أهديتُ ذات يوم وردة حمراء لتلك البنت التي أحببتها. الوردة كانت ملفوفة وممتلئة بالأوراق، وبها ذلك الغِنى العِطري الذي يشدُّ الحواس نحو الفضاء والأماكن البريّة. لحظتها تأملتْ الوردة وقالت إنها رائعة وأُنثوية! أذهلني وصفها العجيب فائق الحساسية، وبعد انتهاء لقائنا الغالي تمكَّنتُ، بطريقة ما، من التحول إلى نحلة، طارتْ بالطنين المُلِح وراء محبوبتي الجميلة. ودون أن تُحس بأي شيء؛ سكنتُ في قلب الوردة بلا رَفَّة جناح واحدة. طوال طريقها إلى البيت وصلتني أنفاسها المُستنشِقة بإصرار، كأنها تريد أن تُنهِي كُلّ العبير الحُلو المخزون في وردتي. قاومتُ تلك الأنفاس، وكِدتُ –أنا النحلة- أن أتزلزل وأنجرف نحو الأنف الشَّفَّاط بِنَهَم. بعد مُدة أحسستُ بنفسي دائخا داخل الوردة الباردة المُلقاة على الترابيزة الصغيرة في غرفتها. عرفتُ أنني أموت ببطء في قبري، في وردتي التي لم يعد بها نقطة رحيق يتيمة يمكن أن تردَّ لي روحي.