وأنت تتصفح نسخة من جريدة (الكارفور) تحس بانتشاء غريب، وفرحة عارمة تغمر كيانك؛ الاسم وحده يلقي ظلالا وارفة تنثال في حركة انسيابية هادئة لتنعش أعماقك الملتهبة،، واحات تمتد فجأة، وتنتشر في البلقع الذي هدته سنوات الانتظار، مساحات خضراء واسعة، تنساب فوق بساطها أحلام مفؤودة، ها هم أولاء يتهافتون على أمثالك، وكلهم رغبة في إخراجكم من دائرة الضياع والإحساس القاتل بالخيبة، الذي يجلل الرؤى فتندفع النفوس في متاهات لا يعلم مآلها ومنتهاها إلا الله وحده.. فضاء جديد ينفتح وأحلام وردية تروادك فترسم عالما بلون الحلم المراود، تشكله تحت ضغط سنوات المعاناة التي كابدتها وأنت تطرق الأبواب، عجبا كيف تنفتح فجأة كل هذه الأبواب التي صدتك وطردتك في غلظة بادية؟! كيف تحنو تلك البوابات السوداء الضخمة التي لم تنفتح في وجه أو في وجهك الحيارى أمثالك من قبل، فتلغي فيك كل سنوات المعاناة والانتظار التي قاسيتها وأنت في المعهد أو في الكلية أو في المدرسة، ولتحرق في حركة بسيطة ملؤها السمو وعمق التكافل ووجاهة القرار وجرأته،، لتحرق كل الوهم الذي أخذ ينمو في أعماقك بشكل فوضوي عنيف؟؟
السماء تربد والوجه تغزوه القتامة، كلما فتحت ردا يحمل رفضا مؤدبا؛ أضحت عبارات الرد بحروفها اللاتينية محفورة في ذاكرتك بشكل خبيث،، حاسة غريبة تلك التي ركبت فيك منذ أن أكملت دراستك،، ومنذ أن دخلت متاهة البحث عن عمل؛ صار بإمكانك أن تعرف طبيعة الرد انطلاقا من معاينة بسيطة للظرف.. تيقظ الحواس، والتحفز وأشياء أخرى تشحذ فيك تلك الحاسة، وربما فجرت فيك أشياء أخرى؛ الغيب والمستقبل كفيلان بالكشف عن الأغرب.. كثيرا ما يحجم من تراسلهم في شأن العمل عن أن يجودوا برد، حتى ولو كان رد فرض.. إنه وطنك الرائع يا فتى،، إنه وطنك الرائع،، تمتشقك الوجاهة فيه نعلا،، فلا بأس من أن تصفع وتصفع،، ولا بأس من أن تعيش خارج طورك ليمنح للوجاهة فيك أيها الرائع امتدادا وعمرا جديدين..
لم تظفر من سنوات المعاناة في الدراسة والتحصيل إلا بهذه المكتبة التي تضغط عليك الحاجة بين الفينة والأخرى فتعزم على بيعها والاستفادة من ثمنها في ظل الحصار المادي المضروب عليك، وفي ظل متطلبات تتزايد وتكبر.. لكنك ما تفتأ تطرد الطائف اللعين، فهي صومعتك التي تلم فيها شتاتك كلما أحسست بأصابع الحصار الخشنة تلتف حول عنقك في صلف،، أخرق من يبيع صومعته في زمان كزمانك وفي ظروف كظروفك؛ من تراك ستحاور إن أنت أقدمت على بيعها؟! ومن تراه سيسمع بثك ونجواك؟! فخارج الصومعة ينعدم المحاور، تتيبس الحروف على الشفاه،، لا وقت لسماع تفاهاتك،، صومعتك وحدها تمنحك ذلك الدفء وتحمل إليك أصواتا قد تتفق معها وقد تختلف..
ألقاها ذات مرة بشكل عابر وهو في فورة غضب بعدما طلبت إليه ثمن دورية من الدوريات التي تحرص على اقتنائها، حتى لا ينفصم خيط اتصالك بالحركة الثقافية بالوطن،، دورية،، دورية..
- لو كانت أسبوعية أو شهرية لكان له معي شأن وموقف آخرين..
ألقاها سما مهلكا نفذ إلى أعماقك، مزق فيها كل معاني التريث والتباطؤ، نار مجنونة كادت تحرق فيك كل شيء؛ كل معاني النبل والاستقامة والخير،، الأطواد التي بنيتها كانت تهتز بفعل الزلزال المدمر الذي أحدثته الكلمات النارية التي خرجت من فيه حمما محرقة :
- الكتاف ما يهزو لكتاف غير للقبر"
ماذا عساك تفعل حينها؟ ماذا عساك تفعل؟؟ ومن أين تبدأ في تعاملك مع الملفوظ الجديد؟ وبأي الأدوات الإجرائية تفكك خطاب الصعق هذا الذي ما زالت مكونات تركيبه تقرع حواسك بعنف شرس؟ أتتأبط ذراع أمك وتحتمي بحضنها الدافئ كما كنت تفعل في صباك؟؟
كانت ملجأ وملاذا وقناة لا يمكن تجاهلها للوصول إلى رضا الوالد أو إلى جيبه،، ترى أتعيد الكرة من جديد وأنت في يفاعتك وقوتك فتحتمي بذراعها، أم تراك ستندفع كثور هائج فتحرق كل الأعذار والعوائق التي شدتك إلى حضيض الانتظار، وعاقت حركتك في الاتجاه الأصوب؟؟
تلتمس له ألف عذر،، فزغب الحواصل الذين يتحرك نهم معداتهم ويسيل لعابهم لرؤيته مساء كل يوم وهو يحمل كيس البلاستيك الأسود بيمناه، فيهرعون إليه، عسى المساء يغطي هزال الظهيرة،، وعسى سواد الكيس يخفي وراءه ما قد يكسر رتابة وجبات الشاي والخبز.. تلتمس له ألف عذر وأنت من تعلم أن الخوف والرعب وأشياء أخرى كثيرة من جنسهما أو تناسلت عنهما، هي وحدها ما يضبط حركة المسكين في الواقع، وأن تعاطيه مع قضايا من حجم قضيتك أو من حجم أكبر وأهم، لا يتم إلا من خلال ما تقدمه الاذاعة، حتى صار كل عمل، وكل حركة تهفو من خلالها إلى انتزاع حقك أو مجرد المطالبة به، ضربا من السياسة، والسياسة محرم من المحرمات التي إن اقترفها المرء، جنى على نفسه وعلى الآخرين، وجر عليهم كل صنوف الأسى والضنك،، تذكر كيف كان يقمع فيك كل نقاش حول القضايا الساخنة التي يعرفها العالم أو تعرفها ساحة الوطن،، نوع معين من التربية التي يمتزج فيها الحرص على البقاء والاستمرار بالخوف، بتراكمات أخرى لا أول لها ولا آخر،، تذكر كيف حاول تمزيق إحدى المجلات السياسية الأسبوعية بعدما حاولت في حماسة واندفاع أن تشرح له واقع الحال في دولة من الدول الإسلامية.. كان الرعب يملأ عينيه ويهز كيانه هزا عنيفا،، فحديثك في رأيه لا يمكن أن يوصل إلا إلى السجن، وللسجن في ذاكرته ألف صورة مفزعة، توالت على ترتيب ألوانها القاتمة وتوزيع خطوطها الشائكة حكايات وأخبار تتنامى إلى أن تصبح في زمن اقتلاع جذور الكائن من نفسه، من بيته وأسرته ومن جلده كذلك، إلى أسطورة أو خرافة،، وكما ترهب الكائنات الخرافية طفلا مشاكسا، ترهب الصورة المفزعة من ركبت في رأسه وذاكرته، فيسعى خوفا من عنف الاقتلاع إلى نقلها بكل تفاصيلها الدقيقة المرعبة إلى كل من شاكس أو جنح به حلمه خارج المدارات والأسلاك التي يرى الوالد أنها تمثل منطقة الحدود الآمنة.. ما زالت عبارة (الداخل مفقود والخارج مولود) تلقي في ذاتك ظلالا معينة، تختزنها ذاكرتك منذ سنوات؛ فضاءات مظلمة، وصرير أبواب وزرد سلاسل، وتبن يغطي الثرى، وقمل وبراغيث بحجم الصراصير، وكلما تم التوغل في القبو أكثر، كلما زادت العتمة والرطوبة وأشياء أخرى لم تعد تميزها الآن... وفي الصورة المقابلة، بصيص نور يبدو بعيدا،، بعيدا جد،، وشيئا فشيئا يأخذ في الاتساع والانتشار إلى أن يصبح غامرا، ثم، ثم إنها الولادة، والدنيا تفتح الحضن من جديد،، ظلال العبارة مرعبة وسجعها المرصع بإيقاعه الخشن، يلقي كل روع الدنيا في نفسك،، هل تتمالك نفسك أم تنهار؟ تلك نقطة اختيار حاسمة، فإما أن تقذف في أتون العجز والتلذذ باجتراح التعلات، وإما أن تجترح زمنك بانتزاع اللقمة من فم من سرقها منك وأنت لاه غارق في اهتماماتك الهامشية، ضائع بين أشيائك الصغيرة... نوع معين من التربية يمتزج فيه الحرص على الحياة والبقاء، بالخوف، بتراكمات لا أول لها ولا آخر.. تلتمس له ألف عذر وهو يرى أن أحلامه التي كان مداها يتسع وألوانها تتنوع لتأخذ أشكالا جميلة متناسقة، كلما حملت في نهاية السنة خبر نجاحك بامتياز،، يتبدد العناء وتتلاشى المكابدة وأفق الحلم يتسع ويكبر.. ولم لا يمتد ويتسع وأنت فجر الأسرة الندي الذي س... وس... وس... و...، كم هي الجيوب المظلمة التي تنتظر إشراقتك لينجلي. عنها غم سنوات عجاف لم تنشر إلا العتمة ومزيدا من التوتر في العلاقات،، كم هي الأنفاس المتقطعة التي تنتظر منك أن تكمل فيها نقط البتر، لينساب النفس هادئا ورتيبا.. عملية حسابية بسيطة تنبيك بأن الخرق كبير وكبير جدا، وأنك كلما رقعته من ناحية سيمزق حتما من ناحية أخرى،، تلك سنة الحركة في فضاءاتنا المنسية، أن تتقطع أنفاس الآباء وهم يسعون لترقيع الخروق،، ويتوفون والخروق هي هي، بل إنها قد تتضاعف أو تزداد اتساعا..
كان صاحبك في رحلة الضنك والغم – عبد الكريم – يتنذر من وضعيتكما معا فيقول :
- أول العنقود لابد وان يكون مستهدفا.. نحن مهدي الأمة المنتظر..
وكانت أمة بالفعل،، أمة تنتظر مهديها، يمزق بحركة واحدة كل سجوف الجور التي تراكمت عبر السنين، ويحرق في جرأة الأصفياء كل مراكب التيه والضياع التي لم تتحرك بالركب إلا صوب لجج الأنانيات العاتية، وكانت أمة بالفعل،، أمة تترقب مهديها، يسحبها بعنف الصولة والمكانة من فوق جمر قضت عمرها كله تكتوي بلظاه، ويهربها بعيدا،، بعـ...ـيـ...دا.. إلى المرافئ التي تسترجع فيها أزمنتها الهاربة وفرحها المصادر.. تلتمس له ألف عذر وهو يرى أن أحلامه تحاصرها القتامة من جانب، ويهجم عليها الدجى فيحيلها في لونه الممجوج قطعة ذائبة ضائعة في فضائه اللا ينتهي،، بعد ما كانت بالأمس تتشكل في أبهى لون وأنصع صورة.. لم يكن أمامه – وهو العاجز المقهور الذي يتمنى ألا يحرم زغب الحواصل من الكيس البلاستيكي المسائي – إلا أن يعبر عن انتفاضته الكسيحة في وجهك ،، فأنت وحدك من يملك أن يفجر ثورته ورفضه للقسمة الضيزى ولكل الأشياء.. تعيد العملية الحسابية البسيطة في ذهنك مرات متعددة :
-ثمن الحمام الأسبوعي.. تستدرك- لا بأس ، يمكن أن يكون بعد أسبوعين أو ثلاثة، ثم ثمن الحلاق – تمطط المهلة ما وسعك الأمر – شهران كفيلان بأن يغطي شعر رأسك أذنيك الصغيرتين – ويمكنك أن تضيف إلى الشهرين أو تنقص، الأمر يرتبط بفراستك، تتذكر شيئا آخر، وذقنك،، لم تتعود على إعفاء لحيتك أكثر من أسبوع، ولم تتعود كذلك أن... تتبرم فجأة من العملية الحسابية الفجة، وتترك التفكير فيما قد يزيد جرحك غورا واتساعا،، لكنهم كانوا يحسبون؛ الأحزاب تريدك قفازا سميكا تجربه في عراكها مع الحكومة،، والحكومة تريدك أن تكرع بنهم من معين وهمها، فترقص كالمذبوح على ألحانها، حتى يسري خدر سحرها في عروقك، وتتيه في دوامة المراسلات، والردود السلبية، وانتظار أعداد جديدة من (الكارفور)، تلاحق على صفحاتها أملا هاربا أو وهما كذوبا،، كلهم كانوا يحسبون، كلهم كانوا يراهنون على انخراطك في اللعبة بصورة أو بأخرى،، ووحدك، وحدك من كنت تجتر الأسي والحسرة شوكا وعلقما كلما أحسست بأن يومك لا يتميز عن أمسك في شيء، وأنك ما زلت مرابطا في موقعك القديم، تتمترس خلف الانتظار..
تقول لعبد الكريم في أسى بادي :
- ليتنا حذقنا حرفة من الحرف في فترات العطلة،، ما أغباها عقولنا الحالمة،، وكم هو محدود أفق الرؤيا لدنيا،، تحاصره المقررات ورغبة في التسلق والارتقاء ونفرة تكبر شيئا فشيئا من كل الحرف اليدوية،، ليتنا تعلمنا حرفة من الحرف نفجر بها أزمنة الانتظار..
الآن فقط أصبحت مقتنعا تمام الاقتناع بأن على كل متعلم أن يهتم منذ صغره بتعلم وحذق حرفة معينة..
آخر من اتصلت بهم، بعد أن وقفت على رغبتهم في توظيف خريج مثلك،، قرأت الإعلان كعادتك دائما في (الكارفور)، حملت إليهم نسخة من الشهادة ووثائق أخرى، وانتظرت،، ولما لم يتصلوا، اتصلت أنت، وبعد أن سمح لك بمقابلة المسؤول، قيل لك إنهم يرشحون فتاة لشغل ذلك المنصب،، كنت واثقا وأنت تجرر رجليك خارجا من المؤسسة، أنه لو تقدمت لهم فتاة لها نفس المؤهلات لقيل لها :
- للأسف الشديد، كنا نرغب في أن يشغل هذا المنصب فتى وليس فتاة... وهكذا تغوص في لجة من الضحك على الذقون،، تحس وأنت تتجاوز أسوار المؤسسة أنهم ينخرطون في ضحك عال ومسترسل،، ترى من يضحك على من في هذه الدوامة؟؟ لم تكن تحس للحظة أنك وحدك من يجرر رجليه خارج المؤسسة،، كنت تراهم زرافات زرافات،، يتأبطون جرمهم وهم يجتازون بوابة المؤسسة،، لم يتسرب إليك قط إحساس أنك وحدك،، دائما كنت تراهم يملأون عليك فضاءاتك التي طالما ضاقت واكفهرت سماواتها،، نوع من العزاء المريض والسلوى يغمران كيانك، فتحس أنك لست وحدك من يغرق في طينهم اللزج، وأنك لست وحدك من ينجز العمليات الحسابية الفجة كلما أربك الآباء حركة الأيام الرتيبة بسؤال جارح أو بفورة غضب أو... ضحكهم ما زال يرن في أذنك، لن يفارقك عهره ما دمت ستكرر الزيارة مرات أخرى لأشكال من طينتهم..
تتردد هنيهة في تحية من تسمرت أمامه في صباح من صباحات الوطن الرائع، أحسست بفراستك أنه لن يقبل منك تحية التميز والفطرة، بدلته وياقته وحذاؤه وعطره المسكر... كل ذلك يخبرك أنه يريدها مستوردة كعطره أو كحذائه...
- صباح الخير..
لم يكترث أول الأمر، يرفع إليك طرفه ويصدر صوتا تفهم منه أنه يستفسر عن مرادك..
- أعلنتم عن رغبتكم في توظيف... وجئت أقدم الوثائق المطلوبة..
يمد يدا باردة،، يتفحص الأوراق، ويعيدها إليك قائلا :
- لقد تم الاتفاق بيننا وبينهم على أن يتم شغل المناصب المقترحة خلال السنة المقبلة وليس الآن..
نفس الحالة تعاود انتيابك من جديد، تحس بضحكاته عالية تفرقع كالسوط يجلد كل كيانك،، الأول يضحك على الثاني، والثاني يضحك على الثالث، والرابع... وأنت،، أنت ساهم الآن في أخيك الصغير(آخر العنقود) وهو يلعب في باحة الدار الضيقة أمام أعين الأم التي أجلت فرحها وكل شيء جميل إلى اليوم الموعود،، يهزك الشوق حينها إلى زمن الطفولة البريئة، حيث المعاناة معلقة أو ملغية.. يا أيها الصغار،، لا تقبلوا على اقتحام دنيانا الصدئة،، وابقوا كما أنتم صغارا،، لا تقتحموا الغابة وارفضوا بكل قواكم أن تكبروا يوما ما أو تغادروا لعبكم وبراءتكم، فليس وراء قاماتنا الفارعة إلا صحراء مرعبة وفراغ قاتل،، فابقوا صغارا كما أنتم،، ابقوا صغارا كما أنتم..
ينتزعك مجيء الوالد من شرودك،، يضع كيس البلاستيك الأسود المسائي قرب المطبخ، يقبل الصغير، يلتفت إليك وقد اكتشف وجودك،، يسألك عن ثمن الدورية التي اعتدت اقتناءها،، ولما لم تجب، تنزلق يده إلى قلبه الكبير الواسع الأكناف، ويسل من معدنه الطيب ورقة نقدية، يدفعها إليك في تودد بادي لينتقل بعدها إلى المطبخ.. تتذكر أنهم كلهم كانوا يحسبون ويعيدون الحساب، لكنهم لا يعطون أي شيء؛ الأحزاب تحسب عدد الكراسي التي قد توفرها ضربة محكمة بقفاز سميك، وخصومها يحسبون الفترة التي قد يستغرقها ضياعك في متاهات المراسلات والردود وانتظار أعداد جديدة من (الكارفور)، والشركات توفر بإعلاناتها المجانية لزمن حلمك امتدادا وانتعاشا أكبر،، الأول يضحك على الثاني، والثاني يضحك على الثالث، والثالث... يرتفع الضحك بداخلك عاليا،، يفرقع كسوط يجلد كيانك، إنه الآن يحرق كل التعلات التي حالت بينك وبين الحركة والفعل، ويدفعك لاستعادة زمنك الهارب وفرحك المصادر،، تحس أن يومك يحبل بشيء خالف المعهود، وأنه يباين أمسك في أكثر من ناحية،، كان الضحك يتراجع شيئا فشيئا وأنت تهدم كل متاريس الانتظار وتنطلق،، لم تحس للحظة أنك وحدك من اندفعت تحرق تعلات انتظارك،، كنت تراهم دائما يملأون عليك فضاءاتك المكفهرة، وتملأ عليهم فضاءاتهم،، لم تكن وحدك،، لم تكن وحدك،،
------------
* الكارفور : جريدة كان يصدرها المجلس الوطني للشباب والمستقبل.
السماء تربد والوجه تغزوه القتامة، كلما فتحت ردا يحمل رفضا مؤدبا؛ أضحت عبارات الرد بحروفها اللاتينية محفورة في ذاكرتك بشكل خبيث،، حاسة غريبة تلك التي ركبت فيك منذ أن أكملت دراستك،، ومنذ أن دخلت متاهة البحث عن عمل؛ صار بإمكانك أن تعرف طبيعة الرد انطلاقا من معاينة بسيطة للظرف.. تيقظ الحواس، والتحفز وأشياء أخرى تشحذ فيك تلك الحاسة، وربما فجرت فيك أشياء أخرى؛ الغيب والمستقبل كفيلان بالكشف عن الأغرب.. كثيرا ما يحجم من تراسلهم في شأن العمل عن أن يجودوا برد، حتى ولو كان رد فرض.. إنه وطنك الرائع يا فتى،، إنه وطنك الرائع،، تمتشقك الوجاهة فيه نعلا،، فلا بأس من أن تصفع وتصفع،، ولا بأس من أن تعيش خارج طورك ليمنح للوجاهة فيك أيها الرائع امتدادا وعمرا جديدين..
لم تظفر من سنوات المعاناة في الدراسة والتحصيل إلا بهذه المكتبة التي تضغط عليك الحاجة بين الفينة والأخرى فتعزم على بيعها والاستفادة من ثمنها في ظل الحصار المادي المضروب عليك، وفي ظل متطلبات تتزايد وتكبر.. لكنك ما تفتأ تطرد الطائف اللعين، فهي صومعتك التي تلم فيها شتاتك كلما أحسست بأصابع الحصار الخشنة تلتف حول عنقك في صلف،، أخرق من يبيع صومعته في زمان كزمانك وفي ظروف كظروفك؛ من تراك ستحاور إن أنت أقدمت على بيعها؟! ومن تراه سيسمع بثك ونجواك؟! فخارج الصومعة ينعدم المحاور، تتيبس الحروف على الشفاه،، لا وقت لسماع تفاهاتك،، صومعتك وحدها تمنحك ذلك الدفء وتحمل إليك أصواتا قد تتفق معها وقد تختلف..
ألقاها ذات مرة بشكل عابر وهو في فورة غضب بعدما طلبت إليه ثمن دورية من الدوريات التي تحرص على اقتنائها، حتى لا ينفصم خيط اتصالك بالحركة الثقافية بالوطن،، دورية،، دورية..
- لو كانت أسبوعية أو شهرية لكان له معي شأن وموقف آخرين..
ألقاها سما مهلكا نفذ إلى أعماقك، مزق فيها كل معاني التريث والتباطؤ، نار مجنونة كادت تحرق فيك كل شيء؛ كل معاني النبل والاستقامة والخير،، الأطواد التي بنيتها كانت تهتز بفعل الزلزال المدمر الذي أحدثته الكلمات النارية التي خرجت من فيه حمما محرقة :
- الكتاف ما يهزو لكتاف غير للقبر"
ماذا عساك تفعل حينها؟ ماذا عساك تفعل؟؟ ومن أين تبدأ في تعاملك مع الملفوظ الجديد؟ وبأي الأدوات الإجرائية تفكك خطاب الصعق هذا الذي ما زالت مكونات تركيبه تقرع حواسك بعنف شرس؟ أتتأبط ذراع أمك وتحتمي بحضنها الدافئ كما كنت تفعل في صباك؟؟
كانت ملجأ وملاذا وقناة لا يمكن تجاهلها للوصول إلى رضا الوالد أو إلى جيبه،، ترى أتعيد الكرة من جديد وأنت في يفاعتك وقوتك فتحتمي بذراعها، أم تراك ستندفع كثور هائج فتحرق كل الأعذار والعوائق التي شدتك إلى حضيض الانتظار، وعاقت حركتك في الاتجاه الأصوب؟؟
تلتمس له ألف عذر،، فزغب الحواصل الذين يتحرك نهم معداتهم ويسيل لعابهم لرؤيته مساء كل يوم وهو يحمل كيس البلاستيك الأسود بيمناه، فيهرعون إليه، عسى المساء يغطي هزال الظهيرة،، وعسى سواد الكيس يخفي وراءه ما قد يكسر رتابة وجبات الشاي والخبز.. تلتمس له ألف عذر وأنت من تعلم أن الخوف والرعب وأشياء أخرى كثيرة من جنسهما أو تناسلت عنهما، هي وحدها ما يضبط حركة المسكين في الواقع، وأن تعاطيه مع قضايا من حجم قضيتك أو من حجم أكبر وأهم، لا يتم إلا من خلال ما تقدمه الاذاعة، حتى صار كل عمل، وكل حركة تهفو من خلالها إلى انتزاع حقك أو مجرد المطالبة به، ضربا من السياسة، والسياسة محرم من المحرمات التي إن اقترفها المرء، جنى على نفسه وعلى الآخرين، وجر عليهم كل صنوف الأسى والضنك،، تذكر كيف كان يقمع فيك كل نقاش حول القضايا الساخنة التي يعرفها العالم أو تعرفها ساحة الوطن،، نوع معين من التربية التي يمتزج فيها الحرص على البقاء والاستمرار بالخوف، بتراكمات أخرى لا أول لها ولا آخر،، تذكر كيف حاول تمزيق إحدى المجلات السياسية الأسبوعية بعدما حاولت في حماسة واندفاع أن تشرح له واقع الحال في دولة من الدول الإسلامية.. كان الرعب يملأ عينيه ويهز كيانه هزا عنيفا،، فحديثك في رأيه لا يمكن أن يوصل إلا إلى السجن، وللسجن في ذاكرته ألف صورة مفزعة، توالت على ترتيب ألوانها القاتمة وتوزيع خطوطها الشائكة حكايات وأخبار تتنامى إلى أن تصبح في زمن اقتلاع جذور الكائن من نفسه، من بيته وأسرته ومن جلده كذلك، إلى أسطورة أو خرافة،، وكما ترهب الكائنات الخرافية طفلا مشاكسا، ترهب الصورة المفزعة من ركبت في رأسه وذاكرته، فيسعى خوفا من عنف الاقتلاع إلى نقلها بكل تفاصيلها الدقيقة المرعبة إلى كل من شاكس أو جنح به حلمه خارج المدارات والأسلاك التي يرى الوالد أنها تمثل منطقة الحدود الآمنة.. ما زالت عبارة (الداخل مفقود والخارج مولود) تلقي في ذاتك ظلالا معينة، تختزنها ذاكرتك منذ سنوات؛ فضاءات مظلمة، وصرير أبواب وزرد سلاسل، وتبن يغطي الثرى، وقمل وبراغيث بحجم الصراصير، وكلما تم التوغل في القبو أكثر، كلما زادت العتمة والرطوبة وأشياء أخرى لم تعد تميزها الآن... وفي الصورة المقابلة، بصيص نور يبدو بعيدا،، بعيدا جد،، وشيئا فشيئا يأخذ في الاتساع والانتشار إلى أن يصبح غامرا، ثم، ثم إنها الولادة، والدنيا تفتح الحضن من جديد،، ظلال العبارة مرعبة وسجعها المرصع بإيقاعه الخشن، يلقي كل روع الدنيا في نفسك،، هل تتمالك نفسك أم تنهار؟ تلك نقطة اختيار حاسمة، فإما أن تقذف في أتون العجز والتلذذ باجتراح التعلات، وإما أن تجترح زمنك بانتزاع اللقمة من فم من سرقها منك وأنت لاه غارق في اهتماماتك الهامشية، ضائع بين أشيائك الصغيرة... نوع معين من التربية يمتزج فيه الحرص على الحياة والبقاء، بالخوف، بتراكمات لا أول لها ولا آخر.. تلتمس له ألف عذر وهو يرى أن أحلامه التي كان مداها يتسع وألوانها تتنوع لتأخذ أشكالا جميلة متناسقة، كلما حملت في نهاية السنة خبر نجاحك بامتياز،، يتبدد العناء وتتلاشى المكابدة وأفق الحلم يتسع ويكبر.. ولم لا يمتد ويتسع وأنت فجر الأسرة الندي الذي س... وس... وس... و...، كم هي الجيوب المظلمة التي تنتظر إشراقتك لينجلي. عنها غم سنوات عجاف لم تنشر إلا العتمة ومزيدا من التوتر في العلاقات،، كم هي الأنفاس المتقطعة التي تنتظر منك أن تكمل فيها نقط البتر، لينساب النفس هادئا ورتيبا.. عملية حسابية بسيطة تنبيك بأن الخرق كبير وكبير جدا، وأنك كلما رقعته من ناحية سيمزق حتما من ناحية أخرى،، تلك سنة الحركة في فضاءاتنا المنسية، أن تتقطع أنفاس الآباء وهم يسعون لترقيع الخروق،، ويتوفون والخروق هي هي، بل إنها قد تتضاعف أو تزداد اتساعا..
كان صاحبك في رحلة الضنك والغم – عبد الكريم – يتنذر من وضعيتكما معا فيقول :
- أول العنقود لابد وان يكون مستهدفا.. نحن مهدي الأمة المنتظر..
وكانت أمة بالفعل،، أمة تنتظر مهديها، يمزق بحركة واحدة كل سجوف الجور التي تراكمت عبر السنين، ويحرق في جرأة الأصفياء كل مراكب التيه والضياع التي لم تتحرك بالركب إلا صوب لجج الأنانيات العاتية، وكانت أمة بالفعل،، أمة تترقب مهديها، يسحبها بعنف الصولة والمكانة من فوق جمر قضت عمرها كله تكتوي بلظاه، ويهربها بعيدا،، بعـ...ـيـ...دا.. إلى المرافئ التي تسترجع فيها أزمنتها الهاربة وفرحها المصادر.. تلتمس له ألف عذر وهو يرى أن أحلامه تحاصرها القتامة من جانب، ويهجم عليها الدجى فيحيلها في لونه الممجوج قطعة ذائبة ضائعة في فضائه اللا ينتهي،، بعد ما كانت بالأمس تتشكل في أبهى لون وأنصع صورة.. لم يكن أمامه – وهو العاجز المقهور الذي يتمنى ألا يحرم زغب الحواصل من الكيس البلاستيكي المسائي – إلا أن يعبر عن انتفاضته الكسيحة في وجهك ،، فأنت وحدك من يملك أن يفجر ثورته ورفضه للقسمة الضيزى ولكل الأشياء.. تعيد العملية الحسابية البسيطة في ذهنك مرات متعددة :
-ثمن الحمام الأسبوعي.. تستدرك- لا بأس ، يمكن أن يكون بعد أسبوعين أو ثلاثة، ثم ثمن الحلاق – تمطط المهلة ما وسعك الأمر – شهران كفيلان بأن يغطي شعر رأسك أذنيك الصغيرتين – ويمكنك أن تضيف إلى الشهرين أو تنقص، الأمر يرتبط بفراستك، تتذكر شيئا آخر، وذقنك،، لم تتعود على إعفاء لحيتك أكثر من أسبوع، ولم تتعود كذلك أن... تتبرم فجأة من العملية الحسابية الفجة، وتترك التفكير فيما قد يزيد جرحك غورا واتساعا،، لكنهم كانوا يحسبون؛ الأحزاب تريدك قفازا سميكا تجربه في عراكها مع الحكومة،، والحكومة تريدك أن تكرع بنهم من معين وهمها، فترقص كالمذبوح على ألحانها، حتى يسري خدر سحرها في عروقك، وتتيه في دوامة المراسلات، والردود السلبية، وانتظار أعداد جديدة من (الكارفور)، تلاحق على صفحاتها أملا هاربا أو وهما كذوبا،، كلهم كانوا يحسبون، كلهم كانوا يراهنون على انخراطك في اللعبة بصورة أو بأخرى،، ووحدك، وحدك من كنت تجتر الأسي والحسرة شوكا وعلقما كلما أحسست بأن يومك لا يتميز عن أمسك في شيء، وأنك ما زلت مرابطا في موقعك القديم، تتمترس خلف الانتظار..
تقول لعبد الكريم في أسى بادي :
- ليتنا حذقنا حرفة من الحرف في فترات العطلة،، ما أغباها عقولنا الحالمة،، وكم هو محدود أفق الرؤيا لدنيا،، تحاصره المقررات ورغبة في التسلق والارتقاء ونفرة تكبر شيئا فشيئا من كل الحرف اليدوية،، ليتنا تعلمنا حرفة من الحرف نفجر بها أزمنة الانتظار..
الآن فقط أصبحت مقتنعا تمام الاقتناع بأن على كل متعلم أن يهتم منذ صغره بتعلم وحذق حرفة معينة..
آخر من اتصلت بهم، بعد أن وقفت على رغبتهم في توظيف خريج مثلك،، قرأت الإعلان كعادتك دائما في (الكارفور)، حملت إليهم نسخة من الشهادة ووثائق أخرى، وانتظرت،، ولما لم يتصلوا، اتصلت أنت، وبعد أن سمح لك بمقابلة المسؤول، قيل لك إنهم يرشحون فتاة لشغل ذلك المنصب،، كنت واثقا وأنت تجرر رجليك خارجا من المؤسسة، أنه لو تقدمت لهم فتاة لها نفس المؤهلات لقيل لها :
- للأسف الشديد، كنا نرغب في أن يشغل هذا المنصب فتى وليس فتاة... وهكذا تغوص في لجة من الضحك على الذقون،، تحس وأنت تتجاوز أسوار المؤسسة أنهم ينخرطون في ضحك عال ومسترسل،، ترى من يضحك على من في هذه الدوامة؟؟ لم تكن تحس للحظة أنك وحدك من يجرر رجليه خارج المؤسسة،، كنت تراهم زرافات زرافات،، يتأبطون جرمهم وهم يجتازون بوابة المؤسسة،، لم يتسرب إليك قط إحساس أنك وحدك،، دائما كنت تراهم يملأون عليك فضاءاتك التي طالما ضاقت واكفهرت سماواتها،، نوع من العزاء المريض والسلوى يغمران كيانك، فتحس أنك لست وحدك من يغرق في طينهم اللزج، وأنك لست وحدك من ينجز العمليات الحسابية الفجة كلما أربك الآباء حركة الأيام الرتيبة بسؤال جارح أو بفورة غضب أو... ضحكهم ما زال يرن في أذنك، لن يفارقك عهره ما دمت ستكرر الزيارة مرات أخرى لأشكال من طينتهم..
تتردد هنيهة في تحية من تسمرت أمامه في صباح من صباحات الوطن الرائع، أحسست بفراستك أنه لن يقبل منك تحية التميز والفطرة، بدلته وياقته وحذاؤه وعطره المسكر... كل ذلك يخبرك أنه يريدها مستوردة كعطره أو كحذائه...
- صباح الخير..
لم يكترث أول الأمر، يرفع إليك طرفه ويصدر صوتا تفهم منه أنه يستفسر عن مرادك..
- أعلنتم عن رغبتكم في توظيف... وجئت أقدم الوثائق المطلوبة..
يمد يدا باردة،، يتفحص الأوراق، ويعيدها إليك قائلا :
- لقد تم الاتفاق بيننا وبينهم على أن يتم شغل المناصب المقترحة خلال السنة المقبلة وليس الآن..
نفس الحالة تعاود انتيابك من جديد، تحس بضحكاته عالية تفرقع كالسوط يجلد كل كيانك،، الأول يضحك على الثاني، والثاني يضحك على الثالث، والرابع... وأنت،، أنت ساهم الآن في أخيك الصغير(آخر العنقود) وهو يلعب في باحة الدار الضيقة أمام أعين الأم التي أجلت فرحها وكل شيء جميل إلى اليوم الموعود،، يهزك الشوق حينها إلى زمن الطفولة البريئة، حيث المعاناة معلقة أو ملغية.. يا أيها الصغار،، لا تقبلوا على اقتحام دنيانا الصدئة،، وابقوا كما أنتم صغارا،، لا تقتحموا الغابة وارفضوا بكل قواكم أن تكبروا يوما ما أو تغادروا لعبكم وبراءتكم، فليس وراء قاماتنا الفارعة إلا صحراء مرعبة وفراغ قاتل،، فابقوا صغارا كما أنتم،، ابقوا صغارا كما أنتم..
ينتزعك مجيء الوالد من شرودك،، يضع كيس البلاستيك الأسود المسائي قرب المطبخ، يقبل الصغير، يلتفت إليك وقد اكتشف وجودك،، يسألك عن ثمن الدورية التي اعتدت اقتناءها،، ولما لم تجب، تنزلق يده إلى قلبه الكبير الواسع الأكناف، ويسل من معدنه الطيب ورقة نقدية، يدفعها إليك في تودد بادي لينتقل بعدها إلى المطبخ.. تتذكر أنهم كلهم كانوا يحسبون ويعيدون الحساب، لكنهم لا يعطون أي شيء؛ الأحزاب تحسب عدد الكراسي التي قد توفرها ضربة محكمة بقفاز سميك، وخصومها يحسبون الفترة التي قد يستغرقها ضياعك في متاهات المراسلات والردود وانتظار أعداد جديدة من (الكارفور)، والشركات توفر بإعلاناتها المجانية لزمن حلمك امتدادا وانتعاشا أكبر،، الأول يضحك على الثاني، والثاني يضحك على الثالث، والثالث... يرتفع الضحك بداخلك عاليا،، يفرقع كسوط يجلد كيانك، إنه الآن يحرق كل التعلات التي حالت بينك وبين الحركة والفعل، ويدفعك لاستعادة زمنك الهارب وفرحك المصادر،، تحس أن يومك يحبل بشيء خالف المعهود، وأنه يباين أمسك في أكثر من ناحية،، كان الضحك يتراجع شيئا فشيئا وأنت تهدم كل متاريس الانتظار وتنطلق،، لم تحس للحظة أنك وحدك من اندفعت تحرق تعلات انتظارك،، كنت تراهم دائما يملأون عليك فضاءاتك المكفهرة، وتملأ عليهم فضاءاتهم،، لم تكن وحدك،، لم تكن وحدك،،
------------
* الكارفور : جريدة كان يصدرها المجلس الوطني للشباب والمستقبل.