امتهنت (( الصراخ)) منذ اللحظة الأولى التي لفظني فيها رحم أمي .
-مهنة الصراخ مزعجة وخطرة يا سعدى ..
-لا ذنب لي ، أمي توحمت على الجوع عندما كنت في بطنها .
***
سقط رأس سعدى في عز البرد بلا مظلة واقية أو كنزة صوفية تقي جسدها الصغير لسعات البرد المبكر ، كان السقف يدلف ، وجاءت محمرة الوجنات ، ندية الأهداف ، وفي عينيها مطر سخي ، النسوة اللواتي حضرن ولادتها ، لم ينظرن إلى رأسها الصغير المسربل بالمطر عندما سقط ، و إنما تركزت نظراتهن على قسمها السفلي :
-ولـد .. أم بنت ؟؟ ..
((أم مسعود )) الجارة المسنة المصابة بالرمد الربيعي ، همت أن تنطلق بزغرودة : اذ حسبت ان حبل السرة هو ((حمامة الوليد)) ، لكزتها بكوعها منبهة .. وساد الصمت ، وصراخ سعدى كان حاداً ، اخترق الصمت وبدد هيبته .
***
تأخر نمو سعدى ، ولكنها عرفت الأحلام : رغم تقوس ساقيها وتحولهما ، كانت تركض إلى تحت السنديانة وتلتقط حبات ((البلوط)) وتصنع منها بلابل تدور بخفة ورشاقة البلابل تدور ولا تدوخ لأن ليس لها عيون ،ورأس سعدى يدوخ من مراقبة البلابل وهي تدور ، وتتمغزل عيناها ، وتصرخ صراخاً يخرج من أحشائها ، تسكت أمها صراخها بقطعة سوداء جافة من خبز الذرة ، تلتهمها سعدى بنهم وصعوبة ، وتنام تحت السنديانة تلتحف الحزن وتحلم بأنها نجمة في السماء .
تفيق سعدى على صراخ أمها الموجوع ، تركض إلى مقام ( السيد) المكسو بالحرير ، تصلي ، وتقبل رخام ((السيد)) فتلسع برودة الرخام شفتيها ، تناجي (( السيد )) أن يشفي أمها المريضة بلا (علق )
لأنها تكره (( العلق)) وتخاف منه ، وتتقيأ في كل مرة عندما ترى (( العلقات )) في يد الحلاق أبي محمود ، الذي كان يخرجها من علبة صدئة ، وما أن يضعها على صدر أمها وهي تلهث من الشبع ، وتقع على الأرض وتنفقئ وتبصق دماً أسوداً .
أسرار الكون كبيرة ... وهي صغيرة .... ستدركها يوماً.
-مهنة الصراخ مزعجة وخطرة يا سعدى ..
-لا ذنب لي ، أمي توحمت على الجوع عندما كنت في بطنها .
***
سقط رأس سعدى في عز البرد بلا مظلة واقية أو كنزة صوفية تقي جسدها الصغير لسعات البرد المبكر ، كان السقف يدلف ، وجاءت محمرة الوجنات ، ندية الأهداف ، وفي عينيها مطر سخي ، النسوة اللواتي حضرن ولادتها ، لم ينظرن إلى رأسها الصغير المسربل بالمطر عندما سقط ، و إنما تركزت نظراتهن على قسمها السفلي :
-ولـد .. أم بنت ؟؟ ..
((أم مسعود )) الجارة المسنة المصابة بالرمد الربيعي ، همت أن تنطلق بزغرودة : اذ حسبت ان حبل السرة هو ((حمامة الوليد)) ، لكزتها بكوعها منبهة .. وساد الصمت ، وصراخ سعدى كان حاداً ، اخترق الصمت وبدد هيبته .
***
تأخر نمو سعدى ، ولكنها عرفت الأحلام : رغم تقوس ساقيها وتحولهما ، كانت تركض إلى تحت السنديانة وتلتقط حبات ((البلوط)) وتصنع منها بلابل تدور بخفة ورشاقة البلابل تدور ولا تدوخ لأن ليس لها عيون ،ورأس سعدى يدوخ من مراقبة البلابل وهي تدور ، وتتمغزل عيناها ، وتصرخ صراخاً يخرج من أحشائها ، تسكت أمها صراخها بقطعة سوداء جافة من خبز الذرة ، تلتهمها سعدى بنهم وصعوبة ، وتنام تحت السنديانة تلتحف الحزن وتحلم بأنها نجمة في السماء .
تفيق سعدى على صراخ أمها الموجوع ، تركض إلى مقام ( السيد) المكسو بالحرير ، تصلي ، وتقبل رخام ((السيد)) فتلسع برودة الرخام شفتيها ، تناجي (( السيد )) أن يشفي أمها المريضة بلا (علق )
لأنها تكره (( العلق)) وتخاف منه ، وتتقيأ في كل مرة عندما ترى (( العلقات )) في يد الحلاق أبي محمود ، الذي كان يخرجها من علبة صدئة ، وما أن يضعها على صدر أمها وهي تلهث من الشبع ، وتقع على الأرض وتنفقئ وتبصق دماً أسوداً .
أسرار الكون كبيرة ... وهي صغيرة .... ستدركها يوماً.