سمر لاشين - أرقص وحدي..

في طريق عودتي من العملِ. يَطلب مني زميلي أن أرقصَ معه.
فأخبره أن الرّجال العميان، لا يسمحون لي بالرّقصِ مع رجلٍ غريبٍ.
فيتفهم الأمر.
أعودُ إلى البيتِ، وأتصل بصديقي البعيد.
صديقي الذي بيننا سنواتٌ لا بأس بها من الصداقةِ والقطع الموسيقيّة.
أقولُ له :
ماذا أفعل في غرفةٍ ضيقةٍ لا تتسعُ لقدمِ رجلٍ أحبّه.
( في غرفتي: أمهاتٌ مسنّاتٌ أنجبنني جميعاً من أبٍ واحدٍ. ورجالٌ عميانٌ بقلوبٍ واسعةٍ،يتكلمون بكلماتٍ بذيئة؛ٍ اذا زارني أحدٌ. وأطفالٌ يتحولون فراخاً صغيرةً كلما قسوتُ عليهم، وينادونني أمي. وأحلامٌ كثيرةٌ، قصيرة العمر. وكلّ الشوارعِ والمقاهي والدكاكين والمكتبات ومقاعد الأرصفة، والباصات والأسواق التي مررت بها، تتكوم في ركن غرفتي. وحديثهم في الليل؛ يُطير النوم من عيني)
فيرسلُ لي مقطوعة موسيقيّة وقلب أخضر.
عند النوم، أرتدي ثوباً خفيفاً وفضفاضاً لونه أبيض.
وقبل أن أصعد السلم المؤدي إلى سريري
سريري العالي بأعمدته النحاسيّة
أتأكد أن فراخي في أعشاشها.
أنفضُ الغبار عن الكمنجاتِ المهجورةِ في ركن قلبي. وأتذكر الرجل الذي يملك مفتاح اللحن.
أهمس من خلف الجدارِ الفاصل بيننا:
اطمئن بطني ماتزال مسرحاً للكمنجاتِ، ورطبة، يتدفق من أسفلها النهر.
ورغبتي فيكَ ليست مكتوبة؛ كي يقرأها الرّجال العميان
أو يفهموا كيفيّة التعامل معها بقلوبهم الواسعة.
يرد : لا أهتم بأمر العميان، علينا أن نجد حلًا لغرفتكِ الضيقة ودمكِ الحُر؛ الذي كلما لمستكِ من بعيدٍ، يتدفق على يدي.
أتصلُ بصديقي مرةً ثانيةً وأقول له: اقرأ لي قصائد بصوتكِ؛ فيقرأ لي.
أقول: قل لي أني بخيرٍ ، فيقول: أنتِ بخيرٍ.
فأصبحُ بخيرٍ، وأغلق الهاتف.
أفكرُ في حلٍ..
لو فتحتُ الشباك؛ ستطير فراخي.
لو نزعتُ السقف؛ سيصبح العميان قريبين من الله ويدعون عليّ.
لو هدمتُ جدارًا؛ سيجف الرضا في قلبِ أمهاتي وأصبحُ في نظرهم جاحدة.
ماذا أفعل لأخرجهم جميعاً من غرفتي.
وأغني وحدي.
في غرفةٍ، تتسع، لي، وحدي.
تتسعُ لي، وأغنية.
وحبيبٌ ينتظر خارجها أن أرقصَ معه ..
فأرقصُ وحدي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى