إيهاب خليفة - البلدة العظيمة.. شعر

- نعم، انتقلَ الأحياءُ إلى المقابر،
وانتقلَ الموتَى إلى البيوتِ .
وُضِعَ في قصر الحاكم
جثة لحاكم قديم
على نفس الكرسيِّ
المرصع بالجماجم والدماء ،
ووُضِعَ حارسان مقنَّعَان
من نفس الزمن
كان يفضلهما ،
ويؤثرهما بالجلدِ
والسباب .

المتهمونَ بالخيانةِ
بُحِثَ عنهم في كلِّ قبر ،
ورغم التشوهاتِ
التي دمغتْ عظامَهُمْ ،
والتي جعلتهم شبْهَ مجهولينَ
إلا أننا على يقين ٍ
أنهم هم أنفسهم
الموتى المطلوبونَ
الذين عارضوا ،
ها هُمْ مرة ثانية
يُسَمَّرُون في ساحةِ الإعدام
في بقايا أكفان قذرةٍ ،
وبأجسام يملؤها الدودُ
و الغبار.

و ها هم الحراسُ النبلاءُ
ذوو الهراواتِ،
الذين ساهموا في القبض عليهم
بعد مطارداتِ الوحل ِ
والغاباتِ
والجبال ِ
يبتسمون في أكفانهم أيضا
ومعهم سياطهم
ونياشينهم
وخلفهم كلابهم
ذاتُ الأجراس التي ترنُّ ،
كلابهم المدربة السوداء
الميتة أيضا
التي تكادُ تنبحُ .

ها هي البلدة العظيمة ُ
عادتْ كلها من جديدٍ ،
القاضي آكلُ السحتِ بمكر عينيهِ ،
وفتواهُ المعلبة ُ،
والوزراء ذووالأبراج
والجماهيرُ
التي لا تجيدُ سوى الهتافِ ،
ولا ينقصنا الآن
سوى لعنةِ الروح
حتى تكون اللوحة ُ
مشهدًا حيًّا يخلو
من الحياة!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى