سالم الشبانه - تفاهة الوجود.. شعر

تجلس في الظلام باسترخاء كأنك في كهف "غرنوي" بطل رواية العطر لزوسكيند، ولأن الظلام هو ما يكشف داخلك بحدة وحنان، الظلام الأصل الذي منه خرجت إلى ضوء العالم الصاخب وحيدا وكثيرا في وحدتك، يخرج من أصابعك، شفتيك، وعينيك أشخاص كثيرون، ينزعون خلايا جلدك ودمك، كل له سؤاله وقطعة منه يرميها علي كتفك بعنف ثم يجلس علي كتفك، رأسك، قلبك، شفتيك. إذا كان " لا يوجد بين اثنين إلا الكلام أو الموت" كما قال "لاكان" تموت قطع جسدك كأوراق خريفية، وروحك بالكاد تتنفس الهواء الشحيح الذي يلوثه الرصاص، وبقايا كل من علق بك: نفاياتهم، عرقهم، لومهم، كذبهم، وأنت تحاكم لنفسك وتجلدها بما يجب أن يكون، وليس بما هو كائن.
الظلام ثقيل، غني، ودسم، له مذاق حامض، مر لكنه مريح، الظلام الغويط كأرواح تناثر في حقل الخراب كفسائل تنمو ببطء. ستزورك أمك غاضبة وتقول لك: يم.. يم. وتصمت. تعرف أن قلبك مثقل بنفايات كثيرة، أوهام، معارك، وبقايا جراح طرية. ستقول لك: كل حروبك خاسرة، لأنك لم تكن نبيلا مع نفسك، لم تحدب علي ضعفها، لم تغسل وجهها الملوث بالدموع والدم خوفا من الناس، التقاليد، والأعراف. انجُ إيها الرجل من هذا الضوء الباهر؛ لتري في الظلام الغويط أصل الحكاية القديمة وموقعك من تفاهة الوجود.

سالم الشبانه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى