صديقي الميت

صديقى ، لقد خنتني بعدم تتشبثك بالحياة ، أما وقوفك أمام جرافتها العمياء نسف إتفاقنا بالخلود و الأبدية ، أنت الآن سعيد بمنزلك الجديد في قاع الجحيم ، حتما سيكون أكثر ملائمة من البيئة التي كنا نعيشها ، فطبقتك و أعمالك لا يؤهلانك للحصول على مكانٍ راقٍ في العالمِ الآخر ، أنت تفتقدني كثيراً و تفتقد جميلاتك اللآئي لم تملك شجاعة مواجهتهن بعشقك الداعر ، أتذكر عشقك لكل عجزاء و ناهد ، و تقديسك للأعين الترابية و اشياء فيهن لا يلحظها إلا مريض ، يا صديقي ، أنا لم أكتب لك هذه الرسالة شوقاً ، بل أملا في أن تكف عن إزعاج منامي بحكاياك البائسة عن عالمك الجديد ، فلتعلم أننا و الآخرون لم نفتقدك و لم نحزن لموتك ، كنا مبتسمين ضاحكين نتبادل حمل جثتك اللعينة الى المقبرة ، هي ثقيلة كدمك ، تناقشنا عن جمال الحياة و صعوباتها في حضرة موتك ، شتمناك كثيراً في هذا الطقس الملتهب لأنك لم تختر توقيتا مناسبا للموت ، لم نقدس فريضة الحزن عليك ، ليس خطأك يا صديقي أن لا يبكيك أحد ، فمعظمنا لا يملك مشاعر و الآخرون لا يعرفونك ، و ليس خطأنا ان لا نبكيك ، لأنك لم تسعى لكسب قلبٍ واحدْ من هذا العالم ، فالإلفةُ و المخالطة حياة و إستمرارية و التوحد و الإنعزال شقاء و موت ، فلا تجعل الندم يبتلعك و أنت غارق وسط ظلام ذنوبك ، أما العالم فلم يتغير و الأرض لم تتبدل و السماء لم تسقط و القيامة لم تقم ، و المؤمنون في إنكماش و الملحدون في إكتئاب ، و سوف لن يتذكر احد اسمك لأنك ببساطة رجل ميت .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى