مقتطف جهاد زهري - مقطع من رواية " سخرية قدر "

في الصباح الباكر ،استيقظت على أذان الفجر ،فتحت عينيَّ عن آخرهما ،كنت وكأني لأوَّل مرَّة أنصت إليه ،وكان صوت المؤذن شجيُّا ،يريح الرّوح ،ويعيد ما اندثر منها الى مكانه
اللَّه أكبر ،الله أكبر
إنَّ وقع الكلمة ،كان رهيبا ،هاهي تثير فيَّ تساؤلات مرَّة أخرى ،هل هو أكبر من هذا الجحيم الذي أعيشه ،وإن كان كذلكَ فلماذا لا يخلّصني مما أنا فيه ،غطَّيت وجهي بوسادة ثانية ورحت أبكي بحرقة ،تنهمر الدموع نهرا من الآلام ،والخواء ،والأسئلة ،ومرة أخرى أسأله بشدة وبغضبٍ
أنت أكبر من كلّ شيءٍ ،لذلك لا أظن أني أستطيع أن ألومك ،لكني أفعل ،وكنتُ في هذا كأني أتحدَّاه غير أني لم أكن أتحدَّى إلا ضعفي ،الذي أصبح وحشا يلتهمني ،ألوم هذه الدَّائرة الفارغة التي لم أستطع الخروج منها ..
إني ألومك ،أنت كان بإمكانك أن تنقذني ،لكنَّك لم تفعل ،هل تختبرني؟
هل يفعل الجميع ذلكَ ؟
ألم يمت أبي ،هل يختبرني هو أيضا ؟
هل تفعل أمي ذلكَ حين مُنعت مني حنانها منذ اللحظة الأولى؟
ولو كان فعلا كذلكَ ،وسواء نجحت بهذه الاختبارات كلها ،أم لم افعل ،من سيرد شتاتي ،وقطع روحي التي تتهاطل على أرجاء الزَّمن ومن يلملمها ؟
،أنت يا الله؟ ،أبي؟ ،أمي ؟
من سيفعل ذلكَ ؟
إني أحس بحقد بالغ تجاهكم جميعا ،ولا أومن بكم جميعا ،موجة أخرى من الغضبِ استولت عليَّ وكان عليَّ أن أزيلها ،لكن يدا مكسورة ،فهل سأكسر اليد الأخرى ؟
حاولت الاستواء ،بحثت في جيب معطفي الذي نمت بهِ عن سيجارة ،وأشعلتها ورحت ُ أدخن ،أدخن فقط ...
أيَّها الصَّباح اللعين ،أستقبلك بالتدخين والأسئلة ....


جهاد زهري.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى