى- بل طردوها باحترام فائق بحيث يبلغ الاحترام حد الاحتقار.
وعندما خرج مدير القناة الإذاعية فاقتحمته عارضة موهبتها فلم يتحمل حتى النظر إلى عينيها بل زعم انشغاله وهو يقود حسناوتان إلى داخل مكتبه.
لقد قرأت كتبا كثيرا تؤكد نسبية الجمال والقبح ؛ ولكن يبدو أنها كتب كتبت لتخدير المساكين بالوهم. فالبشرية تملك معاييرها الجمالية المشتركة. أما اللطيف جدا فهو عندما قالت لجارها أنها تعمل كمطربة.. فدار بؤبا عينيه بعدم تصديق ومط شفتيه ثم دعا لها بالتوفيق وأدار سيارته وغادر دون حتى أن يعرض عليها توصيلة بثمن الجيرة والحوار.
لماذا اختلفت البشرية حول كل صغيرة وكبيرة ولكنها اتفقت على قبحها...
اشترت مجلة أجنبية ونقدت البائع الثمن ، ثم أخذتها وبدأت تقلب ورقها السميك الملون ذو الرائحة الكرتونية اللطيفة. لم تكن هناك مطربة واحدة قبيحة. كيف يمكن لهن جميعهن أن يكن بهذا القدر من الجمال وموهبة الغناء في نفس الوقت.
تشوهاتها جعلتها يتيمة بين الكواكب والنجوم ، لقد فقدت البشرية حتى لمسة الإشفاق على إنسان قبيح ولو من باب الفزع من أن ينجبوا مثلها يوما ما.
ارتعش صوتها وهي تقطع البصل ، كانت تغني بصوتها الرخيم الذي يعطي من يسمعه شعورا بأنها أمرأة مكتملة الأنوثة ، تلك الأنوثة التي تجذب ذكور النحل إلى مملكتها ، وهذا العالم تقوده الأنثيات الجميلات من خصي الذكور. العالم الذي يتبادل فيه الذكور والإناث أدوارهم الماجنة المتخفية تحت أقنعة البراءة والأخلاق.
ستمقت العالم لتتحول إلى قوة تدميرية كما قال أحد الفلاسفة الذي كان أصدق من منافقي التنمية البشرية. إذ عندما يعزل المجتمع أصحاب الموهبة فإنهم يتحولون لقوة مدمرة رهيبة.
ولكنها -كما قالت لنفسها- لا تريد أن تكون مدمرة. إنها تريد فقط أن تغني لأحضان حبيب مستحيل....
تلجلجت وهي تحكي للشيخ قصة كاذبة ليقرأ لها الفاتحة ويباركها بالتفل في كوب ماء تشربه...لكن الشيخ لم يتحمل النظر إليها فقرأ الفاتحة في سره ولم يكملها ثم نادى على امرأة أخرى فمدت هي أصابعها وحشرت لفافة مالية غير أن الشيخ أمسك بيدها ومنعها وهو ينظر للمرأة الأخرى فغادرت بقلب منكسر. كانت تتمنى أن يكون غير منصف ولا يكون قد رأى مستقبلا مظلما لها عندما انكشفت له حجب السماء.
وعندما جمعت ساقيها وضمتها إلى صدرها وهي تشاهد فيلما على التلفاز ، ترقرقت عيناها وهي تشاهد عاشقين يتدفآن بأحضان بعضهما. إنها لن تغني فقط بل لن تشعر بالحب يوما.
كان الفيلم قديما جدا ، كانت البطلة فتاة حسناء ذات عينين خضراوين ولكنها عمياء ، أما حبيبها فقائد دراجة سباق نارية. لقد تعرضت العمياء للاغتصاب فتخيلت هي نفسها وقد تعرضت للاغتصاب..هل ستصرخ إن إشتهاها يوما ما رجل ولو كان مغتصبا؟ هل ستستنجد بمن يحول بين أحضان المجرم وبين أحضانها؟ أم ستقبل بأن تجد الحب حتى ولو في صدر رجل لا يميز بين أنثى وكلبة عندما يستعر أوار هرموناته الذكورية.
وحين وقفت في الصف لتستلم معاش والدها المتوفي ؛ لثمت نصف وجهها السفلي فموظف البنك يعاملها كحشرة. هل تملكها شعور مرضي بالاضطهاد؟ حينما مدت يدها لاستلام النقود ، زم الموظف شفتيه وأشاح بوجهه عنها مادا إليها النقود ، فأدركت أنها ليست مريضة بالبارانويا.
إن العالم لا يتآمر ضدها ، بل يتجاهلها كما يتجاهل الموت.
حينئذ بدأت تغني والدموع تغمر وجنتيها المشوهتين. رفعت رأسها إلى السماء ورمقتني بنظرة وقالت:
ألا يمكنك حتى أن تصفني في قصتك؟ ألا يمكنك أن تكون عادلا ولو للحظة.
أحسست بالغضب...سأمحوك من الوجود..لا بل سألقي عليك مزيدا من لعنات الكاتب أيتها القبيحة...سأمنحك الخلود الأبدي على الأرض....
تهاوت على ركبتيها وهي في منتصف شارع مزدحم بالسيارات...ثم رفعت يدها نحوي وفردت أصبع الوسطى وهي تضحك...كانت تقهقه والسيارات تطلق أبواقها المزعجة من حولها فتخفي قهقهاتها ... ولكن ليس عني... إذن.. فلتكن حنجرتك شوكا...هكذا قلت..ورأيت حينئذ ذلك حسن.