كان إسمها " سرايا" تلك العجوز التى كان يطلق عليها ذكور الحى فى جلساتهم الخاصة اسم"الناقة" فى الستينيات..عجوز هى ذات قوام ممتلىء وطول مرتفع ورغم سنونها الستون كانت متوردة الخدين ذات عينان سودوان مثل ليلة بلا قمر..واسمها ايضا يدل على مضمون قوامها " سرايا" بمعنى قصر فخم ومرتفع .. او عمارة شاهقة..وكان زوجها قصير القامة دميم لسانه مؤذى ..وكان ايضا كربانيرى سوقاراتو ( مخابرات) لدى الطليان ابان الاحتلال..هذا ما اكده لى ابى..الحاج مكاييل كان يمثلها بزلزال المرج... انها زلزال وليست مجرد امراة عادية..هكذا كان يقول؟؟ تهز الارض كلما مرت...هى باختصار عجوز جميلة... انجبت عدة بنات ولم ترزق بذكر...وكل بنت من بناتها كانت عبارة عن " سرايا الصغيرة"..وكن فتيات طيبات تزوجن وذهبن الى حال سبيلهن وبقيت سرايا وزوجها وحيدين فى منزل عربى قديم وآيل للسقوط ...لكنى لااذكر للسيدة سرايا اى موقف طيب معى بالرغم من اشتهارها بالطيبة والعصامية والصدق...وفى طفولتى كان لها موقف ضدى لاانساه...وبالرغم من انى لم اكن طفلا صالحا كما ينبغى تبعا لظروفى الاجتماعية.. كنت قد فقدت امى من العام الاول لولادتى.. واعترف انى كنت شقيا ومزعجا وطفلا ثقيل الظل.. لكن سرايا ظلمتنى ذات مرة وربما كانت المرة الوحيدة التى لم اكن فيها ظالما...كنت بريئا من تهمتها..ولذلك لم اقتنع فى حياتى بطيبة سرايا ولاحسن معشرها..لكنى اعترف بانى فى مراهقتى قد اشتهيتها !! لااقتنع بطيبتها لان الذى ياكل العصا ليس مثل الذى يعد ضرباتها...ومن هنا بدأت حكايتى معها..
كنت راجعا من احدى تسكعاتى فى المدينه ..عندما وجدت جمهرة من الناس رجال ونساء واطفال تملأ زقاق البورى فى البركة...شقيت الزحام الملتف حول منزل الاستاذ عطية..حتى وصلت اليه واقفا كان يصرخ وزوجته تولول..وما ان رأتنى حتى صرخت( هاهو؟؟) وحتى هذه اللحظة فالامر عادى بالنسبة لى..لقد تعرض منزل عطيه للسرقة..وما أن رآنى عطيه حتى انقض على وكاد ان يضربنى لولا تدخل الجيران ثم قال احدهم له:
- سيعيد لك كل ما سرقه من منزلك؟؟
ادركت انى انا المتهم بالسرقة..والاستاذ عطيه هو صهر الحاجة سرايا الشاهد الرئيسى ضدى...وحملونى الى مركز البوليس ..وهناك وجدت رجلا عريض المنكبين واسع الفكين عيناه جاحظتان بسبب الغدد التى يعانى منها..وهوى بيده على خدى..وكانت عدة ايدى فى يد واحدة... وهاهى العجوز الطيبة الجميلة سرايا او الناقه تشهد فتقول بإبتسامة ماكرة لاانساها :
- لقد رأيتك بعيناى هاتين وانت تقفز هاربا من فوق السطح..هو قفاك وشعرك الاشقر..هو انت ايها الشقى..
صرخت ولم يسمعنى الذين حولى بما فيهم ابى الذى حضر فيما بعد..وكان من المثاليين الذين لايرضون بانصاف الحلول..فصدق هو الآخر بانى انا السارق وحرضهم على ضربى!!؟؟ حتى اعترف بسرقة المسجل القديم الصغير الحجم وربطات عنق الاستاذ عطيه الملتوية والمضحكة والتى لن تباع باكثر من عشرة دراهم فى سوق التركة..
كنت شقيا بلاشك..مزعجا ومجلبا للمتاعب وكان يمكن ببساطة ان يصدق الناس انى السارق..بسبب رفقاء السوء الذين اتبعهم..ولم اكن ايضا لاسرق منزل عطيه الذى كان يعطف على عطفا خاصا..لكن الناس تريد ان تثبت انى غليظ القلب وفظ وارض بور لاتزرع فيها كلمة خضراء!!..
وضعونى فى الزنزانه لاول مرة فى حياتى !! لم يكن يخطر على بالى انى ساصل الى هذا الحد من البؤس؟؟!!!واصاب العياء جاحظ العينين من ضربى فتركنى لفرد المناوبه الليلية الذى كان طيب القلب وقد اوصاه ذلك الجاحظ بان يجعل ليلتى سوداء حتى اعترف..لكن المناوب لم يفعل ما أُمر به معى..فما ان ذهب الناس والجاحظ وافراد البوليس الى حراساتهم الليلية ..حتى اخرجنى ذلك المناوب واجلسنى على كرسى فى مكتب المناوبه وبدأ تحقيقا يختلف معى..ابتسم لى واحضر كوب شاى وخبز تنور وجبن كانت فى كيس من خرقة حمراء حيك ليكون حقيبة تموينه..ولاانسى ذلك الكيس الشبيه بجراب الحاوى ..اخرج منه اشياء كثيرة ماكنت لاصدق انه يحملها..الخبز والحليب والجبن والدخان وعلبة الكبريت وبعض العلكة..وقال لى:
- لاتروى حكاية السرقه..الليل طويل و دعنا نبدأ الحكاية من اولها..
رويت له حكايتى وطفولتى التعسه ويتمى وكيف اعيش ومن ارافق حتى وصلنا الى قصة منزل الاستاذ عطيه..اخرج الرجل من جيبه مصحف صغير ..جزء من القرآن ..عرفته فى المدرسة" جزء عم" قال لى:
- اقسم هنا ان تقول الحقيقة..
واقسمت..فصدق انى برىء..اكتشفت انه ايضا يتيم الام وانه هرب الى البوليس من قبح الناس واحكامهم حتى اصبحوا يخشونه الان!!..
بعد ان انتصف الليل احضر بعض التراب ورماه على راسى وملابسى وجعلى هيئتى رثة وكأننى كنت اغوص فى الطين ولم افهم لماذا ولم اسأل ثم احضر لى فراشا وغطاء وقال لى على ان انام وسوف يوقظنى قبل حضور مناوبة الصباح..
فى الصباح كان الجاحظ اول الحاضرين دخل على فى الزنزانه..وعندما رآنى ضحك بشماتة كرهتها فيه ولم ارى اكثر قماءة من تلك اللحظة وانتابنى شعور غريب بالرغبة فى قتله الان فورا..سأل المناوب..هز المناوب راسه:
- لافائدة اترى هيئته كانت ليلته متعبه..يبدو انه برىء بالفعل ..ثم اين سيخفى المسروقات ولم يكن هناك وقت لبيعها حتى او إخفاءها..
فى منتصف النهار اطلق سراحى بعد تنازل الاستاذ عطيه عن شكواه ولاادرى ما هو السبب..ولم اجد تفسيرا لموقف سرايا التى رحلت الآن الى قبرها..وحملت معها السر.. السر فى اتهامها لى وعلى من كانت تتستر؟؟ وعلى من كانت تبعد الشبهات؟؟
كنت راجعا من احدى تسكعاتى فى المدينه ..عندما وجدت جمهرة من الناس رجال ونساء واطفال تملأ زقاق البورى فى البركة...شقيت الزحام الملتف حول منزل الاستاذ عطية..حتى وصلت اليه واقفا كان يصرخ وزوجته تولول..وما ان رأتنى حتى صرخت( هاهو؟؟) وحتى هذه اللحظة فالامر عادى بالنسبة لى..لقد تعرض منزل عطيه للسرقة..وما أن رآنى عطيه حتى انقض على وكاد ان يضربنى لولا تدخل الجيران ثم قال احدهم له:
- سيعيد لك كل ما سرقه من منزلك؟؟
ادركت انى انا المتهم بالسرقة..والاستاذ عطيه هو صهر الحاجة سرايا الشاهد الرئيسى ضدى...وحملونى الى مركز البوليس ..وهناك وجدت رجلا عريض المنكبين واسع الفكين عيناه جاحظتان بسبب الغدد التى يعانى منها..وهوى بيده على خدى..وكانت عدة ايدى فى يد واحدة... وهاهى العجوز الطيبة الجميلة سرايا او الناقه تشهد فتقول بإبتسامة ماكرة لاانساها :
- لقد رأيتك بعيناى هاتين وانت تقفز هاربا من فوق السطح..هو قفاك وشعرك الاشقر..هو انت ايها الشقى..
صرخت ولم يسمعنى الذين حولى بما فيهم ابى الذى حضر فيما بعد..وكان من المثاليين الذين لايرضون بانصاف الحلول..فصدق هو الآخر بانى انا السارق وحرضهم على ضربى!!؟؟ حتى اعترف بسرقة المسجل القديم الصغير الحجم وربطات عنق الاستاذ عطيه الملتوية والمضحكة والتى لن تباع باكثر من عشرة دراهم فى سوق التركة..
كنت شقيا بلاشك..مزعجا ومجلبا للمتاعب وكان يمكن ببساطة ان يصدق الناس انى السارق..بسبب رفقاء السوء الذين اتبعهم..ولم اكن ايضا لاسرق منزل عطيه الذى كان يعطف على عطفا خاصا..لكن الناس تريد ان تثبت انى غليظ القلب وفظ وارض بور لاتزرع فيها كلمة خضراء!!..
وضعونى فى الزنزانه لاول مرة فى حياتى !! لم يكن يخطر على بالى انى ساصل الى هذا الحد من البؤس؟؟!!!واصاب العياء جاحظ العينين من ضربى فتركنى لفرد المناوبه الليلية الذى كان طيب القلب وقد اوصاه ذلك الجاحظ بان يجعل ليلتى سوداء حتى اعترف..لكن المناوب لم يفعل ما أُمر به معى..فما ان ذهب الناس والجاحظ وافراد البوليس الى حراساتهم الليلية ..حتى اخرجنى ذلك المناوب واجلسنى على كرسى فى مكتب المناوبه وبدأ تحقيقا يختلف معى..ابتسم لى واحضر كوب شاى وخبز تنور وجبن كانت فى كيس من خرقة حمراء حيك ليكون حقيبة تموينه..ولاانسى ذلك الكيس الشبيه بجراب الحاوى ..اخرج منه اشياء كثيرة ماكنت لاصدق انه يحملها..الخبز والحليب والجبن والدخان وعلبة الكبريت وبعض العلكة..وقال لى:
- لاتروى حكاية السرقه..الليل طويل و دعنا نبدأ الحكاية من اولها..
رويت له حكايتى وطفولتى التعسه ويتمى وكيف اعيش ومن ارافق حتى وصلنا الى قصة منزل الاستاذ عطيه..اخرج الرجل من جيبه مصحف صغير ..جزء من القرآن ..عرفته فى المدرسة" جزء عم" قال لى:
- اقسم هنا ان تقول الحقيقة..
واقسمت..فصدق انى برىء..اكتشفت انه ايضا يتيم الام وانه هرب الى البوليس من قبح الناس واحكامهم حتى اصبحوا يخشونه الان!!..
بعد ان انتصف الليل احضر بعض التراب ورماه على راسى وملابسى وجعلى هيئتى رثة وكأننى كنت اغوص فى الطين ولم افهم لماذا ولم اسأل ثم احضر لى فراشا وغطاء وقال لى على ان انام وسوف يوقظنى قبل حضور مناوبة الصباح..
فى الصباح كان الجاحظ اول الحاضرين دخل على فى الزنزانه..وعندما رآنى ضحك بشماتة كرهتها فيه ولم ارى اكثر قماءة من تلك اللحظة وانتابنى شعور غريب بالرغبة فى قتله الان فورا..سأل المناوب..هز المناوب راسه:
- لافائدة اترى هيئته كانت ليلته متعبه..يبدو انه برىء بالفعل ..ثم اين سيخفى المسروقات ولم يكن هناك وقت لبيعها حتى او إخفاءها..
فى منتصف النهار اطلق سراحى بعد تنازل الاستاذ عطيه عن شكواه ولاادرى ما هو السبب..ولم اجد تفسيرا لموقف سرايا التى رحلت الآن الى قبرها..وحملت معها السر.. السر فى اتهامها لى وعلى من كانت تتستر؟؟ وعلى من كانت تبعد الشبهات؟؟