هالة محمود أحمد - أسلحة الشوق..

كمدٌ على كمدٍ صرخاتٌ بلا هوادة بلا انقطاع، تسببت في ملاحقة ضربات قلبي لبعضها، زاغ البصر يميناً ويساراً بحثاً عن الصارخ والمصروخ منه ومكان الصراخ، تمازجت الصرخات مع الزغاريد مختلطتان ببكاء وليدٍ واختفى الصراخ.
طَرُبَ خافقي فصوت الوليد نغم يشترك به نبض قلبي كدفوف، لقد أصبحت حبيبتي أماً.. من المؤكد أنها هي من سمعت صوتها فجراً تنهشها آلام المخاض، وهذا الوليد كان لابد أن أكون أنا من أنجبه، لكنها العادات والتقاليد تمسكهم بهما جعل الدنيا تبدو كغابة تتشابك فيها أفرع العادات بعروش التقاليد لتُظِل وتواري الشرع. كنا يوماً نتمدد متجاوران سقفنا القبة الزرقاء وجدراننا عيدان البوص المتشابكة مع سنابل الذهب، أحكي لها أحداث أسبوعاً مضى دون أن أراها، وتصف لي روعة السماء وقت الغروب واستهلال السماء للنجوم، أغازلها وتداعبني بلمسات الحنان على وجهي شادية بنعومة ذقني وجمال نغازتاي ووسامتي، أرد على عبثها بأناملها الرقيقة بوجهي بقبلات متلاحقة... تعلوا الضحكات حين تركلني بركبتها ببطني فأمسكها متظاهراً بالألم، تدنو وتحنو ونروح معاً في عالم الهمسات، يفرد القلب جناحاه محلقاً بسماءِ العشقِ مناديا..ً أيا رغبتي اطفئي شوقي.. تسللت أناملي مع أنفاسي لا أعلم أي منهما أسرع في الملامسةِ والعبثِ، تدغدغني بقهقهة طفولية تشحذ من أسلحة شوقي فتنقض وتنهل وتبادلني انقضاضي بافتراس. لا ينتهي الحنين، أوصلها بعد كل مقابلة حتى مشارف البلدة وحين رأتنا عيناً متلصلصة، ما عدت أرى في عينيها إلا التيه والفكر الشارد في العقول الخربة القاسية.. عقول بلا قلوب لا تملك إلا أسلحة الدمار الشامل للعلاقات. انتظرتها بمكاننا المعهود، يأتيني وقع خطواتها سراب، ألمحها عند المفترق تتوقف أنفاسي، سرعان ما أتيقن من هوية القادم إنها شقيقتها، وكانت الطامة فمن عاداتنا عدم تزويج الفتاه لمن أحبته قبل الزواج، زفاف حبيبتي يوم الخميس القادم...
مرت سبعة أيام كانت الغيرة تنهشني نهشاً ولم ينقذني منها سوى مرض زوجها واضطراره للسفر للعاصمة للعلاج، أصبحت فتاتي أم بعد زواجها بسبعة أشهر فقط، كيف استطاعت تركه يلمسها وينجب منها وأنا من رفضت الزواج بغيرها ؟!، صفعتني حقيقة الواقع، انزويت بعيداً في كوخي الملئ بالذكريات، تمددت بنفس المكان.. رأيتها بجانبي تداعبني، عاتبتها أقنعتني بأني كنت أمر بكابوس وأنها سوف تأتيني كل أسبوع كما كنا .وفت بوعدها حلت ضفائرها على أنوار القمر، اعتلينا معاً صهوة الشوق بعدما اهترأ لجام الرغبة، كاد حلمنا يطول لولا أن عصفت به رياح الواقع فحبيبتي تنجب الطفل الثاني وأنا ما زلت أعزب.. كيف لها أن تفعل ذلك بي وأنا لم أتماثل من تشوقي إليها رغم مقابلتي لها يوم كل أسبوع، عادت وعدنا وللمرة الثالثة تصدمني بحملها.. عاتبتها وطالبتها بالاختيار.. إما أنا أو هو، كيف لها أن تكون لي وله هكذا، صارحتها بأني أمقته وأمقت أولاده، قالت:
- أتمقت أولادك؟
- أولادي مجازاً بإعتبارهم أولادك..
بادرتني بأن زوجها يعلم أن هؤلاء ليسوا أولاده فهو لا ينجب، وعلم بذلك منذ الأسبوع الأول لزواجهما.. لكنها لم تعلمه بأنها تعلم... طالبتني بالزواج من أخته، رجعت وكلي إصرار على إنهاء تلك المهزلة...
في اليوم التالي كنت أنفذ مطلبها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى