بالأمسِ ..
في منتصف ِ المِهن السّعيدة
اِفتَرضت ُ أنّني السّعيد !
ألطّير ُ كان َ لي,
الرّيح
لي مَمْلَكة ٌ إلهية
غير أنّي ما كنتُ إلهاً
لي مرّة ً قالَ:
قُمْ
قُلتُ أين ؟
قال:
علّم نَبيَّكَ الحيْرانَ مهْنَتهُ
بما أني كُنتُ بالأمسِ ذاتهِ
وبين َافتراضات ٍ بِلا عَجلاتٍ،
تَجرُّ بُرهانَها
قلتُ : لا
واتّكأتُ على فعْل خُماسيِّ الّحَركاتِ
أقصد انْكَسرتُ!
لكنّي ْ لم أمُتْ!!
بالأمسِ أيضا ً, رأيته ُ
بِكامِلِ عُدَّتهِ يَبكي
ومثل عرّافٍ,
يستخرِجُ الحلمَ مِنْ جلدِهِ
خمّنتُ :
إمّا سَيَلفُّني بعباءتهِ
وإمّا سيُعلّقني مِنْ قدميّ, فيفْلقُني
لكنَّه ُظلَّ ساكِنا ً,
كحَجَرٍ مُنْذ آلاف السّنين
ينحَت حبْلاً لسرّتهِ
تعلّقتُ بِهِ
تعلّقتُ حينا ً بسحنَتِهِ
وحينا لدهشتهِ،
تعلّقتُ
حتى ترنّحَ اللّيل
فأضعتُ ظلّي,
ومرآتي
ضيّعتُ كلَّ شيء
حتى انقرَضتْ في الوَحلِ نجماتي
ولأني زَعيمُ الكَواكِبِ كلّها
ولأنّ عجلات المدِّ والجزرِ خاصَتي
رأيتهُ مَحارَةً ,
نَستْ أسنانَها في الّبحر
ولأنّني مُشعٌّ أبَديّ
نظّفتُ طاوِلَتي مِنْ دَنسِ السّاعاتِ
هيّأتهُ
راقصته ُ بِنُبلٍ وحُلم ٍ سَعيد
حاصرتهُ بِهيبة ِ الّموُسيقى
بشَرَف العروُق
توّجْته ُبِكرَمِ الوردِ
خاطبته بصولجانِ البياض
وقلتُ للشمسِ أخيَّتي,
هيّا رتّبيه
رائحة ً أكثَرَ مجدا
رتّبيه همسا,
لفوْضويّته ِالدّارجة
سوّري مَدائنه ُ الرماديةَ بالفوانيسِ
توقدُ شعْلَتَها من شظايا النور
مرّي بهِ
العينُ ترصدُه ُ بدقّاتِها
هيّا أخيّتي, رتِّبيه
ولأنَّ الأمسَ جروٌ
تخرُّ الّدقائق ُ مِنْ منخَريه
ولأنَّ الّدقائقَ تشبهُ الأفلاك
هندس َ الّتجاعيدَ بِقوَّةٍ
أحكمَ جِهاته بالّحكمَة ِ
وبِلا موعِظةٍ
خطّطها بالأحمر الكحليّ
وادّعى أنَّه النّسيانُ,
لا الطّغيان
هكذا ..
بِلا موعدٍ زارني
وفي منتَصفِ الجّرح ِ
نسيتُ أن أنسى ذاكِرَتي
وأهملتُ بِقصدٍ واضحٍ كلَّ نسياني
جمّعت ُ غاباتي كلَّها
جمّعتها, وكوّرتُها ثلاثينَ قرناً
ثمَّ رميتُها إذ ْ رَمتْني
وارتَمينا فُلكاً
في مثانَة ِ السّكران
وعلى سطح الليل
وَجدْتُ أنني وحدي
بِنظارتي
أقرأ نجْمي,
أقرأهُ
وأقرَأ ُ أمّي بِبَياضِها المُعتاد
تَذكّرتُ صلاتهاعِنْدَ الغروب
تذكّرتُ أنّني لستُ إلهاً
بَنفْسَج ٌ أنّما معْتوه أنا
صرخْت:
أيُّها الأمس ُ المُستَديم
الغروبُ فَمُ الله
فلنُصلّي جَميعاً
صلّيتُ
صليت ..
حتى انهارَ المسّجد ُ الأقصى
وكانَ الليلُ في يَميني
وكُنتُ رِيحا ً وَلسْتُ (بُراقاً)*
دمدمتُ في سرّي
مَتى يكْشِفُ السّرَّ ( بيثُ كُداد )**
أرعدْ يا حبيبي البيت َبالحكمة
بغداد بالصّوف حبلى,
بالحرائق تمخَّضتْ نخلاتها
وبالرماد
كأنَّ الصّرخة َفي جلدِها
مِنْ آرامَ تجْترَّني
إلى جاسمَ في حيِّ (الضأضاؤوف)**
وبِعَضّةٍ لا تومئُ للحاضر
صرخت ُ بوجهي
عِظني..
كي أقفِزَ فوق الّبِداية
عِظني ..
وبِحافِريك الخرافيين
لا تضربْ عكّازي
عِظني
فنابك ظلَّ يقطرُ ماءَ النّار
حتّى عَضَّني في العّظم ِ والضّادِ
دَم ٌ
نَزيف ٌ
إلَه ٌ قديم
على مرِّ الّعصور يصلي
قبْلتهُ بغداد
وقامَته إلَهُ النّار
يصعِّرُ خدّيهِ بالّحربِ والأوتاد
تَبخْترْ إذاً
أيّها الّوجهُ المُمجّد بالخرائط,
بالخرائب
تبخترْ كما تشاء
تبخْترْ مرّة ً أخرى
تبخْترْ دائماً
في امْتِصاص الموت
في سبْك الزّمان
تبخْترْ في الإله الّقديم
فالحاضرُ سكْران,
نسي رأسهُ
في مستنقع ٍ آسِنٍ
وغاب
-------------
*البراق : هو اسم الفرس في الاسراء والمعراج
**( بيث َ كُداد ) : اسم لبغداد باللغة الاشورية القديمة
***الضأضاؤوف): كلمة مبتكرة لا معنى لها لكني استخدمت (ؤوف) باللغة الروسية
التي تقابل ياء النسب بالعربية
إله قديم - من مجموعة الطوفان في نوحه الاخير الصادر عن دار بدايات سوريا /دمشق
ماجد مطرود
في منتصف ِ المِهن السّعيدة
اِفتَرضت ُ أنّني السّعيد !
ألطّير ُ كان َ لي,
الرّيح
لي مَمْلَكة ٌ إلهية
غير أنّي ما كنتُ إلهاً
لي مرّة ً قالَ:
قُمْ
قُلتُ أين ؟
قال:
علّم نَبيَّكَ الحيْرانَ مهْنَتهُ
بما أني كُنتُ بالأمسِ ذاتهِ
وبين َافتراضات ٍ بِلا عَجلاتٍ،
تَجرُّ بُرهانَها
قلتُ : لا
واتّكأتُ على فعْل خُماسيِّ الّحَركاتِ
أقصد انْكَسرتُ!
لكنّي ْ لم أمُتْ!!
بالأمسِ أيضا ً, رأيته ُ
بِكامِلِ عُدَّتهِ يَبكي
ومثل عرّافٍ,
يستخرِجُ الحلمَ مِنْ جلدِهِ
خمّنتُ :
إمّا سَيَلفُّني بعباءتهِ
وإمّا سيُعلّقني مِنْ قدميّ, فيفْلقُني
لكنَّه ُظلَّ ساكِنا ً,
كحَجَرٍ مُنْذ آلاف السّنين
ينحَت حبْلاً لسرّتهِ
تعلّقتُ بِهِ
تعلّقتُ حينا ً بسحنَتِهِ
وحينا لدهشتهِ،
تعلّقتُ
حتى ترنّحَ اللّيل
فأضعتُ ظلّي,
ومرآتي
ضيّعتُ كلَّ شيء
حتى انقرَضتْ في الوَحلِ نجماتي
ولأني زَعيمُ الكَواكِبِ كلّها
ولأنّ عجلات المدِّ والجزرِ خاصَتي
رأيتهُ مَحارَةً ,
نَستْ أسنانَها في الّبحر
ولأنّني مُشعٌّ أبَديّ
نظّفتُ طاوِلَتي مِنْ دَنسِ السّاعاتِ
هيّأتهُ
راقصته ُ بِنُبلٍ وحُلم ٍ سَعيد
حاصرتهُ بِهيبة ِ الّموُسيقى
بشَرَف العروُق
توّجْته ُبِكرَمِ الوردِ
خاطبته بصولجانِ البياض
وقلتُ للشمسِ أخيَّتي,
هيّا رتّبيه
رائحة ً أكثَرَ مجدا
رتّبيه همسا,
لفوْضويّته ِالدّارجة
سوّري مَدائنه ُ الرماديةَ بالفوانيسِ
توقدُ شعْلَتَها من شظايا النور
مرّي بهِ
العينُ ترصدُه ُ بدقّاتِها
هيّا أخيّتي, رتِّبيه
ولأنَّ الأمسَ جروٌ
تخرُّ الّدقائق ُ مِنْ منخَريه
ولأنَّ الّدقائقَ تشبهُ الأفلاك
هندس َ الّتجاعيدَ بِقوَّةٍ
أحكمَ جِهاته بالّحكمَة ِ
وبِلا موعِظةٍ
خطّطها بالأحمر الكحليّ
وادّعى أنَّه النّسيانُ,
لا الطّغيان
هكذا ..
بِلا موعدٍ زارني
وفي منتَصفِ الجّرح ِ
نسيتُ أن أنسى ذاكِرَتي
وأهملتُ بِقصدٍ واضحٍ كلَّ نسياني
جمّعت ُ غاباتي كلَّها
جمّعتها, وكوّرتُها ثلاثينَ قرناً
ثمَّ رميتُها إذ ْ رَمتْني
وارتَمينا فُلكاً
في مثانَة ِ السّكران
وعلى سطح الليل
وَجدْتُ أنني وحدي
بِنظارتي
أقرأ نجْمي,
أقرأهُ
وأقرَأ ُ أمّي بِبَياضِها المُعتاد
تَذكّرتُ صلاتهاعِنْدَ الغروب
تذكّرتُ أنّني لستُ إلهاً
بَنفْسَج ٌ أنّما معْتوه أنا
صرخْت:
أيُّها الأمس ُ المُستَديم
الغروبُ فَمُ الله
فلنُصلّي جَميعاً
صلّيتُ
صليت ..
حتى انهارَ المسّجد ُ الأقصى
وكانَ الليلُ في يَميني
وكُنتُ رِيحا ً وَلسْتُ (بُراقاً)*
دمدمتُ في سرّي
مَتى يكْشِفُ السّرَّ ( بيثُ كُداد )**
أرعدْ يا حبيبي البيت َبالحكمة
بغداد بالصّوف حبلى,
بالحرائق تمخَّضتْ نخلاتها
وبالرماد
كأنَّ الصّرخة َفي جلدِها
مِنْ آرامَ تجْترَّني
إلى جاسمَ في حيِّ (الضأضاؤوف)**
وبِعَضّةٍ لا تومئُ للحاضر
صرخت ُ بوجهي
عِظني..
كي أقفِزَ فوق الّبِداية
عِظني ..
وبِحافِريك الخرافيين
لا تضربْ عكّازي
عِظني
فنابك ظلَّ يقطرُ ماءَ النّار
حتّى عَضَّني في العّظم ِ والضّادِ
دَم ٌ
نَزيف ٌ
إلَه ٌ قديم
على مرِّ الّعصور يصلي
قبْلتهُ بغداد
وقامَته إلَهُ النّار
يصعِّرُ خدّيهِ بالّحربِ والأوتاد
تَبخْترْ إذاً
أيّها الّوجهُ المُمجّد بالخرائط,
بالخرائب
تبخترْ كما تشاء
تبخْترْ مرّة ً أخرى
تبخْترْ دائماً
في امْتِصاص الموت
في سبْك الزّمان
تبخْترْ في الإله الّقديم
فالحاضرُ سكْران,
نسي رأسهُ
في مستنقع ٍ آسِنٍ
وغاب
-------------
*البراق : هو اسم الفرس في الاسراء والمعراج
**( بيث َ كُداد ) : اسم لبغداد باللغة الاشورية القديمة
***الضأضاؤوف): كلمة مبتكرة لا معنى لها لكني استخدمت (ؤوف) باللغة الروسية
التي تقابل ياء النسب بالعربية
إله قديم - من مجموعة الطوفان في نوحه الاخير الصادر عن دار بدايات سوريا /دمشق
ماجد مطرود