كان لدينا ضيوف، وكان أبي يروي حكايةً من حكايات خوجه نصر الدين، خرجتُ إلى الممر ولعبتُ اللعبة نفسها بينما كان صوته يصلني بكل وضوح، وقفتُ أمام مرآةٍ كبيرة منصوبة في مواجهة مرآةٍ أخرى كبيرة ونظرتُ إلى عيني لأصغر وأتكرر في المرآتين إلى ما لا نهاية.
كان خوجه يحفرُ بئراً فرأى فتحةً سرّية، أزاح الصخرة فدخل في مملكة الجنّ، قادته جنيتان إلى ساحة القصر، كانت العروس على كرسي وبجانبها لا أحد، أشار له ملك الجن فجلس بجانبها، وبدأ الطبل والزمر، ثم شرب معهم وقام ورقص، علّقوا له في كتفه عظمة طويلة هي ساق حصان، هذه سلاحك، وشرب حتى سكر حتى أمسك سلاحه مصوباً إياه إلى السماء، بوم بوم بوم، الطبال يطبّل تحت قدميه، الزمار يزّمرُ في أذنيه، بوم بوم بوم.
كان أبي يتوقف حينئذٍ، ويكمل بعد لحظة، قال ملك الجن لخوجه نصر الدين: «قبّل عروستك قبل أن يأخذوك إلى ساحة الخازوق.» ودون أن يفكر يقبلها متحسساً جسمها ليكتشف أنها عنزة.
يركض خوجه والسلاح ما يزال على الكتف، يعبر الساحة، يركض خلفه جنيان، يركض نحو البئر، نحو الكوة، وهوب، يرمي نفسه فيها، لكن يمسك به الجنيان من قدميه.
يشدّ جسمه للأعلى ويشدّانه هما نحو الأسفل.
يقول أحدٌ له، خوجه ماذا بك؟
– إنهما لا يتركاني.
– ارفسهما.
– لا يتركاني.
– اخرى عليهما.
ويخرى عليهما خوجه ليستيقظ ويجد نفسه بجانب زوجته وقد خرى ببيجامته، ويضحك الرجال ويضحك أبي معهم حتى تدمع عيونهم.
رواها أبي أكثر من مرة، في أولها توقفت بعد الكوة وتملكني الفزع من الجن، وثم مع الوقت كنت انتظر، غير صابر، ليخرى خوجه وأضحك معهم على حماقته، أما في الليلة التي غادرت فيها حلب، كانت الحكاية تغلبني لكن دون أن أتذكر سوى مشهد رجلٍ مسحورٍ، أحمق لكنه صادق، يقفز كالمجنون في ساحةٍ واسعة مع عظم حصانٍ معلق على كتفه وهو على قناعة تامة أنها بندقية ودون أدنى شكّ.
كان خوجه يحفرُ بئراً فرأى فتحةً سرّية، أزاح الصخرة فدخل في مملكة الجنّ، قادته جنيتان إلى ساحة القصر، كانت العروس على كرسي وبجانبها لا أحد، أشار له ملك الجن فجلس بجانبها، وبدأ الطبل والزمر، ثم شرب معهم وقام ورقص، علّقوا له في كتفه عظمة طويلة هي ساق حصان، هذه سلاحك، وشرب حتى سكر حتى أمسك سلاحه مصوباً إياه إلى السماء، بوم بوم بوم، الطبال يطبّل تحت قدميه، الزمار يزّمرُ في أذنيه، بوم بوم بوم.
كان أبي يتوقف حينئذٍ، ويكمل بعد لحظة، قال ملك الجن لخوجه نصر الدين: «قبّل عروستك قبل أن يأخذوك إلى ساحة الخازوق.» ودون أن يفكر يقبلها متحسساً جسمها ليكتشف أنها عنزة.
يركض خوجه والسلاح ما يزال على الكتف، يعبر الساحة، يركض خلفه جنيان، يركض نحو البئر، نحو الكوة، وهوب، يرمي نفسه فيها، لكن يمسك به الجنيان من قدميه.
يشدّ جسمه للأعلى ويشدّانه هما نحو الأسفل.
يقول أحدٌ له، خوجه ماذا بك؟
– إنهما لا يتركاني.
– ارفسهما.
– لا يتركاني.
– اخرى عليهما.
ويخرى عليهما خوجه ليستيقظ ويجد نفسه بجانب زوجته وقد خرى ببيجامته، ويضحك الرجال ويضحك أبي معهم حتى تدمع عيونهم.
رواها أبي أكثر من مرة، في أولها توقفت بعد الكوة وتملكني الفزع من الجن، وثم مع الوقت كنت انتظر، غير صابر، ليخرى خوجه وأضحك معهم على حماقته، أما في الليلة التي غادرت فيها حلب، كانت الحكاية تغلبني لكن دون أن أتذكر سوى مشهد رجلٍ مسحورٍ، أحمق لكنه صادق، يقفز كالمجنون في ساحةٍ واسعة مع عظم حصانٍ معلق على كتفه وهو على قناعة تامة أنها بندقية ودون أدنى شكّ.