لا أحد عالم بالروح بملامحها أو بمن تكون ، لا أحد كشف لنا عن أسرارها وزمنيتها وحلولها بالجسد وعلاقتها بالحياة وبالموت ، لا الأديان التي أطنبت في ذكرها ولا الفلسفات على اختلافها ،حتى أن بعض الناس ذهب إلى إنكار وجودها أصلا .
ومع ذلك وصلتنا بعض أقوال في بيان إشاراتها ، فقيل لنا أن العيون قد تكشف عن شعاعها وتوهجها وجمالها أو استكانتها وحزنها ، وقيل لنا أيضا أن السخاء والانفتاح والحكمة هي من علامات تألقها.
لذلك عقدت العزم على أن أبوح لكم بما لا تدركونه عن أسرار الروح،من أن مكمنها متصل بنبرات الأصوات ، وحجتي على ذلك أن لكل صوت ميزاته وأن النبرة هي إمضاؤه فهي التي تحمل تفرده ضعفه أو قوته انكساره أو انتصاره أو مشاعره المتوهجة أو برودتها .
فالأوصاف التي سأحدثكم عنها تنتمي إلى عوالم الشعر المتعددة وحججي ليست بالميتافيزيقية ، سأخبركم على وجه الاستعارة مثلا أن نبرة الصوت هي لونه، فهي من تكشف لنا عن هوية صاحبه لذلك قد تفوق نبرة بعض الأصوات أكثر الآلات الموسيقية صفوة وجمالا ، لأنها من تشيع أخبار الروح وأحوالها.
أما حججي الأخرى على أن نبرة الصوت هي التي تحمل أثر الروح فهي لغوية مردها التقارب قي النطق بين عبارات الروح ،الريح والرواح ، لذلك كانت النبرة الصوتية بمثابة الأمارة أو الإشارة على موقعها داخل فضاء ما ،أي داخل كل ما يروح.
فما يبقى في قلوبنا على الدوام هي نبرات أصوات من لاقينا وأحببنا وعرفنا، وهي بمثابة العين المبصرة لأحوالهم، بما يخفون وما يبدون، وهي اللغة المنبئة لما تشعر به الأنفس إن كانت متذمرة أو مبتهجة.
والنبرة هي التي تنطق بحروف المرض والحزن والفرح والتعب والحماسة والانتظار والغضب، لها سجلها الموسيقي بتركيبته الوجدانية المعقدة، والسؤال المطروح هو الآتي: من الذي يدير الجوقة
يا ترى ؟
"ميسترو" يقف قبالة الركح ، عالما بكل أحوال العازفين وهم يعيدون تأليف النبرة واسترسالها بين الفينة والفينة وترابطها مع إحساس صاحبها وحدسه ورغباته باعتبارها تأليف وتناسق يتجاوز حواس الجسد.
أما بقية حججي ، التي لا تعد ولا تحصى ،فمنها أن الشجر والزهر وبعض الحيوانات تعلم بالبداهة تركيبة النبرة وصاحبها وتفقه لغتها.
أقول لكم ، لقد زرت قصورا من نبرات الأصوات ،منها ما شيد في شكل دائري ذات القباب العالية ، أرجوانية اللون ومنها ما كانت هندسة أسقفه أفقية متناغمة لا شيء يغير من اهتزازاتها.
توجد بين نبرة الصوت والفضاء المحيط بها علاقة غريبة خاصة أنها من أصغر مكونات الصوت إذ تمتلك القدرة على إعادة ترتيب المكان لقد تراءى لي أن أشبهها بالقصور وأتابع مسارها في جميع أشكاله.
ومن نبرات الأصوات ما هو محمل برسائل الوجد ومنها ما هو محمل بمعنى القوة والجأش ومنها المتعثر والمتغني والمنكسر المتكبر ، كان علي لكي أدرك مستوياتها أن أنمي حدسي وحسي وحساسيتي حتى بلوغ الصفاء التام، لأتمكن من أبجدياتها علما ومعرفة وأمر من تفحص حروفها إلى هندستها ثم إلى موقعها في الفضاء لإدراك ما توحي به من حالات وأحوال.
فمن الأرواح ما يسكن الأجساد عنوة ومنها من هو متحد بها ومنها من هو مستمتع بالحلول فيها .
جميع الأصوات تعلم علم اليقين الحروف الموسيقية دون تعلمها ، فتعيد تلحينها وجميع الأصوات قادرة على فهم ومعرفة اللغات باختلافها بمجرد إدراك علاماتها ومعانيها وحفظها واستعمالها فالصوت هو الوسيط الذي ينقل المعارف للنفس .
والصوت ليس بالعالم ببعض الحقائق فحسب بل هو الكاتم و الصامت و المحب الصامد الصارخ الغاضب وهو من يقول ويحكي ويسرد ويغني ويطرب ،وتوهج الصوت ليس شبيها بتوهج العين ، لأنه ليس حاملا للضوء بل لذبذبات تخترق الفضاء فتملؤه بروايات وأحاديث مختلفة.
وتشابك الأصوات شبيها بتشابك الظلال إنه إحدى المعجزات التي نشهدها يوميا دون اكتراث ولا انتباه.
فالغناء لغة ونداء لغة والاستغاثة لغة والحوار لغة والأنين لغة ، جميع الحالات النفسية الوجدانية التي يعيد الصوت تشكيلها هي في الواقع لغات متعددة، لكن كيف تمكن من إتقانها دون تلقين ولا معرفة ؟
ربما بفضل نفخ الروح فيه وربما لان الصوت هو الناقل والحافظ لكل الروايات والأساطير والتواريخ .
لقد علمت إثر اعتزالي الدنيا وما عليها والتزامي الصمت ، أن الصوت هو القادر على تجاوز وجودنا الحسي والمادي لاكتشاف العالم الأرحب والتحاور معه والتغني به والتواصل معه والسفر بين أقطابه،
فشد انتباهي ذات صباح غناء العصافير ،يومها أدركت أن لغتها مركبة لتغير مفرداتها بين اللحظة واللحظة رغم تشابهها، كانت تنشر الفرح والحبور كمن ينشر اللؤلؤ وكانت تستمد نشوتها تلك من امتداد السماوات، ترى من أية جهة كانت تلتقط مراسيلها، كيف كانت تؤلف ترانيمها، هل كانت تلك هي صلواتها ، أم تباشيرها ؟
استمعوا جيدا إلى الأصوات القديمة ، تلك التي رحل عنا أصحابها ، فهي القادرة على أن تستحوذ حينا على المكان والزمان وأن تلتف بالحاضر ، إنها الحلول بعينه ، ألم أقل لكم أن الروح تكمن في نبرة الأصوات، وأن لشدو الطيور علاقة بالسماوات بما تقول وبما تخفي .
كاهنة عباس .
ومع ذلك وصلتنا بعض أقوال في بيان إشاراتها ، فقيل لنا أن العيون قد تكشف عن شعاعها وتوهجها وجمالها أو استكانتها وحزنها ، وقيل لنا أيضا أن السخاء والانفتاح والحكمة هي من علامات تألقها.
لذلك عقدت العزم على أن أبوح لكم بما لا تدركونه عن أسرار الروح،من أن مكمنها متصل بنبرات الأصوات ، وحجتي على ذلك أن لكل صوت ميزاته وأن النبرة هي إمضاؤه فهي التي تحمل تفرده ضعفه أو قوته انكساره أو انتصاره أو مشاعره المتوهجة أو برودتها .
فالأوصاف التي سأحدثكم عنها تنتمي إلى عوالم الشعر المتعددة وحججي ليست بالميتافيزيقية ، سأخبركم على وجه الاستعارة مثلا أن نبرة الصوت هي لونه، فهي من تكشف لنا عن هوية صاحبه لذلك قد تفوق نبرة بعض الأصوات أكثر الآلات الموسيقية صفوة وجمالا ، لأنها من تشيع أخبار الروح وأحوالها.
أما حججي الأخرى على أن نبرة الصوت هي التي تحمل أثر الروح فهي لغوية مردها التقارب قي النطق بين عبارات الروح ،الريح والرواح ، لذلك كانت النبرة الصوتية بمثابة الأمارة أو الإشارة على موقعها داخل فضاء ما ،أي داخل كل ما يروح.
فما يبقى في قلوبنا على الدوام هي نبرات أصوات من لاقينا وأحببنا وعرفنا، وهي بمثابة العين المبصرة لأحوالهم، بما يخفون وما يبدون، وهي اللغة المنبئة لما تشعر به الأنفس إن كانت متذمرة أو مبتهجة.
والنبرة هي التي تنطق بحروف المرض والحزن والفرح والتعب والحماسة والانتظار والغضب، لها سجلها الموسيقي بتركيبته الوجدانية المعقدة، والسؤال المطروح هو الآتي: من الذي يدير الجوقة
يا ترى ؟
"ميسترو" يقف قبالة الركح ، عالما بكل أحوال العازفين وهم يعيدون تأليف النبرة واسترسالها بين الفينة والفينة وترابطها مع إحساس صاحبها وحدسه ورغباته باعتبارها تأليف وتناسق يتجاوز حواس الجسد.
أما بقية حججي ، التي لا تعد ولا تحصى ،فمنها أن الشجر والزهر وبعض الحيوانات تعلم بالبداهة تركيبة النبرة وصاحبها وتفقه لغتها.
أقول لكم ، لقد زرت قصورا من نبرات الأصوات ،منها ما شيد في شكل دائري ذات القباب العالية ، أرجوانية اللون ومنها ما كانت هندسة أسقفه أفقية متناغمة لا شيء يغير من اهتزازاتها.
توجد بين نبرة الصوت والفضاء المحيط بها علاقة غريبة خاصة أنها من أصغر مكونات الصوت إذ تمتلك القدرة على إعادة ترتيب المكان لقد تراءى لي أن أشبهها بالقصور وأتابع مسارها في جميع أشكاله.
ومن نبرات الأصوات ما هو محمل برسائل الوجد ومنها ما هو محمل بمعنى القوة والجأش ومنها المتعثر والمتغني والمنكسر المتكبر ، كان علي لكي أدرك مستوياتها أن أنمي حدسي وحسي وحساسيتي حتى بلوغ الصفاء التام، لأتمكن من أبجدياتها علما ومعرفة وأمر من تفحص حروفها إلى هندستها ثم إلى موقعها في الفضاء لإدراك ما توحي به من حالات وأحوال.
فمن الأرواح ما يسكن الأجساد عنوة ومنها من هو متحد بها ومنها من هو مستمتع بالحلول فيها .
جميع الأصوات تعلم علم اليقين الحروف الموسيقية دون تعلمها ، فتعيد تلحينها وجميع الأصوات قادرة على فهم ومعرفة اللغات باختلافها بمجرد إدراك علاماتها ومعانيها وحفظها واستعمالها فالصوت هو الوسيط الذي ينقل المعارف للنفس .
والصوت ليس بالعالم ببعض الحقائق فحسب بل هو الكاتم و الصامت و المحب الصامد الصارخ الغاضب وهو من يقول ويحكي ويسرد ويغني ويطرب ،وتوهج الصوت ليس شبيها بتوهج العين ، لأنه ليس حاملا للضوء بل لذبذبات تخترق الفضاء فتملؤه بروايات وأحاديث مختلفة.
وتشابك الأصوات شبيها بتشابك الظلال إنه إحدى المعجزات التي نشهدها يوميا دون اكتراث ولا انتباه.
فالغناء لغة ونداء لغة والاستغاثة لغة والحوار لغة والأنين لغة ، جميع الحالات النفسية الوجدانية التي يعيد الصوت تشكيلها هي في الواقع لغات متعددة، لكن كيف تمكن من إتقانها دون تلقين ولا معرفة ؟
ربما بفضل نفخ الروح فيه وربما لان الصوت هو الناقل والحافظ لكل الروايات والأساطير والتواريخ .
لقد علمت إثر اعتزالي الدنيا وما عليها والتزامي الصمت ، أن الصوت هو القادر على تجاوز وجودنا الحسي والمادي لاكتشاف العالم الأرحب والتحاور معه والتغني به والتواصل معه والسفر بين أقطابه،
فشد انتباهي ذات صباح غناء العصافير ،يومها أدركت أن لغتها مركبة لتغير مفرداتها بين اللحظة واللحظة رغم تشابهها، كانت تنشر الفرح والحبور كمن ينشر اللؤلؤ وكانت تستمد نشوتها تلك من امتداد السماوات، ترى من أية جهة كانت تلتقط مراسيلها، كيف كانت تؤلف ترانيمها، هل كانت تلك هي صلواتها ، أم تباشيرها ؟
استمعوا جيدا إلى الأصوات القديمة ، تلك التي رحل عنا أصحابها ، فهي القادرة على أن تستحوذ حينا على المكان والزمان وأن تلتف بالحاضر ، إنها الحلول بعينه ، ألم أقل لكم أن الروح تكمن في نبرة الأصوات، وأن لشدو الطيور علاقة بالسماوات بما تقول وبما تخفي .
كاهنة عباس .