عفراء فتح الرحمن - أدب الكورونا

ثمانية وتسعون، تسع وتسعون، مائه..
هكذا أعد قطرات المحلول وهي في طريقها للغزو داخلي.
لا تسول لكم أنفسكم أن هذا من فرط الملل، هنا ليس هناك وقت للملل دوما هناك ما تفكر به.
ربما تخاف، أو تترقب، أو تضعف لكنك لن تمل أبداً.
أنا الآن عبارة عن (حالة)
مؤلمة، وقوية هذه العبارة.
سجين أم مريض !
لا لا أكترث ما يشغل بالي الآن..
هل سأقبل حبيبتي لو خرجت من هنا، ام سأصاب بفوبيا العدوى؟
حبيبتي الطيبة أنها تدعو لي الآن، لكنها لاتفكر بي.
ليس ذنبها أعلم أنها تحبني. لكنها تحبني من خلالها، كيف ستفكر بي الآن وهي مشغولة بنفسها.
تتساءل إن كان هناك بقايا مني عالقة بها، ومع ذلك هي تحبني أعلم.
لكن أمي لا تحبني، أمي تحب نفسها عبري، لذلك لثمت على صدري عندما جاءت سيارة الإسعاف لحملي، كانت كملقط يجتث الحشائش من ساق زهرة، تقبلني علها تنزع الوباء من صدري.
خلف هذه الجدران دوما ما أفكر بها، أنا لست وحيدا لكنني خائف...
قال لي صديق على بطاقة جاء بها الممرض أنني أقوى من الكورونا..
دسست الورقة في جيب أحدهم وأنا أعبر الممر. فتلك الكلمات تشبهنا أو نحتاجها جميعا.
لو كان المرض حاسداً لغادرني.
فعند الصباح أستيقظ علي وجه طبيبة جميلة، تبتسم في وجهي وتسألني عن حالي عمدا أخبرها أنني لست بخير. وأحاول أن أطيل حواري معها، أبحث عن الكثير في عينيها المشوشة وهي تقاوم من أجل إنسانيتها. ربما لهذا أراها جميلة، هممت أن أسألها عن شعورها وهي تقف أمام جسد هزيل في خارجه مرعب بداخله. لكنها تعتذر تستأذن لضرورة رحيلها أتبعها بنظري مندهشاً فلست معتاداً على هذا النوع من الأطباء. الشعور بإقتراب النهاية يجعل الجميع لطفاء.
أدور بنظري حول الغرفة، أعيد تفقد أجزاءها وأفكر لو تعافى الجسد ماذا سيحل بالروح؟ كيف سأخرج من داخلي زوبعة الكلمات التي تلتهم إطمئناني؟
حجر، أشتباه، عينة، ...
لا يوجد هنا ملل، توجد وحدة
تلك الوحدة التي نختارها بإرادتنا ونحن ننفر من بعضنا، نضجر من أجتماع أختلافنا وننسى أننا نتساوي في الموت.
تلك الوحدة تقهقه في وجه عجزي، أنا الذي أخترت أن أعيش وحيداً، لكني لم أختبر رعب الموت وحيداً.
تلك الوحدة التي تضرب كفري بالعلاقات، العلاقات التي ألتهم فتات صفوها بنهم الجوع والضعف.
ألم أقل أنه لاوجود للملل، قد تركوا لنا قدر كافي من الكتب عزاء لوحدتنا. بدأت أتصفح كتاب (عن الطيور نحكي).
أغلقته في وجه الخوف.
لماذا لا يكون هناك فحص للكتب أيضا، فبعضها يحمل فايروس يدمر منطقة الأمان الوحيدة بنا.
أهرب من تفكيري فيحيط بي.
الآن هو رفيقي الوحيد مع تشابه الأيام، والشعور ، يطوق بعنقي وأنا أتسائل:
هل النجاة في بعد المسافات!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى