- لا يوجد لدينا غرف شاغرة
كانت هذه العبارة، أخر ما يتمنى سماعه من موظف الاستقبال.. قال له وهو يحاول أن يكون دقيقاً في اختيار عباراته:
- أريد غرفة.. الليلة فقط.. وغدا مع الصباح أغادر بأذن الله.
- يوجد لدينا سرير شاغر في غرفة زوجية.
- موافق.. موافق هي ليلة فقط.
قالها بسرعة حتى لا يغير موظف الاستقبال رأيه.. تنحنح موظف الاستقبال، وبانت الجدية على وجهه، وقال:
- هناك أمر أخر يجب أن أخبرك به..هذا النزيل غريب الأطوار وعصبي جداً، ويكره الإزعاج فحاول أن تكون حذراً معه.
دفع أجرة الليلة مقدماً، وصعد للغرفة وفتح الباب بهدوء، وأراد أن يضغط على مفتاح الإنارة لان الغرفة كانت مظلمة.. فإذا بصوت أجش يقول: لا تفعل ذلك.. ستعتاد على الظلمة والسرير أمامك مباشرة إذا أردت النوم.
سمع هذا الكلام ونفذه دون نقاش، وما أن أستقر على السرير حتى سمع شريكه في الغرفة يسأله: هل أنت من عمال المنجم؟
- لا أنا مزارع من القرية المجاورة.
تعودت عيناه على ضوء الغرفة، فلاحظ أن قبعة حمراء معلقة قرب النافذة، وتظهر بوضوح مع كل أضاءه للسيارات المارة.. سمعه يقول بصوت أجش:
- ما الذي أتى بك لهذا النزل؟
- أنا كما أخبرتك مزارع بسيط، ولى طفل صغير عمره عشر سنوات هو كل ما أملك في هذه الدنيا بعد وفاة والدته منذ سنوات.. طفلي هذا حساس جداً ورقيق يصادق الحيوانات ويحب الفراشات ولا يحب إيذاء أي مخلوق.. ولكنه في الفترة الأخيرة أصبح حزيناً جداً لعدم وجود أطفال بالقرب منا ليلعب معهم فكان، يذهب إلى الطريق الرئيسي لينتظر الحافلات العامة وهى تمر مسرعة، فكان يلوح بيده الصغيرة للركاب، ولكنهم لا يعيرونه اهتماما فيعود للمنزل وهو حزين.. ففكرت أن أستقل الحافلة في الصباح الباكر لألوح له حتى يفرح قلبه الصغير.
انتهى من سرد حكايته وإذا بشخير الرجل يرتفع وكأنه نام منذ فترة.. في الصباح نهض مسرعاً فلم يجد شريكه في الغرفة.. ذهب إلى محطة الحافلات فوجد أن الحافلة قد انطلقت منذ برهة.. شعر بحزن شديد وهو يستقل الحافلة الثانية وصورة أبنه الصغير لا تفارق خياله.
وعند وصوله للمنزل، أستقبله أبنه وهو مسرور يكاد الفرح ينطق من قسمات وجهه البريء.
- ماذا هناك؟
أجاب الطفل الصغير:
- اليوم في الصباح الباكر.. لوحت بيدي لإحدى الحافلات.. فإذا بأحد الركاب يلوح لي بحرارة وهو يبتسم.. ليس هذا فحسب، ولكنه لوح لي بقبعته الحمراء بعد أن ابتعدت الحافلة، وأخذ يـلوح بها حتى اختفت عن أنظاري.. أخيراً يا والدي لاحظني أحد الناس ولوح لي وأنا مسرور لذلك.
جلس الرجل مبتسماً وهو يتذكر تحذير موظف الاستقبال: هذا النزيل غريب الأطوار وعصبي ويكره الإزعاج.
العدد: 37.. السنة: 03.. 05/2004
كانت هذه العبارة، أخر ما يتمنى سماعه من موظف الاستقبال.. قال له وهو يحاول أن يكون دقيقاً في اختيار عباراته:
- أريد غرفة.. الليلة فقط.. وغدا مع الصباح أغادر بأذن الله.
- يوجد لدينا سرير شاغر في غرفة زوجية.
- موافق.. موافق هي ليلة فقط.
قالها بسرعة حتى لا يغير موظف الاستقبال رأيه.. تنحنح موظف الاستقبال، وبانت الجدية على وجهه، وقال:
- هناك أمر أخر يجب أن أخبرك به..هذا النزيل غريب الأطوار وعصبي جداً، ويكره الإزعاج فحاول أن تكون حذراً معه.
دفع أجرة الليلة مقدماً، وصعد للغرفة وفتح الباب بهدوء، وأراد أن يضغط على مفتاح الإنارة لان الغرفة كانت مظلمة.. فإذا بصوت أجش يقول: لا تفعل ذلك.. ستعتاد على الظلمة والسرير أمامك مباشرة إذا أردت النوم.
سمع هذا الكلام ونفذه دون نقاش، وما أن أستقر على السرير حتى سمع شريكه في الغرفة يسأله: هل أنت من عمال المنجم؟
- لا أنا مزارع من القرية المجاورة.
تعودت عيناه على ضوء الغرفة، فلاحظ أن قبعة حمراء معلقة قرب النافذة، وتظهر بوضوح مع كل أضاءه للسيارات المارة.. سمعه يقول بصوت أجش:
- ما الذي أتى بك لهذا النزل؟
- أنا كما أخبرتك مزارع بسيط، ولى طفل صغير عمره عشر سنوات هو كل ما أملك في هذه الدنيا بعد وفاة والدته منذ سنوات.. طفلي هذا حساس جداً ورقيق يصادق الحيوانات ويحب الفراشات ولا يحب إيذاء أي مخلوق.. ولكنه في الفترة الأخيرة أصبح حزيناً جداً لعدم وجود أطفال بالقرب منا ليلعب معهم فكان، يذهب إلى الطريق الرئيسي لينتظر الحافلات العامة وهى تمر مسرعة، فكان يلوح بيده الصغيرة للركاب، ولكنهم لا يعيرونه اهتماما فيعود للمنزل وهو حزين.. ففكرت أن أستقل الحافلة في الصباح الباكر لألوح له حتى يفرح قلبه الصغير.
انتهى من سرد حكايته وإذا بشخير الرجل يرتفع وكأنه نام منذ فترة.. في الصباح نهض مسرعاً فلم يجد شريكه في الغرفة.. ذهب إلى محطة الحافلات فوجد أن الحافلة قد انطلقت منذ برهة.. شعر بحزن شديد وهو يستقل الحافلة الثانية وصورة أبنه الصغير لا تفارق خياله.
وعند وصوله للمنزل، أستقبله أبنه وهو مسرور يكاد الفرح ينطق من قسمات وجهه البريء.
- ماذا هناك؟
أجاب الطفل الصغير:
- اليوم في الصباح الباكر.. لوحت بيدي لإحدى الحافلات.. فإذا بأحد الركاب يلوح لي بحرارة وهو يبتسم.. ليس هذا فحسب، ولكنه لوح لي بقبعته الحمراء بعد أن ابتعدت الحافلة، وأخذ يـلوح بها حتى اختفت عن أنظاري.. أخيراً يا والدي لاحظني أحد الناس ولوح لي وأنا مسرور لذلك.
جلس الرجل مبتسماً وهو يتذكر تحذير موظف الاستقبال: هذا النزيل غريب الأطوار وعصبي ويكره الإزعاج.
العدد: 37.. السنة: 03.. 05/2004