مصطفى فودة - قراءة فى نص " مجنون بكِ" للشاعر عيد صالح

نص " مجنون بك" للشاعر د. عيد صالح
مجنون بك
ليس كقيس ولا جميل
ولست مستعدا للانتحار
كالساذج روميو
ربما كان شكسبير نفسه خدعة
كل الحكايا مختلقة
وعذابات العشاق خرافة
لا وقت لاحتراق القلب
ولا صحراء للصراخ
لا نار أو خيمة
لاريح تحمل زفرات الأنين
والقطار فائق السرعة يعبر القارات
قبل أن يرتد إليك طرفك
أو تقدم لك الحسناء ابتسامتها البلاستيكية
لا شيء حقيقي
و الحقيقة بين فكي التكنولوجيا
والروبوت يطردك من عملك
لتهيم بين جدران زجاجية
كخلايا محاصرة
بسرطان مسعور
وحمي مجهولة المصدر
وألام حادة
كسكين يقطع لحمك
في نشوة الألم
ومتعة العذاب

محاولة قراءة فى نص مجنون بك للشاعر عيد صالح

نحن امام نص مدهش يسائل قصص العشاق فى التراث العربى كمجنون ليلى وجميل بثينة وفى التراث العالمى كرميو وجوليت بل يسخر من هذه القصص ويعتبرها خرافة عاش عليها الناس قرونا طويلة , ( مجنون بكِ - لست كقيس ولا جميل- ولست مستعدا للانتحار كالساذج روميو -ربما كان شكسبير نفسه خدعة ) , ينظر الشاعر فى هذه القصص بوعى حاد يعيش فى القرن الواحد والعشرين ( لا وقت لاحتراق القلب - ولا صحراء للصراخ - لا نار ولا خيمة ) وكأنى بالشاعر ينظر الى تلك القصص كما نظر الشاعر القديم أبو نواس الى المقدمات الطللية للشعراء العرب ساخرا منها لعدم وجود تلك الاطلال وقد تقدمت الحضارة العربية / قل لمن يبكى على رسم درس /واقفا ما ضر لو كان جلس / .2- ينتقل الشاعر فى المقطع الثانى من النص الى التكنولوجيا ومظاهرها ووسائلها بالغة التقدم القطار فائق السرعة والطائرات العابرة للقارات الريموت ورغم مظاهر التكنولجيا الفائقة والتى تخلب الابصار ويعتبرها الناس انها الحقيقة (الحقيقة بين فكى التكنولوجيا ) الا أن الشاعر ينظر اليها بارتياب ويرى أنها ذات جمال مصطنع وتحوى من الوهم والالام للبشر كابتسامة بلاستيكية لحسناء ويرى وهم التكنولوجيا وما تسببه من استغناء عن العمال وما تسببه لهم من فاقة والم ( كخلايا محاصرة - بسرطان مسعور - وحمى مجهولة المصدر - والام حادة -كسكين يقطع لحمك ) . فالنص يدين قصص العشاق التقليدية العربية والعالمية ويعتبرها مختلقة ويسخر منها ويعتبرها غير مناسبة لوعى من يعيش فى القرن الواحد والعشرين ويدين فى نفس الوقت وجه التكنولجيا المزيف رغم نفعها للبشر . 3 3- لغة النص لغة جمالية مكثفة تحمل عبارات قصص العشق القديم مثل قيس - جميل - روميو - شكسبير - صحراء نار - خيمة وعبارات التكنولوجيا مثل التكنولوجيا - القطار فائق السرعة - الريموت ) وكانت موظفة فى النص توظيفا سليما وممتازا . 4- يحوى النص صورا بلاغية رائعة نرصد منها على سبيل المثال ( التشبيه مثل كقيس ولا جميل - كالساذج روميو -كسكين يقطع لحمك - الاستعارات الكثيرة المكثفة متل زفرات الانين - فكى التكنولوجيا - الروبوت يطردك من عملك - التضاد فى نشوة الالم ومتعة العداب والكناية فى الأبتسامة البلاستيكية - احتراق القلب ) وغيرها الكثير أعطت للنص جمالا وعمقا وتأثيرا فى النفس . 5- هناك بالنص تناص واضح فى عبارة قبل أن يرتد اليك طرفك مع الاية الكريمة (قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) كما ان هناك لمحات خفية جدا الى ابى نواس كا ذكرنا سابقا وكذلك اشعارالحب عند قيس بن الملوح وجميل ابن معمر ممايضيف للنص بعدا جماليا متأثرا بالتقافة العربية والاسلامية . نص الشاعر عيد صالح من أروع نصوصه وأعمقها وأجملها أهنئه عليه وارجو له مزيد من الابداع والتوفيق . ( قراءة مصطفى فودة )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى