زهير كريم - نواكشوط.. شعر

أحلم دائماً بأني أعيش في نواكشوط ،
كأن خيطاً يسحبني من منزلي في بروكسل
كلما غفوت،
لأجد نفسي هناك.
وفي الحلم
يحصل أني أعملُ دائما صبّاغ منازل،
وأسكن في بيتٍ صغير بجوار (مرسى الكابتال ).
حيث تدخل من النافذة،
الروائح النفاثة القادمة من سوق الحوت.
واصوات السيارات الذاهبة الى (السانكيام).
أحلم أنني أتجول مساء في شارع ( تفرق زينة )،
حيث تمتد في نهاياته القصور الفسيحة،
وتجوال مركبات الدفع الرباعي،
وغنج النساء الجميلات بملاحف الحرير.
وحين أعود
يكون الوقت مابعد العاشرة،
اتناول العشاء في مطعم ابو عبدلله ،
أشرب القهوة المثلجة على الطريقة اليونانية،
وأسمع أثناء ذلك عويل المحيط
وقصص البحر العجائبية
التي يكررها البحار كل يوم.
ويحدث احيانا
أنني عند الرابعة فجراً
أكون في الحلم على الساحل،
الموج ...
يكرر أغنية تجرح قلب الغريب،
أشاهد وقتها سفن الصيد اليابانية العملاقة،
أنها في قلب البحر
مثل كائنات اسطورية
على شكل بقع من الضوء تتلألأ في عين الميناء القديم،
كان هذا يجعلني في الحلم حزينا جداً،
كما لو أن قراصنة أخذوا سفينتي،
ورموا بي عاريا على ساحل
هذه الجزيرة غيرالآهلة بالسكان.
وحيداً مثل نبتة صبّارعلى الرمل،
في ذات الموضع أحلم دائما،
وفي ذات الوقت
بجانب قارب متآكل
أعرف أنه لصياد من السنغال اسمه مامادو،
مات في العاصفة قبل عامين.
هكذا قالت زوجته عائشتو التي
تدير مطعما شعبيا في الحي الخامس
تقدم فيه وجبة فقيرة يسمونها ( مارو الحوت ).
وقبل أن تشرق الشمس بقليل
يجذبني غناء الصيادين بلغة الوولف،
غناء حزين قادم من أكواخ القصدير،
وكنت أرى الأشباح تدفع القوارب الصغيرة
إلى قلب العاصفة،
نظراتها مصوّبة
باتجاه البواخر العملاقة،
البواخر التي تشبه كتلاً ضخمة من الإسفنج ،
سوف تمتصّ المحيط.
ولقد حفظتُ مع تكرار الحلم كلمات الصيادين،
شاركتهم رحلات الصيد الصعبة،
ونجوت مرات عديدة من الموت،
لأني كنت استيقظ دائما،
ولا أختفي مع قواربهم الصغيرة
عندما تأخذها العاصفة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى