حقيقة انه لا ذلك الولد البكر ” أنا ” الذي ولد قبل أربع سنوات ولا أخته التي بلغت العام تقريبا كلاهما لم يغيرا من فلك الحياة الرتيبة بل ازدادت سوء وكثر معاهم التعب فقد كان لزاما على الام ان تبقى أكبر قدر بالعشة أو قريبا منها لترعاهما .
في الشتاء ينقلون العشة إلى مكان لا يلحقه السيل يبنونها على ما يسمى ” السند ” وهو المنحدر بحيث لا يؤثر جريان الماء على العشة التي خاطتها أمي من بقايا الشولات ولبستها من الداخل بقطع ملونة من بقايا الأقمشة ، لم يستطيعوا أقتنا بيت الشعر الشتوي المكلف ، يحيطون العشة بكميات من الحطب والحجارة.
في أحدى ليالي الشتاء التي أعقبت هطول الامطار طيلت ثلاثة أيام متتالية لم يخرجوا فيها من العشة التي يتسترون بها من الامطار والبرد ، لم يعد الحطب المبلل قابل للاشتعال ، ولم تعد العشة التي ارتوت بالماء قابلة للصمود والثبات أمام السيول والرياح .
انتظروا حتى توقف المطر وحملني والدي تحت عباءاته وحملت والدتي شقيقتي الرضيعة تخفيها تحت بطانية البركطوطة “بقايا مظلة الطيار الامريكي الذي سقطت طيارته بالقرب من سانية جبر ” خلال موسم الحصاد ، ترك الطيار مظلته وركب العمودية التي لحقت به .. فأقتسمها الحصادة فيما بينهم ، بعد تقطيعها بالمناجل، حصل منها والدي على قطعة بحجم بطانية اطفال صغيرة .
غادروا العشة متجهين نحو بيت الجيران الذي ينتصب على مسافة غير بعيدة يفصله عن عشتنا خوي الدخان المزروع بالشعير والمغمور بمياه الامطار ، وكان على والدتي أن تسير خلف والدي الذي كان يتتبع المسرب الذي يقطع خوي الدخان فالمكان الذي لم يدخله المحراث يبقى صامداً أمام هشاشة الارض الطينية .
وصلنا إلى بيت عمي علي وأمي مبروكة كان الوقت عند صلاة العشاء كان عمي علي يصلي في ركن من البيت ، ويشعلون ناراً في طرف البيت الامامي ، بعيداً عن مجرى السيل الذي يقسم البيت الى نصفين ويجري عبر المنحدر مكملا طريقه نحو الاسفل .
سهل عمي علي مجرى السيل بان وضع التربة على طرفي المجرى الذي يقطع البيت ، في طرف البيت المقابل أصطف عدد من الاغنام حديثة الولادة والتي لا تتحمل شدة المطر، ويعلوا صياحها وهى تخفي رؤوسها تحت بعض ، وعندما تسمع صوت الرعد ترفعها فترى بقيص عيونها تعكس النار التي بدأ السيل يقترب منها .
أنهى عمي علي صلاته وجلس ووالدي في الجهة التي تقف فيها مجموعة الاغنام مفترشين حمل مخطط لم يصله الماء ، هذه الجهة أكثر ظلمة من الاخرى يصلها بصيص من قبس النار الذي يظهر عندما يضعون الحطب الجاف ويخفت عند المبلل .
لم يعجبني المكان عندما وضعني عمي علي بقربه فقمت لتخطي السيل الذي يقسم البيت محاولاً القفز إلى الجهة الاخرى غير أن السيل لحق الملابس التي أرتديها فتبللت ، عندها حاولت أمي تجفيفها بتسخينها وأنا أقف بالقرب من النار .
في الاثناء ازدادت قوة الرياح وعاود المطر الهطول بغزارة ولم يعد المجرى الذي يقسم البيت يتسع لكمية الماء المتجهة نحو المنحدر ، وبواسطة بالة تناولها عمي علي أخذ يضيف كمية من التربة التي لم يصلها الماء في أطراف البيت من الداخل حول المجرى .
أعادني والدي بالقرب منه بعد تجفيف ملابسي وغطآني بطرف من عباءته المبللة غير أنني أحسست بالدفء ، وهنا أحضرت أمي مبروكة قصعة بها كسكسي بالقرعة يبدوا إنها بقايا من وجبة الغذاء لذلك اليوم الممطر ، وجلس والدي وعمي علي حول القصعة ، وشاركتهم عنز كانت قريبة منهم الوجبة ، دون أن يعلموا إلا عندما سأل عمي علي والدي ” خيرك اتدف في القرعة ” عندها اكتشفوا أن العنز من كان يدفها .
في الصباح أشرقت الشمس فذهب والدي ليجد إن كل شيء ذهب مع السيول ، العشة مهدمة والمردومة ينتشر فحمها وحطبها على ضفاف خوي الدخان ، ولكن تصميم ذلك الفتي الاسمر على الحياة والتحدي لم يفت في عضده ، لم يركن إلى ما حل به ، ولم يندب حظه العاثر ، تناول فأسه وواصل كده من أجلنا …
* منقول عن موقع بلد الطيوب
في الشتاء ينقلون العشة إلى مكان لا يلحقه السيل يبنونها على ما يسمى ” السند ” وهو المنحدر بحيث لا يؤثر جريان الماء على العشة التي خاطتها أمي من بقايا الشولات ولبستها من الداخل بقطع ملونة من بقايا الأقمشة ، لم يستطيعوا أقتنا بيت الشعر الشتوي المكلف ، يحيطون العشة بكميات من الحطب والحجارة.
في أحدى ليالي الشتاء التي أعقبت هطول الامطار طيلت ثلاثة أيام متتالية لم يخرجوا فيها من العشة التي يتسترون بها من الامطار والبرد ، لم يعد الحطب المبلل قابل للاشتعال ، ولم تعد العشة التي ارتوت بالماء قابلة للصمود والثبات أمام السيول والرياح .
انتظروا حتى توقف المطر وحملني والدي تحت عباءاته وحملت والدتي شقيقتي الرضيعة تخفيها تحت بطانية البركطوطة “بقايا مظلة الطيار الامريكي الذي سقطت طيارته بالقرب من سانية جبر ” خلال موسم الحصاد ، ترك الطيار مظلته وركب العمودية التي لحقت به .. فأقتسمها الحصادة فيما بينهم ، بعد تقطيعها بالمناجل، حصل منها والدي على قطعة بحجم بطانية اطفال صغيرة .
غادروا العشة متجهين نحو بيت الجيران الذي ينتصب على مسافة غير بعيدة يفصله عن عشتنا خوي الدخان المزروع بالشعير والمغمور بمياه الامطار ، وكان على والدتي أن تسير خلف والدي الذي كان يتتبع المسرب الذي يقطع خوي الدخان فالمكان الذي لم يدخله المحراث يبقى صامداً أمام هشاشة الارض الطينية .
وصلنا إلى بيت عمي علي وأمي مبروكة كان الوقت عند صلاة العشاء كان عمي علي يصلي في ركن من البيت ، ويشعلون ناراً في طرف البيت الامامي ، بعيداً عن مجرى السيل الذي يقسم البيت الى نصفين ويجري عبر المنحدر مكملا طريقه نحو الاسفل .
سهل عمي علي مجرى السيل بان وضع التربة على طرفي المجرى الذي يقطع البيت ، في طرف البيت المقابل أصطف عدد من الاغنام حديثة الولادة والتي لا تتحمل شدة المطر، ويعلوا صياحها وهى تخفي رؤوسها تحت بعض ، وعندما تسمع صوت الرعد ترفعها فترى بقيص عيونها تعكس النار التي بدأ السيل يقترب منها .
أنهى عمي علي صلاته وجلس ووالدي في الجهة التي تقف فيها مجموعة الاغنام مفترشين حمل مخطط لم يصله الماء ، هذه الجهة أكثر ظلمة من الاخرى يصلها بصيص من قبس النار الذي يظهر عندما يضعون الحطب الجاف ويخفت عند المبلل .
لم يعجبني المكان عندما وضعني عمي علي بقربه فقمت لتخطي السيل الذي يقسم البيت محاولاً القفز إلى الجهة الاخرى غير أن السيل لحق الملابس التي أرتديها فتبللت ، عندها حاولت أمي تجفيفها بتسخينها وأنا أقف بالقرب من النار .
في الاثناء ازدادت قوة الرياح وعاود المطر الهطول بغزارة ولم يعد المجرى الذي يقسم البيت يتسع لكمية الماء المتجهة نحو المنحدر ، وبواسطة بالة تناولها عمي علي أخذ يضيف كمية من التربة التي لم يصلها الماء في أطراف البيت من الداخل حول المجرى .
أعادني والدي بالقرب منه بعد تجفيف ملابسي وغطآني بطرف من عباءته المبللة غير أنني أحسست بالدفء ، وهنا أحضرت أمي مبروكة قصعة بها كسكسي بالقرعة يبدوا إنها بقايا من وجبة الغذاء لذلك اليوم الممطر ، وجلس والدي وعمي علي حول القصعة ، وشاركتهم عنز كانت قريبة منهم الوجبة ، دون أن يعلموا إلا عندما سأل عمي علي والدي ” خيرك اتدف في القرعة ” عندها اكتشفوا أن العنز من كان يدفها .
في الصباح أشرقت الشمس فذهب والدي ليجد إن كل شيء ذهب مع السيول ، العشة مهدمة والمردومة ينتشر فحمها وحطبها على ضفاف خوي الدخان ، ولكن تصميم ذلك الفتي الاسمر على الحياة والتحدي لم يفت في عضده ، لم يركن إلى ما حل به ، ولم يندب حظه العاثر ، تناول فأسه وواصل كده من أجلنا …
* منقول عن موقع بلد الطيوب