أسعد أحمد ساري - إبن الفندم

الحمد لله، اليوم انجزت عمل عظيم، فتحت حساب في الفيس بوك… والله وأصبح لي حساب بإسمي.. مرزوق… ما أحلى الإسم ، كيف ظهر على الشاشة .. مرزوووق…، وطبعا لو أخبرت والدي سيغضب أو يضحك، دائما والدي غريب الطباع ، مرة يقول لي وهو يضحك – أنت اهبل ياولدي.. الله يصلحك –، ومرة يقول لي – أنت عبقري … فقط استمر باستخدام العلاج – ، والدي هذا ضابط برتبة عالية جدا، ربما هي أعلى رتبة في العالم.. لا أعرف إسمها ولا تهمني ، والدي لا يعرف في العالم غير شراء الأراضي، كل يوم يشتري أرض ويحتفظ بها، وعندما اسأله …
– لمن كل هذه الأراضي
ينظر الىّ لمدة خمس دقائق صامتا ثم يقول بهدوء ويده على خده
– لك ، هذه الأراضي كلها لك .
وأحيانا ، عندما يكون مزاجه حاد وغير طبيعي يرد بغضب
– امش من قدامي يا …….
كان والدي غريب الطباع ببساطة ، اذهب معه كل شهر الى طبيب نفساني، يبدو انه صديقه ، وكل الناس المشهورين هم في الحقيقة اصدقاء لوالدي ولا أعرف لماذا .
كان الطبيب النفساني يستقبلنا بحفاوة كبيرة ، وبعد كلمات مجاملة طويلة مع والدي ينظر الىّ وهو مبتسم الى الآخر و يسألني
– كيف أنت يامرزوق ؟ لا..لا ..تمام ..تمام ، خلاص بخير جدا..مئة بالمئة ، والدك إنسان عظيم ..عظيم جدا .
كان يستخدم كلمة ” جدا” في كل كلامه
لا أعرف السبب الذي جعل هذا الطبيب يعتبرني مريضا ، ووالدي يعاملني في كثير من الأحيان كمريض ، صحيح أنني أحيانا اغضب من كل شئ بدون سبب واضح واحيانا يحبسوني في الغرفة لمدة أسبوع ، فقط لأني اخبرتهم برغبتي النهائية بالموت ..احب ان اموت ..ما دخلهم برغبتي .
ليس فقط والدي والطبيب يعتبراني مريض ، والدتي ايضا كانت تقول لي بإستمرار – ” الله يشفيك ” – وكنت أرد عليها دائما – ” الله يشفيك انتي ” – فتذهب وهي رافعة اصبعين بإتجاة السماء .
أعترف أنني مريض ومصاب بحالة لا يعرفها احد غيري ، أنا مصاب بحالة إسمها ” الصراحة الحادة الزائدة ” ، في البداية كنت اعتبر هذه الحالة طبيعية بل حالة جيدة لكنها زادت مع الوقت وبدأ الطبيب النفساني يتابع الحالة ، ويعطي والدي وصفة طبية مكتوب عليها بعض الأدوية التي تخفف من الصراحة !
والدي في الغرفة الآن ، يصلي دائما ، خمس مرات في اليوم ، سأنتظر حتى ينهي الصلاة والدعاء ثم اخبرة بموضوع الفيس بوك مهما كان .
ليس أنا وحدي من ينتظره ، في الواقع هناك واحد من الوزراء الذين نشاهدهم دائما على التلفزيون ينتظره ايضا تحت في صالة الاستقبال ، ولم تفرغ هذه الصالة يوما من زيارة الوزراء ، ولا أعرف لماذا يحب الوزراء بيع وشراء الاراضي مثل والدي ، ربما هي هواية مشتركة يحبها كثير من الناس وأنا لا أعرف ، لكنني استغرب حين أرى زائر جديد لأول مرة وحين اسأل عنه ، يخبروني انه وزير جديد .
بهدوء شديد فتحت الباب قليلا ونظرت إلى الداخل ، مازال الوالد جالسا على السجادة ، كان قد انهى صلاته وبدأ للتو بالدعاء وهذا يستمر أكثر من الصلاة نفسها ، غالبا ما يطلب في كل الادعية أن يرزقه الله اكثر وأكثر ، وأحيانا يدعو إلى الله أن يشفني ، ولم أعد أستغرب من هذه الادعية المكررة يوميا ، في البداية كنت أتعجب لماذا يدعو الله أن يرزقة اكثر ولديه في الواقع نصف اراض المدينة ، وكنت أتعجب لماذا يدعو لإبنه الوحيد بالشفاء ، فأنا لست مريض على الاطلاق عدى مرض الصراحة .
نزلت الى تحت وعندما رآني ذلك الوزير نهض بسرعة واقترب مني للمصافحة بالطريقة المؤدبة المعتادة مثل بقية الوزراء التي ارى ان لا حاجة لها ابدا ولا افهمها حتى .
– اهلا ..اهلا بولي العهد الرائع ..كيف أنتم؟ أين الوالد ؟
– الوالد يصلي فوق
– وأنتم كيف حالكم ..اخباركم ؟
– فتحت حساب في الفيس بوك ، هههههه
– ربما تغضبون الوالد ، تعرفون قد يعرف الآخرين بعض الأسرار …أسرار الدولة ، خصوصا انكم صريحون جدا .
– أنا لا أقول إلا الحقيقة ، هذا هو الطبيعي ، وقد كتبت أول منشور .
– لا …وماذا كتبتم يا ساتر ؟
– منشور صغير ، في الحقيقة ، قلت أن والدي أكبر سارق في العالم .



* اليمن - صنعاء
.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى