✍ " هيا... إرمِها هنا"
بقبقت الدجاجة بجزع ، وهي تشعر بجسدها يرتطم بالأرض الحديدية الصلبة داخل قفص ضيق جداً، كان عليها أن تفرد جسدها لتتمكن من الوقوف، وبصعوبة استطاعت أن تفرفر بجناحيها حتى انقلبت على بطنها بطريقة اكروباتية مضحكة أفضت إلى ارتطام منقارها بالأرضية. تألمت قليلاً وبقبقت.حاولت مد رأسها من خلال فتحة صغيرة ورأت العلف على مستطيل طويل فأقبلت تنقر وتأكل بنهم وهي تبقبق من بطنها...كانت جائعة جداً. بعد ان أنهت طعامها نظرت لأسفل ووجدت مجرى الماء فشربت حتى ارتوت...
سمعت صوت دجاجة اخرى يقول:
- أشكري الرب ولا تكوني جاحدة..
التفتت يمينا ويساراً فرأت دجاجات أخرى داخل صناديقها الصغيرة.
سألت:
- على ماذا أشكر الرب؟
اجابتها دجاجة أخرى كانت الفطريات تغطي عنقها:
- على أننا دجاج بياض وليس لاحم..هكذا لن يقتلوننا..
بقبقت الدجاجة واستمرت في نقر العلف وهي ساهية، دجاج بيَّاض وليس لاحم..أها..حسنٌ..لم أفهم شيئاً..همست لنفسها، فقالت الدجاجة الأخرى:
- يبدو أنك جديدة في هذه الوظيفة؟
التفتت دجاجتنا نحو ذات الفطريات ثم عادت لتأكل.
- لو لا هذا القفص اللعين لنقدت عينيك حتى تتورما..يجب تأديب من يتجاهلني مثلك...
بقبقت باقي الدجاجات بفزع اما دجاجتنا فبقيت تفكر في وضع لم تعتد عليه منذ ان شعرت بعلامات البلوغ...كم تحتاج لديك حنون تشعر تحت جناحية القويتين بالدفء والحماية من تنمر مثل هذه الدجاجة المريضة بالجرب..
كانت الدجاجة المتنمرة تنظر لها بعينين شريرتين..
- لن يحميكِ شيء مني أيتها الدجاجة الحمقاء...
إلا أن دجاجتنا فاجأتها بأن مدت رأسها بسرعة ونقدت عين الدجاجة المتنمرة من بين قضبان القفص فتراجعت المتنمرة وهي تبقبق بألم..وهكذا أطبقت منقارها وأصبحت صامتة وخائفة، غير أن عينها تورمت بشدة خلال النهار، وإذ أنها مريضة في الأساس فقد جاءت صاحبة المزرعة وأخرجتها من القفص بعنف، أدركت المتنمرة أن يومها قد حان فبقبقت والهلع يُرعد أوصالها، إلا أن ذلك لم ينفعها فقد ذبحتها السيدة بلا رحمة أمام رفيقاتها وقالت:
- مقرفة..كم أنتِ دجاجة مقرفة...ولن أتركك لتصيبي الباقيات بعدوى المرض...
ورأت دجاجتنا الدماء لأول مرة ففزعت وأخذت تنقر العلف بسرعة لتتجاوز خوفها.
قالت السيدة:
- ولا بيضة حتى الآن يبدو أن الرجل قد خدعني وباع لي دجاجات لا تبيض...سأذبح التي لا تبيض فيكن أيتها الحمقاوات..
صرخت الدجاجات جميعا دفعة واحدة، وباضت بعضهن بسبب الخوف.. فضحكت السيدة البشرية وجمعت البيض في سلتها وغادرت..
مضت أيام والدجاجة تبيض دون أن تتمكن من الاحتفاظ بفلذة كبدها، وكانت الدجاجات الأخريات يعملن بصمت..فصاحت:
- يا بنات...ما الذي يحدث لنا بحق الله؟ هل مكتوب علينا أن نتعلف ونبيض فقط..هذه ليست حياة..
غير ان باقي الدجاجات كن يصرخن:
- اسكتي يا ملعونة..سيتم ذبحنا لو بلغ كلامك هذا مسامع السيدة..
قالت ساخطة:
- وما الفرق..ما الفرق..هل تعتقدون أن هذه حياة..
قالت اخرى:
- أين سنذهب..لقد عشنا في مزارع البشر الفقراء..كان الصبية يدقون مناقيرنا والمراهقون من البشر يحاولون اغتصابنا ومع ذلك لم نكد نجد طعاماً ولا شراباً وكنا بعد هذا كله نبيض كما نفعل اليوم..
وتصيح اخريات:
- إذا كنت جاحدة بنعمة الرب فافعلي هذا بعيداً عنا..لا تجلبي لنا غضبه...
ثم تردف أخرى:
- عندما تأتِ السيدة أصرخوا جميعكن بصوت عالٍ لتعرف أن هذه المتمردة الجاحدة لا تنتمي لنا...
صاحت اخرى:
- ولكن السيدة ستذبحها...
فترد تلك:
- خيرٌ من ان تذبحنا جميعاً...
أما دجاجتنا فقررت أن تأكل بيضها..ستبيض وتأكل صغارها حتى لا تستمتع به السيدة البشرية..وهكذا بدأت بالفعل في نقر بيضها واكتشفت أن طعمه لذيذٌ جدا...
قالت: يا صغاري إنكم لذيذون كأمكم..
وكانت تضحك والدجاجات الأخريات يراقبنها...ثم جربت الدجاجات الأخريات أكل بيضهن كذلك فوجدوه أشهى من العلف..ومضت أيام لم تحصل فيها السيدة البشرية من دجاجاتها إلا على القِشر الجاف..
فقالت: لقد أصبن بالجنون..
وفي اليوم الأخير حملت بطاريات الدجاج ورفعتها على عربة نقل ومضت بالدجاجات إلى وجهة غير معلومة..لكن سماء المنطقة فاحت برائحة دخان الشواء اللذيذ...
(تمت)
بقبقت الدجاجة بجزع ، وهي تشعر بجسدها يرتطم بالأرض الحديدية الصلبة داخل قفص ضيق جداً، كان عليها أن تفرد جسدها لتتمكن من الوقوف، وبصعوبة استطاعت أن تفرفر بجناحيها حتى انقلبت على بطنها بطريقة اكروباتية مضحكة أفضت إلى ارتطام منقارها بالأرضية. تألمت قليلاً وبقبقت.حاولت مد رأسها من خلال فتحة صغيرة ورأت العلف على مستطيل طويل فأقبلت تنقر وتأكل بنهم وهي تبقبق من بطنها...كانت جائعة جداً. بعد ان أنهت طعامها نظرت لأسفل ووجدت مجرى الماء فشربت حتى ارتوت...
سمعت صوت دجاجة اخرى يقول:
- أشكري الرب ولا تكوني جاحدة..
التفتت يمينا ويساراً فرأت دجاجات أخرى داخل صناديقها الصغيرة.
سألت:
- على ماذا أشكر الرب؟
اجابتها دجاجة أخرى كانت الفطريات تغطي عنقها:
- على أننا دجاج بياض وليس لاحم..هكذا لن يقتلوننا..
بقبقت الدجاجة واستمرت في نقر العلف وهي ساهية، دجاج بيَّاض وليس لاحم..أها..حسنٌ..لم أفهم شيئاً..همست لنفسها، فقالت الدجاجة الأخرى:
- يبدو أنك جديدة في هذه الوظيفة؟
التفتت دجاجتنا نحو ذات الفطريات ثم عادت لتأكل.
- لو لا هذا القفص اللعين لنقدت عينيك حتى تتورما..يجب تأديب من يتجاهلني مثلك...
بقبقت باقي الدجاجات بفزع اما دجاجتنا فبقيت تفكر في وضع لم تعتد عليه منذ ان شعرت بعلامات البلوغ...كم تحتاج لديك حنون تشعر تحت جناحية القويتين بالدفء والحماية من تنمر مثل هذه الدجاجة المريضة بالجرب..
