أحمد عمر شيخ - محطة القطارات

وصلت محطة القطارات الرئيسية وبي بعض خيبة أمل وكثير من الغضب، خارجًا للتو من مقابلة عمل فاشلة. قررت أن أسير الثلاث محطات القادمات سيرًا على الأقدام، وأمر على مجسّم عملة اليورو في وسط مدينة فرانكفورت وأبصق عليه ومن بعده أستغل القطار إلى بيتي.
في طريق ( كايسر إشتراسه) أوقفتني فتاة جميلة، شعر مقصوص بحرفية عالية وقوام عشرينية رياضية، شفاه رقيقة وثغر ضيق. أستأذنتني في الحديث ثم وجهتْ لي سؤالًا: ترجمته بسرعة في عقلي( هل تريد خزينة منزلية) يا لغرابة هذا السؤال.
عفوًا سيدتي، لم أفهم!
لو إنني أنتبهت إلى ما تقوله عيناها وغنج الكلمات بين شفتيها لما أستغربت السؤال.
أهاااا.. عفوًا سيدتي أنا لا أبيع الحب.
شكرًا لك.
شكرًا لكِ.
يقطع طريقي رجل أشعث، لا يقوى على الوقوف، جلد محمّر، ثقوب كثيرة تغطي جسمه، رائحة نتنة تفوح منه. هل يمكنك أن تعطيني يورو واحد للطعام؟
لدي يورو واحد فقط، من الممكن أن نتقاسمه، أحتاج لأقل من خمسين سنت لأشتري ورق لفافة لسجارتي، الباقي لك.
- لا سيدي إما اليورو كاملًا أو لا أريده.
مع السلامة. لا يرد التحية. ألعنه في سري، مستحضرًا ثقافتي القديمة( شحاد وكمان لئيم ).
واصلت مسيري. وصلت مجسّم عملة اليورو، وجدت السواح الآسيويين يتصورون معه. آخر ما ينقصك في هذا اليوم أن تظهر في صورة لسائح بكيني وأنت تبصق على تمثال!
صرفت النظر عن الفكرة، وقررت أن أمشي لمحطة أخرى وضحكت لأنني نسيت الفكرة التي كانت تسبق البصاق!
تحت المبنى الشاهق مررت بعاشقين تتسوران أيديهم خاصرتهما. انحل رباط حذائي، مما أضطرني لأنحني وأربطه من جديد. سمعته يقول لها: هل تعرفين حبيبتي أنني ساهمت في بناء هذا المبنى الناطح للسحابِ، كنت أطلي الجدران ومرات قليلة ساهمت في ثقب الحوائط لغرض توصيل الكهرباء. قبّلته حتى أحسست أن غيري قد سمع صوت قبلتهما، ثم قالت: أنني فخورة بك يا حبيبي.
واصلت في طريقي وصولًا إلى المحطة، فوجدت الموظف المراجع لتذاكر المواصلات واقفًا أمامي، في حقيقة الأمر كانوا عدد من الموظفين، فلذا قررت أن أصل البيت سيرًا على الأقدام بما أنني لا أملك تذكرة مواصلات.. وما زلت في طريقي إلى البيت.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى