أنس عبد الصمد نجم - في قريتي شيخٌ يُرقِّعُ جُبَّةَ الشفقِ الحزينِ

في قريتي
شيخٌ
يُرقِّعُ جُبَّةَ الشفقِ الحزينِ
بصوتِهِ
يتلو
بُعيدَ صلاتِهِ للفجرِ
قرآنا،
فتحمِلُ زوجةُ الشيطانِ جمرتَهَا
وتهرُبُ نحوَ غاباتِ الحُدودْ
في قريتي
أمٌّ
تَهُشُّ سَحَابَةً للزرعِ بالدعواتِ،
فجرًا تحلبُ الأبقارَ ،
ثُمَّ تفجِّرُ الأحجارَ،
تمسحُ جُرحَهَا بالصبرِ،
تسكُبُ لحنَهَا في الحبرِ،
يُنبِتُ طِفْلُها الضحكاتِ
في رمقِ البيوتْ
وفي بحر الهواء يعوم
سربٌ من طيورِ الرهوِ،
يرسم لوحةً في الأفق،
تضحكُ سدرةٌ ظمأى
تغازلُ غيمةً حمقى
فيسقطُ قلبُها مطرا،
ويغسلُ شارعٌ عينيه
من رمدِ الفجيعةِ،
تنفضُ الأغصانُ
في الكترِ العنيدِ غُبَارَهَا
وينامُ عصفورٌ بحضنِ بُنيةٍ
لم تبلغِ العشرينَ
تمشي في شفاهِ الأرضِ
بالخصرِ النحيلِ تعذبُ الصبيانَ ،
في قريتي
راعٍ لأغنامِ الحليبِ
بحضنِهِ تشدو الربَابَةُ،
دمعُهَا
في صوتِها
سَهْمٌ
يشُقُّ قلوبَ غيدِ البدوِ
إذْ يحمِلنَ جرَّاتِ الهُيَامِ
معذباتٍ من أنينِ اللَّحنِ
يعضُضْنَ الأصابعَ حسرةَ الكتمانِ
خوفًا من تقاليدِ القبيلةْ،
في قريتي
أنثى تُذيبُ حجارةَ العشاقِ
إذ تغدو، لذا تحيا قتيلةْ
في قريتي
لحنٌ قديمٌ،
من فُتَاتِ قصيدةٍ
قد ماتَ شاعرُها حماسًا أو غضبْ
في قريتي
جدرانُ منزلِنا شهيٌ
يُسنِدُ الأشياءَ في وقت التعبْ
فهناك يعتدل المزاج
على سياجٍ من قصبْ
في قريتي
أنتِ التي
يا نخلتي الخضراء
لم أتركْ لكِ الأغصانَ في جسدي
أموتُ بكاهنِ الذِّكرى
لكي تحيا أنوثتُكِ المصونة،
أرتجيكِ الآن تحت العرش،
ثم أقطِّفُ الأثمار من عينيكِ
من شفتيكِ،
من خديك،
أشرب ضحكتينِ وبسمةً
من نهركِ الجسدي
من نهديكِ
يا هرمانِ
من طين ارتعاش النبض،
فيضٌ من دمي البرِّي
يا أنتِ التي.....
نامتْ بصدريَ، وردةٌ
نامت على يد عاشقٍ
في ضفَّةِ النيلِ، ارتجى محبوبةً
لم تأتِ
أرهقَهُ الفؤادُ
وحاصرتهُ قصائدُ المنفى،
فماتْ،
واستلَّ سيفَ الصَّمتِ يذبحُ صوتَهُ
ليُحِيلَ عصفورًا بحنجرتي رُفاتْ
من كُفْرِهِ بالحُبِّ مزَّقَ قلبَهُ
فتساقطتْ منه البناتْ.

أنس عبدالصمد نجم
13/2/2020 أمدمان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى