باقر جاسم محمد - من أغاني العاشق القديم

الأغاني ، كما الموسيقى ، تتكدس على عتبتي أذنيه ،
بينما تتوهج روحه مثل عود صندل يحترق ...
كان ينظر إلى عينيها في ذاكرته ،
فيراهما حقلي قمح ناضج ،
و كان يصغي إلى حديثها آتيا من الأقاصي ،
الأقاصي الكامنة في دمه مثل سنونوات آمنة في أعشاشها ،
و كان هو مأخوذا يرجئ المستقبل ،
و يخاطب ماضيا ثلجي الملامح .
ترى هل تتعندل الأغاني ؟
ترى هل تتعندل الموسيقى ؟
و هل ستعبران عتبتي أذنيه ؟
أم هل ستحاصرهما الأشواك البرية ؟
فها هي عيناه تتدفقان عسلا ؛
فأين نحل محبتها ؟
و كيف يفعل و هي تريده قمرا ؟
فيبحث عن مدار يشرق منه على ليلها الكثيف .
و كيف يفعل ، و هي تريده أفقا ؟
فيوزع أجزاءه في الجهات الست حتى يراها حيثما ولت وجهها .
و حين تحتجب مثل شمس شتاء قطبي ،
تتوثب روحه مثل عصفور حبيس ،
و يدور مسيجا بالصمت و الظلام ،
و يرتدي حزنه كما يرتدي الصوفي خرقته ،
ليطوف في المدائن عمود نار …
بينما الأغاني و الموسيقى تنظر،
و تنتظر،
و تتألم .
فمن يمنح العاشق زمنا جديدا ؟
من يجعل الأغاني و الموسيقى تصدحان في أعماقه ؟


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى