(1)
الشارع حيث تلتقي الأجساد متفرّقة الأهواء والمقاصد، حيث الأشخاص كلّ ذاهب إلى ما خرج إليه، منهم من يسابق الزمن للوصول، ومنهم من خرج متئداً مرتاحاً في سعيه، الناس ومسار الطريق نموذج للعلاقة المؤقتة التي تنتهي بانتهاء قضاء الحاجة من الطريق، والعلاقة الدائمة التي تلحّ على حتمية دوام هذه العلاقة.
الشارع عالم مركب، مشهد متحرك، لا يمكن بحال أن تتطابق له صورة وأخرى، وإن كانت من نفس الزاوية الملتقَطة منها الصورتان، وإن كانتا ملتقطتَين في وقتين متناظرين، عالم مفتوح على السماء.. مربوط بالأرض فعلاً، جامع كل الفئات.. لا يفرّق بين غني وفقير، المكان الوحيد الذي يضطر الجميع لعبوره كضرورة للوصول.
الناس في الشارع تواريخ تمشي على الأرض، كل فردٍ يحمل تاريخاً يختلف عن الآخر، هو جانب من حياة الوطن، قصّة بطلها السيد المواطن أيّاً كان، أنظر في الوجوه، أتأملها، كثير منها توحي بشيء مما يشعر به أصحابها من فرح، أو إحباط، أو ضيق حال، كلهم يجمعهم الشارع.. فصل آخر من حياتهم يدور هنا، فالشارع مسرح كبير تخرجه الحياة بإتقان.
الشارع نبض الوطن، ومجتمعه الإنساني المنكشف الغامض في آن.. فهو منكشف لأنك ترى كل المارة: أشكالهم، وألوانهم، على اختلاف أذواقهم وإمكانياتهم التي تظهر عليهم بشكل أو بآخر، وغامض لأننا لا نعرف التاريخ الذي يحمله كلّ شخص، بكل ملامح التاريخ!
الشارع هو الوطن حين يفرح ويحزن، حين يئن، وحين يثور، حين يحيي أبناءه الحقيقيين، وحين يلفظ العُصاة منهم، الشارع هو اللوحة المبهرة التي عبقت بشذى كل عطور ورياحين ربيع الوطن، ليضوع في العالم ناشراً مشاعر العرب الوطنية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا؛ حين خرجوا سلميين مطالبين بالتغيير، هو ذاته الذي جمعهم ليفرحوا بالنصر.
نشر بصحيفة الشارع، 2012م.
الشارع حيث تلتقي الأجساد متفرّقة الأهواء والمقاصد، حيث الأشخاص كلّ ذاهب إلى ما خرج إليه، منهم من يسابق الزمن للوصول، ومنهم من خرج متئداً مرتاحاً في سعيه، الناس ومسار الطريق نموذج للعلاقة المؤقتة التي تنتهي بانتهاء قضاء الحاجة من الطريق، والعلاقة الدائمة التي تلحّ على حتمية دوام هذه العلاقة.
الشارع عالم مركب، مشهد متحرك، لا يمكن بحال أن تتطابق له صورة وأخرى، وإن كانت من نفس الزاوية الملتقَطة منها الصورتان، وإن كانتا ملتقطتَين في وقتين متناظرين، عالم مفتوح على السماء.. مربوط بالأرض فعلاً، جامع كل الفئات.. لا يفرّق بين غني وفقير، المكان الوحيد الذي يضطر الجميع لعبوره كضرورة للوصول.
الناس في الشارع تواريخ تمشي على الأرض، كل فردٍ يحمل تاريخاً يختلف عن الآخر، هو جانب من حياة الوطن، قصّة بطلها السيد المواطن أيّاً كان، أنظر في الوجوه، أتأملها، كثير منها توحي بشيء مما يشعر به أصحابها من فرح، أو إحباط، أو ضيق حال، كلهم يجمعهم الشارع.. فصل آخر من حياتهم يدور هنا، فالشارع مسرح كبير تخرجه الحياة بإتقان.
الشارع نبض الوطن، ومجتمعه الإنساني المنكشف الغامض في آن.. فهو منكشف لأنك ترى كل المارة: أشكالهم، وألوانهم، على اختلاف أذواقهم وإمكانياتهم التي تظهر عليهم بشكل أو بآخر، وغامض لأننا لا نعرف التاريخ الذي يحمله كلّ شخص، بكل ملامح التاريخ!
الشارع هو الوطن حين يفرح ويحزن، حين يئن، وحين يثور، حين يحيي أبناءه الحقيقيين، وحين يلفظ العُصاة منهم، الشارع هو اللوحة المبهرة التي عبقت بشذى كل عطور ورياحين ربيع الوطن، ليضوع في العالم ناشراً مشاعر العرب الوطنية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا؛ حين خرجوا سلميين مطالبين بالتغيير، هو ذاته الذي جمعهم ليفرحوا بالنصر.
نشر بصحيفة الشارع، 2012م.