محمد أبو العزايم - لأنهم أبناؤهُ..

كان الوباءُ مِنجلًا،
وكان فَلاحون مزروعون في القُرىٰ وفي النجوعِ والكُفورْ.
يَستمطِرونَ - إن تأخَّرتْ عليهِم السماءُ - بالنُّذورْ!
يستولِدونَ - إن تكاسَلَتْ عن المخاضِ أرحامُ النِّساءِ - بالنُّذورْ !
ويطلبون الرزقَ والعمرَ الطويلَ والعريسَ للبناتِ والحليبَ في الضُّروعِ والنٍّماءَ للزروعِ والشِّفاءَ للمريضِ..بالنُّذورْْ!
وبالخِيَاطٍ يثْقُبونَ أعيُنَ الحُسَّادِ في وُرَيْقَةٍ كهيئةِ العروسِ يَحرِقونها على مباخرٍ يضيعُ قِرْشُهمْ بِها كما يضوعُ مِن دُخانها البخورْ.
وكانَ حاملُ الوباءِ ،
كانَ سارقُ النُّذورِ ،
كانَ بابعُ البخورْ
شيخًا ضريرًا في القُرى يمشي مُناديًا بصوتهِ الجهورْ
أنْ "حِتَّةٌ "بِخمسةٍ تكفيكَ كي تُعطَى حجابًا يدفعُ الوباءَ عنكَ ، عن حَليلَةٍ لديكَ ، عن بُنَيَّةٍ ، وعن وَليدِكَ الصّغيرْ.
وَيبرِئُ العَيَّانَ كي يقومَ مِن مقامِهِ كأنَّهُ -مِن قَبْلِهِ- لم يعيَ قَطّْ.
وفجأةً..سَقَطْ.
وانفَرَجَتْ أصابعٌ أثيمةٌ فسالَ مِنها ما بكَفِّهِ عَلَقْ.
مِنْ سَعْيِ مَنْ رَمَوا بِكفِّهِ الخبيثِ ما رَمَوهُ مِن لآلئِ العَرَقْ.
وانتَثَرَتْ على الطريقْ الأَحجِبهْ
وانفرطَتْ تَمائمُ الضَّريرِ كِلمةً فَكِلمةً ، وطاشت الحروفُ في الهواءِ أغْرِبهْ
تَلوحُ مِن حينٍ لحينٍ في الأُفُقْ
ومالَ خَدُّهُ على التُّرابِ ، مالَ مالَ والتصَقْ.
في حَشرجاتِ الموتِ ودَّ لو نطَقْ
أرادَ أن يقولَها :
" إِنَّ الُّذينَ يَأْكُلُونَ أْمـْ ..... / لكنهُ نَفَقْ!
لكي يموتَ غيرَ صادقٍ ، وكي يقولَ مُرجِفونَ فاسدونَ كاذبونَ : إنَّهُ صَدَقْ.
وحينما عَلا النَّعيقُ عِندَ قبرِهِ الْـ " مُبارَكِ" ابتَنىٰ عليهِ مسجدًا هُناكَ تابعونَ لَهْ !
لأنهم أبناؤهُ.. أبناءُ تلكَ المهزلهْ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى