عبد الرحيم سليلي - سماء توشك أن تقع.. شعر

فِي ظُلْمَةِ هَذَا الجُبِّ
سَتَرْفَعُني الكلماتُ
إِلى إرَمٍ تَتَلأْلَأُ في سَفْح البالِ
فأمْضي
محْمُولاً فوقَ خِيَانَاتِ الإخْوَةِ
صَوْبَ كَوَاكِبَ
تَسْجُدُ لي في طَقْسِ الرُّؤْيا
كي تخْذُلني في فِرْدَوْسِ المَلِكَاتْ .
في كَفِّي.. أقْدحُ غَيْماً
تَخْطفُ رَايته الغِرْبَانُ
وَ في لُغَتِي.. أَرْضٌ لا سَقْفَ لَهَا،
أرضٌ
تَتَلَأْلَأُ فَوْق حِرَابِ الْبَدْوِ
كَجُرْحٍ في خَاصِرَةِ الكَوْنِ المسعورِ،
وَشِبْهُ سماءٍ
تُوشِكُ أن توقِعَهَا طلقاتُ الصِّبْيَةِ
فوق نهار دَمِي
في قَاهِرةِ الفِرعَوْنِ
وفي تونسَ قاهرَةِ الدينِ
وصَنْعَاءَ المَقْذُوفَةِ
بينَ حُصُونِ تَبَابِعَةٍ وخِيَامِ رُعَاةْ !
……………………………………………………..
أَأَسِيرُ إلى شَجَر يَتَثَاءَبُ بينَ شتاءَينِ،
إلى شجر
تتَهَجَّدُ رِيحِي عِنْدَ مَدَاخِلِهِ كَمُريدٍ أعْمَى؟
شَجَرٍ يتجَرَّعُ مُرَّ عُرُوبَتِهِ
من نيلٍ لِفُراتْ؟

أمْ أفتحُ دَرْباً بين صلاتي...
؟
؟
؟
؟
وَعُوَاءِ الرغْـَـبة فيَّ؟
" أنا يُوسُفُ هَذا الوَقتِ؛"
قميصي صحراءُ
تُهَادِنُ فيها الريحُ فُلُولَ الْقَيْظِ سُدى،
ودمي نيسانٌ يَرْكُضُ مذعُوراً
بيْنَ عَشَائِرَ شَتَّى، ومضَائِقَ شتى، ومرافئَ مُغْلَقَة،
وسَرَابَ نِسَاءْ!
ونبوءةُ عُمرِي
أني أولدُ تحتَ سماءٍ عَارِيَة
بَيْنَ وَمِيضِ صَباحٍ مُحْترقٍ
ورَمَادِ مساءْ.
هَلْ ..............................يُومِضُ........
لي......... ..............هذا...........البَ...........رْ..قُ..
لأدْرِكَ مِصْرَ قُبَيْلَ قِطَارِ الغرباءْ؟
هل ......................يومض...................
لي...هذا................البرقُ..
لِأحْبِسَ نِيليْنِ بِبَاحةِ رُؤْيَايَ
وأحْضُنَ سُنْبُلتِي
حتى يتحجَّر ماءٌ في غِمْد الغيمةِ
أو ينزاحَ شتاءْ؟
هل يومضُ لي هذا الشَّرْقُ
لأنثرَ فَوْقَ حرائقه شجني وصَدَايْ؟
أوْ أعصِرَ غيْمتهُ في فنجانِ رُؤَايَ المكـسورِ
فأبـــــــــصر وجـــــهي
يرقصُ فيهِ البرْقُ
ورأسي تَـأكُلهُ
الأنْـــوَاءْ
وأُبْصِرني..
صُبَّاراً أعْمى
في زوْبَعَةِ الإخوَةِ والغـرباءْ.

أو
أُبْصِر شعبي
يَزْحَفُ فوْق رِمَالِ نُبُوءَاتٍ اهْتَرَاتْ
ليُغَيِّرَ
قاتِلهُ!
آه ..
لوْ يومضُ لي
............................................ هذا البرقُ
فقدْ حَلَّ الجَدْبُ
ولمْ يأتِ الإخْوَةُ بَعْدُ................................
عبرُوا صَوْب الأمسِ..
وصاروا عَتَّالينَ و قوادينَ،
وحمَّالِي أوْزَارٍ ،
وشَظايَا مغْتَربينَ
يبيعُون العِفَّةَ
في أرصفة التايمَزْ
بجَوَازاتٍ من نارٍ وَبَنَادِقَ عمياءْ
حَلَّ الجَدْبُ وَهَا إنِّي؛
قُمْصَاني قُدَّتْ من صَحْرَاءَ
تُطَارِدُ خَيْبَتَهَا في جُوع الصُّبّارِ
وتَدْعُوني
كي نَرْكُضَ في الأُقْيَانُوسِ المَفْتُوحِ مَعاً..
ذِئْبَيْنِ ..
وَهَذَا الَّليْلُ وَقِيعَتُنَا الأولى
في حَرْبِ الأضْدَادِ!
فَيَا لَيْلُ
تَعَالَ إلى مَيْدَانِ التحريرِ
ولا تَقْذِفْ خَيْلي بظِلالِ تَوَجّسِكَ المُرْتَابِ
فَتَلْتَبِسَ الفَوْضَى بِدَمِ الشُّهَدَاءْ.
.................................................................
يا ليْلُ تَعَالَ ..
لأشكوكَ إليكَ بقافيةٍ،
وَ................................تعالَ
لأكْتُبَ فوقَ سَوادِكَ سِيرَةَ قَهْري؛
من بغدادَ ................................................................
................................................. إلى بيروتَ
حَمَلْتُ نُبُوءَةَ ريحٍ
في صَدْري
وبَذَرْتُ الخَطْوَ فَوْقَ فَلَاةٍ
خَطَّتْ أحْذيَةُ العَسْكَر مَأْتَمَهَا .
.................................................................
آهِ .. يَا .. أَبَتي
كم طَالَ غِيَابي عَنْكَ
وكَمْ مِتُّ وَحِيداً في سِجْنِي؛
مَرَّتْ سَبْعٌ
والمَلِكُ الوَاقِعُ في طَوْقِ الأُنْثَى
لَمْ يَصْحُ بَعْدُ لأَخْرجَ من حلمي
وأرى الإخْوَةَ
يرْتجلون مصائرهمْ في " كُنَّاشِ " البِيدِ المَفْتوحِ
ويَقْتَسِمُونَ وَدَائِعَ خُسْرَاني العاتي بينَهُمُ...
آه يَا أَبَتِي
كَمْ طالَ غِيَابِي عَنِّي
وَأَنَا في ظُلْمَةِ هذا الجبِّ
أبَادِلُ أسرَايَ بِأَسْرَى اللَّيْلِ
وأُحْصِي أيامي
تَسْقُطُ من غُصنِ الوَقْتِ المكسورِ
ولا سيَّارَةكي أُوقِظَ حُلمي
من سُرُرِ القحطِ
وأدخلَ مصرَ سجينا
أو ملكاً
أو مَوْضُوعَ نِسَاءْ.

عبد الرحيم سليلي – المغرب -

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى