تزوّجتُ وأنجبت ، وتجاوزت الأربعين بسنين ، وأرى نفسي من جديد عطشى للحب !.. ولذا تفيض نفسي من جعبتها ومن مكنون ذكرياتها بكلمات الحب الرقيقة ، كمراهقة عجوز متصابية لم تجد من يبادلها الكلمات فمالت إلى الكتابة الرقمية خجلاً من البَوح المُستهجَن ، ووجدتُ فعلاً في كتاباتي نوعاً من ممارسة الحب المتخفّي والمُعلَن والضائع في غياهب نفسي .
ها وكأنّ قارورتي لم تنضب بعد ، ولم تجفّ ، وما زال في قعرها بقايا حب ، وشيء من سخونة تضطرم تحتها بين الفينة والأخرى ، فتفور لتنضح بقايا ثمالتها ، وبصيصٌ من جمر في جسدي يحمرّ قليلاً وينتظر من ينفخ عليه من نسمته ، وقد يتّقد ، وقد يتحطّب ويتصلّب ويبرد .
وكأنّي سراجٌ زيتيٌّ قديم قلّ استعماله في زمن الكهرباء ، ويحلم برشقاتٍ من زيت على فتيلته الذاوية والذابلة .
أنا ـ كامرأة ـ أرضٌ حُرثت مراراً وزُرعت تكراراً واستنبتت أشجاراً لكن ما أجدبت بساتينها بعد ، وما زالت في جنباتي بقايا خصب وبقيعات من حنين ، وجزائر من بقايا مياه جوفية ، لابدّ من حفرها عميقاً لتتفجّر ينابيعها .
أو قد تكون في أعماقي وأغواري وقيعاني ثروات باطنية منسيّة ، إن دُقّت الحفارات في طبقاتها الرسوبية ستهتزّ منها السطوح في اهتزازاتٍ طربيّة وارتجافات انفعالية .
هبّاتٌ ساخنة تليها قشعريرة من صقيع ، انفعالٌ وهجوع ، وافتراقٌ يخلط الجوع بالموجوع ، وعنوانٌ يبحث عن موضوع ، أنفاسٌ متصاعدة ومتخافضة ، وكأنّ رحمي العجوز يلفظ أنفاسه الأخيرة متخبّطاً على مذبحة سن اليأس .
جلدي يسخن يا هذا ، وترتكض الحمم في جوفي كما يرتكض الجنين في رحم الحامل .. قد يكون إيذاناً بالبركان المتفتّق من ثغرة ما ، حمماً انقذافية وأبخرة ساخنة ورماداً بركانياً محبوساً كالمارد الذي سيخرج من قمقمه .
إنني مجموعة قنابل موقوتة منسيّة انفجر بعضها ، والبعض ما زال مُصمتاً على صمّام الأمان الضائع في متاهات نفسي .. وعجزتُ حتى الآن عن فتحه ولملمة كنهه .
كأنني مجموعة أقفال عجز مفتاح زوجي الوحيد عن سبر أغوارها وفكّ طلاسمها . هناك أبواب أخرى وغرف سرّية لم تدخلها بعد ، ويتوجب مسح الصدأ عن مفاصلها ليدخلها الضوء والهواء اللعوب .
-افتح يا سمسم
وها أنا أعطيك كلمة السر يا علي بابا !.. وأصرّ عليك وحدك بعيداً عن غيرك ، ولست ممن يستعذبون التغيير .
وهناك سراديب أخرى في جسدي غير التي اعتدت أن تدخلها وترتادها .
وربما هناك منظورٌ آخر في نفسي يا زوجي الحبيب ، وعليك أن تستكشفه وتكسر شوكته وتحطّم شأفته وتفضّ بكارته مرة ثانية ، وربما ثالثة ورابعة .
ها أنا اليوم في سريرك للمرة الألف مذ تزوّجنا ، وهل يحصي الزوجان على بعضهما عديد اللقاءات الحميمية ؟.. لا أظن.
ولماذا لا يضع الزوجان علامة أو توقيعاً على كل يوم من روزنامتهما المشتركة ؟.. آه .. لكنتُ عندها أحصيت دقائق تواصلنا بدقائقها الزمنية ودقائقها التفصيلية ودقائق دقائقها ودقيق دقدقاتها وقدّها وقديدها .. لأنتقل بعدها من حلمي المشروع إلى مشروع حلم جديد .
أنا اليوم في سريرك المعروك أبداً ..جاهزة للطرق كحديدة ساخنة خارجة لتوّها من الأتون .. اطرقني بمطرقتك القاسية ، سوّيني اكويني واسحلني وأعد تصنيعي بقالب جديد وبعدها صبّ عليّ الماء البارد ، لأتصلّب في قالبي الجديد .
ذوّبني كخردة حديد صدئة ، وأعد تدويري كامرأة جديدة لأنّ عناصري وجزيئاتي وفلزّاتي ما زالت قابلة للتفاعل وصناعة مركّبات جديدة ..خلّصني من شوائبي واستخلص معادني النادرة في كيمياء سريرنا الخصب .. اجعله يرتجّ من تحتنا كأنبوب الاختبار في معملك ومختبرك ، فتتثفل رواسبه وينفصل مصله الرقراق وتبين مصوّرته عن كرياته الحمراء وجراثيمه المتخفّية .
قد أكون قنبلة ذريّة ولابد من العبث بنواتي وبروتوناتي وإلكتروناتي الدوّارة لتخرج عن صِراتها المرسوم ومدارها المحتوم .. ويحدث ذلك الانفجار الهيروشيميّ معلناً نهاية الحرب الكونية!
أرني صنعتك وقوّتك وخبرتك .
لا ..لا تستحِ مني ، فالحياء ما عاد موجوداً بيننا بعد عشرين سنة من الزواج .. لا تتوقّف عن استكشافي ، فما زال الباحثون يستكشفون أشياء جديدة في الأهرامات القديمة ، وقد تُبعث المومياءات من لفائفها يوماً .
ادخُلني مرّة ثانية فقد يكون قفليَ المستعصي بحاجة لمماحكة ومناورة ومداورة ومنابلة .. أسمعني صرير المفتاح في القفل ، حتى أنفتح على مصراعيّ كأبواب السجن الثقيلة ، التي إن انفتحت أدخلت الشمس إلى الزنازين المظلمة والرطبة حيث يقبع السجناء المنسيّون بأحكامهم المؤبّدة وخيوط عنكبوتاتهم الدبقة..
وسيمفونيتنا الزوجية المشتركة لمّا تكتمل بعد .. أشرك جميع الآلات في العزف ، الوترية والنفخية والصنجية والطبلية والكهربائية .. وقد نكون بحاجة لجوقة من المردّدين يُسمعونا آهاتهم كأصداء ترتيليّة في قدّاس كنيستنا المقدّسة .. اقرع الناقوس أيها المؤذن للصلاة ولا تكتفِ بالتكبير .. اسجد فوقي أيها الإمام فأنا سجّادة صلاتك .. اقرع جبينك في أرضي .. أشعل شموعي وأطلق بخوري وامسحني بزيتك المقدّس حتى لتغتفر مني الذنوب.
تريّث في العزف ، فما وصلتُ بعد إلى الطنين يصمّ آذاني .
ولا غرقتُ في نشوة اللحن حتى ثمالته .
انظر وجمهورنا ما زال صامتاً وينتظر المزيد .. اعزف .. اعزف عليّ وليس عنّي .. اعزف أكثر وأكثر .. اذبحني وحزّ رقبتي كما يذبحون الكمان حتى لتتقطع أوتاره .
اعطِ إيعازاتك للطبول تزيد تواتر إيقاعاتها
وللمزامير والقِرَب تعتصر أجوافها المنفوخة
وللآلات الكهربائية تتداخل مفاتيحها البيضاء والسوداء .. أجهد أصابع عازفيك أكثر حتى ليأخذ الإجهاد منهم كل مأخذ ، فالجمهور ينتظر تصاعد اللحن إلى ذروته .
اسمح أيضاً للعازفين بالخروج عن النص المكتوب يا قائد الأوركسترا في مسرح الحبّ.. اسمح لهم بإظهار إبداعاتهم الفرديّة وشذوذاتهم ونشازاتهم التي ستضيع حتماً في فوضى العزف الخلاق حتى لتستنبط اللحن الجديد .
لا تسكتي يا شهرزاد عن الكلام المباح ولو صاح الديك مؤذنا بتباشير الصباح ، فالقصة لمّا تنتهي ، لا تخافي من شهريار وساطوره ، ولماذا تكون الرواية في ألف ليلة وليلة في الليل الدامس فقط ؟.. ولماذا تسكتين في ضوء النهار ؟
عبثاً وولعاً أكتب عن حبي المتجدّد ، وقلمي لم يرتجف خوفاً ، وأوراقي الناصعة لم تخوّنني ولم تخجلني ، ولا أرى فرقاً بين الذي يليق والذي لا يليق في الكتابة ، وحتى لو لم يقرأني أحد ، فما زلت مستمرة في البحث عن لحني الضائع في سيمفونية الحب .
ملاحظة:
ويطلبون من الكاتب في البدء أن يحدد نوع مقالته ، أهي سرد أم قصة قصيرة أم فصل من رواية كبيرة ؟.. الحقيقة لست أدري ، فأنا أسرد قصتي القصيرة كمقطع من رواية متقطعة وما لها من نهاية !
*****************
ها وكأنّ قارورتي لم تنضب بعد ، ولم تجفّ ، وما زال في قعرها بقايا حب ، وشيء من سخونة تضطرم تحتها بين الفينة والأخرى ، فتفور لتنضح بقايا ثمالتها ، وبصيصٌ من جمر في جسدي يحمرّ قليلاً وينتظر من ينفخ عليه من نسمته ، وقد يتّقد ، وقد يتحطّب ويتصلّب ويبرد .
وكأنّي سراجٌ زيتيٌّ قديم قلّ استعماله في زمن الكهرباء ، ويحلم برشقاتٍ من زيت على فتيلته الذاوية والذابلة .
أنا ـ كامرأة ـ أرضٌ حُرثت مراراً وزُرعت تكراراً واستنبتت أشجاراً لكن ما أجدبت بساتينها بعد ، وما زالت في جنباتي بقايا خصب وبقيعات من حنين ، وجزائر من بقايا مياه جوفية ، لابدّ من حفرها عميقاً لتتفجّر ينابيعها .
أو قد تكون في أعماقي وأغواري وقيعاني ثروات باطنية منسيّة ، إن دُقّت الحفارات في طبقاتها الرسوبية ستهتزّ منها السطوح في اهتزازاتٍ طربيّة وارتجافات انفعالية .
هبّاتٌ ساخنة تليها قشعريرة من صقيع ، انفعالٌ وهجوع ، وافتراقٌ يخلط الجوع بالموجوع ، وعنوانٌ يبحث عن موضوع ، أنفاسٌ متصاعدة ومتخافضة ، وكأنّ رحمي العجوز يلفظ أنفاسه الأخيرة متخبّطاً على مذبحة سن اليأس .
جلدي يسخن يا هذا ، وترتكض الحمم في جوفي كما يرتكض الجنين في رحم الحامل .. قد يكون إيذاناً بالبركان المتفتّق من ثغرة ما ، حمماً انقذافية وأبخرة ساخنة ورماداً بركانياً محبوساً كالمارد الذي سيخرج من قمقمه .
إنني مجموعة قنابل موقوتة منسيّة انفجر بعضها ، والبعض ما زال مُصمتاً على صمّام الأمان الضائع في متاهات نفسي .. وعجزتُ حتى الآن عن فتحه ولملمة كنهه .
كأنني مجموعة أقفال عجز مفتاح زوجي الوحيد عن سبر أغوارها وفكّ طلاسمها . هناك أبواب أخرى وغرف سرّية لم تدخلها بعد ، ويتوجب مسح الصدأ عن مفاصلها ليدخلها الضوء والهواء اللعوب .
-افتح يا سمسم
وها أنا أعطيك كلمة السر يا علي بابا !.. وأصرّ عليك وحدك بعيداً عن غيرك ، ولست ممن يستعذبون التغيير .
وهناك سراديب أخرى في جسدي غير التي اعتدت أن تدخلها وترتادها .
وربما هناك منظورٌ آخر في نفسي يا زوجي الحبيب ، وعليك أن تستكشفه وتكسر شوكته وتحطّم شأفته وتفضّ بكارته مرة ثانية ، وربما ثالثة ورابعة .
ها أنا اليوم في سريرك للمرة الألف مذ تزوّجنا ، وهل يحصي الزوجان على بعضهما عديد اللقاءات الحميمية ؟.. لا أظن.
ولماذا لا يضع الزوجان علامة أو توقيعاً على كل يوم من روزنامتهما المشتركة ؟.. آه .. لكنتُ عندها أحصيت دقائق تواصلنا بدقائقها الزمنية ودقائقها التفصيلية ودقائق دقائقها ودقيق دقدقاتها وقدّها وقديدها .. لأنتقل بعدها من حلمي المشروع إلى مشروع حلم جديد .
أنا اليوم في سريرك المعروك أبداً ..جاهزة للطرق كحديدة ساخنة خارجة لتوّها من الأتون .. اطرقني بمطرقتك القاسية ، سوّيني اكويني واسحلني وأعد تصنيعي بقالب جديد وبعدها صبّ عليّ الماء البارد ، لأتصلّب في قالبي الجديد .
ذوّبني كخردة حديد صدئة ، وأعد تدويري كامرأة جديدة لأنّ عناصري وجزيئاتي وفلزّاتي ما زالت قابلة للتفاعل وصناعة مركّبات جديدة ..خلّصني من شوائبي واستخلص معادني النادرة في كيمياء سريرنا الخصب .. اجعله يرتجّ من تحتنا كأنبوب الاختبار في معملك ومختبرك ، فتتثفل رواسبه وينفصل مصله الرقراق وتبين مصوّرته عن كرياته الحمراء وجراثيمه المتخفّية .
قد أكون قنبلة ذريّة ولابد من العبث بنواتي وبروتوناتي وإلكتروناتي الدوّارة لتخرج عن صِراتها المرسوم ومدارها المحتوم .. ويحدث ذلك الانفجار الهيروشيميّ معلناً نهاية الحرب الكونية!
أرني صنعتك وقوّتك وخبرتك .
لا ..لا تستحِ مني ، فالحياء ما عاد موجوداً بيننا بعد عشرين سنة من الزواج .. لا تتوقّف عن استكشافي ، فما زال الباحثون يستكشفون أشياء جديدة في الأهرامات القديمة ، وقد تُبعث المومياءات من لفائفها يوماً .
ادخُلني مرّة ثانية فقد يكون قفليَ المستعصي بحاجة لمماحكة ومناورة ومداورة ومنابلة .. أسمعني صرير المفتاح في القفل ، حتى أنفتح على مصراعيّ كأبواب السجن الثقيلة ، التي إن انفتحت أدخلت الشمس إلى الزنازين المظلمة والرطبة حيث يقبع السجناء المنسيّون بأحكامهم المؤبّدة وخيوط عنكبوتاتهم الدبقة..
وسيمفونيتنا الزوجية المشتركة لمّا تكتمل بعد .. أشرك جميع الآلات في العزف ، الوترية والنفخية والصنجية والطبلية والكهربائية .. وقد نكون بحاجة لجوقة من المردّدين يُسمعونا آهاتهم كأصداء ترتيليّة في قدّاس كنيستنا المقدّسة .. اقرع الناقوس أيها المؤذن للصلاة ولا تكتفِ بالتكبير .. اسجد فوقي أيها الإمام فأنا سجّادة صلاتك .. اقرع جبينك في أرضي .. أشعل شموعي وأطلق بخوري وامسحني بزيتك المقدّس حتى لتغتفر مني الذنوب.
تريّث في العزف ، فما وصلتُ بعد إلى الطنين يصمّ آذاني .
ولا غرقتُ في نشوة اللحن حتى ثمالته .
انظر وجمهورنا ما زال صامتاً وينتظر المزيد .. اعزف .. اعزف عليّ وليس عنّي .. اعزف أكثر وأكثر .. اذبحني وحزّ رقبتي كما يذبحون الكمان حتى لتتقطع أوتاره .
اعطِ إيعازاتك للطبول تزيد تواتر إيقاعاتها
وللمزامير والقِرَب تعتصر أجوافها المنفوخة
وللآلات الكهربائية تتداخل مفاتيحها البيضاء والسوداء .. أجهد أصابع عازفيك أكثر حتى ليأخذ الإجهاد منهم كل مأخذ ، فالجمهور ينتظر تصاعد اللحن إلى ذروته .
اسمح أيضاً للعازفين بالخروج عن النص المكتوب يا قائد الأوركسترا في مسرح الحبّ.. اسمح لهم بإظهار إبداعاتهم الفرديّة وشذوذاتهم ونشازاتهم التي ستضيع حتماً في فوضى العزف الخلاق حتى لتستنبط اللحن الجديد .
لا تسكتي يا شهرزاد عن الكلام المباح ولو صاح الديك مؤذنا بتباشير الصباح ، فالقصة لمّا تنتهي ، لا تخافي من شهريار وساطوره ، ولماذا تكون الرواية في ألف ليلة وليلة في الليل الدامس فقط ؟.. ولماذا تسكتين في ضوء النهار ؟
عبثاً وولعاً أكتب عن حبي المتجدّد ، وقلمي لم يرتجف خوفاً ، وأوراقي الناصعة لم تخوّنني ولم تخجلني ، ولا أرى فرقاً بين الذي يليق والذي لا يليق في الكتابة ، وحتى لو لم يقرأني أحد ، فما زلت مستمرة في البحث عن لحني الضائع في سيمفونية الحب .
ملاحظة:
ويطلبون من الكاتب في البدء أن يحدد نوع مقالته ، أهي سرد أم قصة قصيرة أم فصل من رواية كبيرة ؟.. الحقيقة لست أدري ، فأنا أسرد قصتي القصيرة كمقطع من رواية متقطعة وما لها من نهاية !
*****************