كانت الدجاجة المتنمرة تنظر لها بعينين شريرتين..
- لن يحميكِ شيء مني أيتها الدجاجة الحمقاء...
إلا أن دجاجتنا فاجأتها بأن مدت رأسها بسرعة ونقدت عين الدجاجة المتنمرة من بين قضبان القفص فتراجعت المتنمرة وهي تبقبق بألم..وهكذا أطبقت منقارها وأصبحت صامتة وخائفة، غير أن عينها تورمت بشدة خلال النهار، وإذ أنها مريضة في الأساس فقد جاءت صاحبة المزرعة وأخرجتها من القفص بعنف، أدركت المتنمرة أن يومها قد حان فبقبقت والهلع يُرعد أوصالها، إلا أن ذلك لم ينفعها فقد ذبحتها السيدة بلا رحمة أمام رفيقاتها وقالت:
- مقرفة..كم أنتِ دجاجة مقرفة...ولن أتركك لتصيبي الباقيات بعدوى المرض...
ورأت دجاجتنا الدماء لأول مرة ففزعت وأخذت تنقر العلف بسرعة لتتجاوز خوفها.
قالت السيدة:
- ولا بيضة حتى الآن يبدو أن الرجل قد خدعني وباع لي دجاجات لا تبيض...سأذبح التي لا تبيض فيكن أيتها الحمقاوات..
صرخت الدجاجات جميعا دفعة واحدة، وباضت بعضهن بسبب الخوف.. فضحكت السيدة البشرية وجمعت البيض في سلتها وغادرت..
مضت أيام والدجاجة تبيض دون أن تتمكن من الاحتفاظ بفلذة كبدها، وكانت الدجاجات الأخريات يعملن بصمت..فصاحت:
- يا بنات...ما الذي يحدث لنا بحق الله؟ هل مكتوب علينا أن نتعلف ونبيض فقط..هذه ليست حياة..
غير ان باقي الدجاجات كن يصرخن:
- اسكتي يا ملعونة..سيتم ذبحنا لو بلغ كلامك هذا مسامع السيدة..
قالت ساخطة:
- وما الفرق..ما الفرق..هل تعتقدون أن هذه حياة..
قالت اخرى:
- أين سنذهب..لقد عشنا في مزارع البشر الفقراء..كان الصبية يدقون مناقيرنا والمراهقون من البشر يحاولون اغتصابنا ومع ذلك لم نكد نجد طعاماً ولا شراباً وكنا بعد هذا كله نبيض كما نفعل اليوم..
وتصيح اخريات:
- إذا كنت جاحدة بنعمة الرب فافعلي هذا بعيداً عنا..لا تجلبي لنا غضبه...
ثم تردف أخرى:
- عندما تأتِ السيدة أصرخوا جميعكن بصوت عالٍ لتعرف أن هذه المتمردة الجاحدة لا تنتمي لنا...
صاحت اخرى:
- ولكن السيدة ستذبحها...
فترد تلك:
- خيرٌ من ان تذبحنا جميعاً...
أما دجاجتنا فقررت أن تأكل بيضها..ستبيض وتأكل صغارها حتى لا تستمتع به السيدة البشرية..وهكذا بدأت بالفعل في نقر بيضها واكتشفت أن طعمه لذيذٌ جدا...
قالت: يا صغاري إنكم لذيذون كأمكم..
وكانت تضحك والدجاجات الأخريات يراقبنها...ثم جربت الدجاجات الأخريات أكل بيضهن كذلك فوجدوه أشهى من العلف..ومضت أيام لم تحصل فيها السيدة البشرية من دجاجاتها إلا على القِشر الجاف..
فقالت: لقد أصبن بالجنون..
وفي اليوم الأخير حملت بطاريات الدجاج ورفعتها على عربة نقل ومضت بالدجاجات إلى وجهة غير معلومة..لكن سماء المنطقة فاحت برائحة دخان الشواء اللذيذ...
(تمت)