صابر رشدي - مؤخرة وداد حمدى.. مدخل قصير جدا للقراءة

"بدون أشياء مأخوذة من ذكريات الطفولة المقدسة و الفانية و المنقولة إلى الحياة لايستطيع الإنسان أن يعيش“ . هكذا يحدثنا ديستويفسكى فى مذكراته ، ومع هذه المقولة ، تتصاعد من الفور مجموعة أفلام أبيض و أسود ، كنا ننتظرها، ونشعر بنشوة فارقة أثناء مشاهدتها، اسماء ظلت تحفر طيلة الوقت صورا سعيدة فى حياتنا، إسماعيل يس ، زينات صدقى ، عبدالفتاح القصرى ، عبدالسلام النابلسى ، سعاد مكاوى ، استيفان روستى، حسن فايق ... الخ، جيل ذهبى، أداء تمثيلى عفوى، لكنه شديد التأثير، كانوا لا يمثلون، فهم قادرون على فرض ساعات من المرح، وخفة الدم، وتفجير الضحك المتواصل، بل وتسريب الكآبة والحزن، وساعات الضجر .
وداد حمدى هنا، ليست كوميديانة كبيرة، لكنها تختلف عن كثيرات، وهى تؤدى الدور الثانى، أو الثالث ، الشغالة دائما، أو صديقة البطلة، ولكن ثمة نظرة تجارية، واستخداما لماحا، حاولت فرضه على ادائها، فالإيروتيك، والوجود الحسى، يشعلان خيال المشاهد، ويجلبان أموالا كثيرة لشباك التذاكر، لابد أن ترتدى فستانا ضيقا لامعا، محبوكا عند الوسط، والمؤخرة، وأن تلتقط لها المشاهد من الخلف، وهى تمشى بخطوات متقنة ومحسوبة جيدا لهز الردفين، كأنك ترى الأشياء وتلمسها. تذكر معى: كم مرة كانت تذهب إلى الباب، لتفتحه، أو تغلقه وراء الممثلين، فى كل فيلم
، صائحة:ستى ياستى، أو: سيدى ياسيدى ؟
هذه اللقطة تحديدا يتم تصويرها من الخلف، حتى يتم إبراز هذه العجيزة الفصيحة وهى تعبر عن نفسها على نحو جيد. فقد كانت تعلم ان هذه الأشياء هى مركز شهرتها، وسر إقبال المنتجين عليها،
لقد تم ارهاقنا، وبعث السأم فى نفوسنا، من قوة الدعاية الهوليودية الصارخة، التى صدرت نهدى " راكيل وولش “ على أنهما الأعظم ، وأن " جينيفرلوبيز “ و" كيم كاردشيان “ تحتفظان بحقهما كأجمل مؤخرتين، بينما إمرأة مثل وداد حمدى لو كانت تملك وجها ذى ملامح أرستقراطية، وبعضا من الأناقة المزدوجة لزلزلت العالم، وأن هناك فنانة أخرى، تم تخليدها عبر التاريخ، بوضع اسمها على احد موديلات أفخم سيارة فى الزمن المعاصر، وهى مرسيدس، انها الفنانة هياتم، حيث اطلق على موديل مرتفع الحقيبة الخلفيةإسم " طيز هياتم “ فى مشهد لاتخطئه عين، يبرز تقدير المصريين للمؤخرات المقببة والمتماسكة، وإعطائها مكانة رفيعة، وأهمية كبرى .
وداد حمدى، كانت إمرأة عفية، فلاحة محتفظة بصحتها وحيويتها حتى اللحظات الأخيرة من نهايتها المأساوية. عندما كنت أراها، كنت ألحظ نضارة الصبا عليها، لم تحطمها الشيخوخة، أو يضربها الترهل. لقد كانت إمرأة ذات جاذبية خارقة، استطاع تقديرها فنانون كبار، يفهمون جيدا فى النساء، ويتزوجون بكثرة، لقد اقترنت على مدارحياتها بأسماء ذات وزن: الموسيقار محمد الموجى، الفنان صلاح قابيل، الفنان محمد الطوخى.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى