مهند يونس - شيماء.. قصة قصيرة

كنت في السوق أعمل في أحد محلات الملابس النسائية، عندما رأيتها أو بالأصح: عندما رأتني- فهي ترى مني أكثر مما أرى منها. أعرف الشفاه التي تضحك، والخدود التي تُمَطُ وتُشَدُ والأَجْبُنٌ الغارقة في تجاعيدها من شدة الضحك، لكنّي لستُ معتادًا على العيون التي تضحك، كيف لك أن تعرف أن ثمّة عينان تضحكان بدون أن ترى بقية الوجه؟ أنا عرفت، رأيتها تضحك من خلف خيمة، من خلف متاريس الجسد، من وراء حواجز قماشية سوداء كثيفة، من وراء هضبة عالية تحاول كسف الشمس، لكنّي أعرف تلك الشمس!
آخر مرة لقيتها بها قبل احد عشرة سنة، كانت أمي تصطحبني معها للمؤسسة التي تعمل بها، المكتب فيه ثلاث زميلات لها، تخرج أمي في زيارة ميدانية لتتركني في كنف ثلاث أميرات يتناوبن على مهمة تدريسي حتى يأتي موعد باص المدرسة. كنت أُفضّل شيماء، عندما أتوفق في اجابة أحد الأسئلة تقول لي: الله ينوّر عليك! عندما يدخل أحد الموظفين من المكتب الآخر- طبعًا بعد أن يطرق الباب، تُسدِلُ نقابها، وبعد أن يخرج تعود لرفعه مرة أخرى.
لم أكن لأجازف بسؤالها عن اسمها فقد أُخطِئها ولم أكن لأفوّت هذه الفرصة كذلك. سألتني عن سعر احدى القطع، فأجبتها أن تقيّم القطعة بنفسها، عاجلتها بعد سماع السعر بقولي : الله ينور عليكِ !
بعدما عدت للمنزل تلك الليلة، سألت أمي: بتتذكري شيماء؟!
- شو القصة؟! انتم الاتنين تذكرتوا بعض اليوم!


مهند يونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى