أ.د. محمد حسن عبدالله - لؤلؤ منثور .. ذكر حريق الدبابة !!

- لؤلؤ منثور

1- اللؤلؤة : ذكر حريق الدبابة !!
" وكان الفرنج قد اتخذوا دبابة عظيمة هائلة، وقد أظهرت لها في الشر غائلة. ولها أربع طباق، شدها على الارتباط باق . ولها من الإحكام باس ولباس، وهي خشبٌ ورصاص وحديدٌ ونحاس . وقربوها إلى أن بقيت بينها وبين البلد أذرع خمس ، وفي طباقها سباع ضوارٍ وذئاب طلس . وبلى البلد منها بكل بلية ، ورزي بكل رزية . وكانت هذه الدبابة على العجل ، ليقربوا بتقريبها أسباب الأجل، فباتت القلوب منها على الوجل ... وكاد أصحابنا يطلبون الأمان، وخضع كل أبي واستكان، فقارعوا عندها اشد قراع.. وتوالت عليها من مساعير الرهط ، قوارير النقط . وهي تضرب في حديد بارد ، وتضرب عن كل شيطان مارد ، وتنبو عن الإحراق ، وتنبئ عن الإخفاق . حتى بدرت قارورة انقضت على شيطانها كالشهاب ، فأخذت الدبابة وقلوبهم قبل جسومهم في الإلتهاب ..."

2- المحــارة :
- هذه الفقرة من كتاب العماد الأصفهاني عن (الفتح القدسي) ، ولابد أن نتجاوز الأسلوب المصطنع الذي يبدد المعاني ويشتت الحقائق ، لنستخلص المعنى . والصورة أن حروب الفرنجة على الشرق الإسلامي (المعروفة بالحروب الصليبية) استمرت نحو قرنين ونصف القرن ، وكانت أوروبا تنهض من ظلام العصور الوسطى لتقترب من عصر النهضة ، وهذه الدبابة ، التي تعني بناء برج معدني يتحرك على عجلات، ويحتمي به المهاجمون ، إحدى مخترعات أدوات القتال التي كانت الحروب الصليبية نفسها وراء سيل من المبتكرات فيها . هذا من جانبهم ، أما من جانبنا ، فقد بقيت حروبنا على نمطها التقليدي ، مع الأسف .
- أتذكر أنني زرت المتحف الحربي (البريطاني) المقام في برج لندن، وفيه عرض لتطوير نظام إطلاق السهام (بالقوس) حتى تحول إلى "البندقية" التي نعرفها إلى اليوم ، وأذكر من مشاهداتي أنهم هناك كانوا يطلقون السهام على الطريقة المعهودة عندنا ، ثم طوروا هذا النمط إلى وضع (أستك) مقوى ليطلق السهم تخفيفاً عن يد الرامي ، وفي مرحلة تالية تحول الأستك إلى زمبرك معدني ، يتولى إطلاق السهام ، بما يضاعف من المسافة ، ويريح ذراع المقاتل، ثم تطورت هذه الآلة إلى استخدام البارود في إطلاق السهم ، وأخيراً تحول السهم إلى (الرصاصة) وظل البارود هو الذي يدفع بها من خلال إبرة تؤدي إلى الاشتعال !!
- هكذا أضاف العقل (الغربي) في مشارف عصر نهضته مفهوماً رابعاً للمعرفة، فإذا كنا نتحدث عن وسائل المعرفة فنحصرها في ثلاثة : العقل والنقل والفيض ، فإن العقل الغربي أضاف إليها رابعاً، وهو: "التجريب" – ونرجح أن هذا السبب الرابع هو الذي أسس للتقدم الغربي ، متجاوزاً المأثور القديم من المعرفة ، في حين ظل الضمير الشرقي والخيال الشرقي يطرح أسئلته على الماضي ، ويعيش في نطاقه لا يجرؤ على المبادأة أو الاقتراح .... إلا في النادر .

3- الهيــر :
- اللؤلؤة من كتاب : "الفتح القسي في الفتح القدسي" – للعماد الكاتب الأصفهاني – تحقيق وشرح وتقديم: محمد محمود صبح – الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة – 2003 – ص 487 .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى