فوزية ضيف الله - خبز ضاحك

حل المساء. تنبعث رائحة الخبز ذكية من الفرن. أطيل النظر إليه. تحدق في ضاحكة. ثم تنتفخ ويصدر عنها نفخ مثيل الضحك. تحترق وتضحك. وكلّما احترقت صارت أكثر متانة. أقلبها فتنطاع. كانت حرارة الفرن شديدة وكنت أوشك ان أمسك القارورة الماء. وكنت بين الفينة والأخرى أرش ماء على وجهي لأتذكر أنني صائمة. وضعت الخبز في الطبق. تأملته وهو لا يزال يضحك. أمسكته فكان طريا شهيا. مرشوشا بحبات الكمون. كان الرغيف الأخير يُهيئ نفسه ليتصدر قافلة الخبز اللذيذ، فلما رآني مقبلة، أسرع بالاختباء، لأنه كان الأكثر شهية، ويخاف أن يتم أكله الأول. كان هذا الرغيف الذكي يتراجع في كل مرة. كان يخبرني أنه يريد أن يكمل معي السهرة ويستمتع برفقتي أمام كتبي، ثم يرافقني في رحلتي نحو أحلام الليلة. ربما كان يطمع أن أنساه فيزداد ذبولا واتركه. أدركت انه تحسس في جنونه ان الحياة التي كان يحترق لأجلها لا يجدر به ان يضحي بها بسهولة، وكان يقبل أن يسخن آلاف المرات وان يحترق الى حد كبير دون أن يغادر عبق الحياة الجميل.

تعليقات

أعلى