في تقدير خورخي لويس بورخيس

على سبيل التمهيد

الأعمى البصير

عن الصفدي في الوافي بالوفيات عن الجنيد قال " كل الخلق يركضون فإذا بلغوا ميدان أبي يزيد هملجوا.." .. وقول الجنيد هذا عن ابي يزيد البسطامي يصدق تمام الصدق حينما نعرض لحياة بعض الشخصيات العظيمة، ومنهم خورخي لويس بورخيس على سبيل الحصر .. هذا المبدع الذي يستعصي على التصنيف او وضعه ضمن خانة من الخانات لا هو من بين المستشرقين ولا المستغربين لا من زمرة الفلاسفة والعارفين، ولا الشعراء والروائيين والقصاصين، ولا الباحثين والمنظرين والنقاد بجمعه لكل هذه المحاسن دفعة واحدة..

هذا البصير الذي شبه يوما في محاضرة "مديح العمى" انحسار رؤيته بشمس آفلة. والأشياء من حوله باتت تنأى عن عينيه تدريجيا، والعالم المرئي يبتعد الى الأبد. فشبهها بأعطية حتى طبقت شهرته الأمصار، واتخذها ذريعة للنبوغ، واضحى جواب افاق وقاهر عتمات، وجرب في كل لون وجنس معرفي، واتقن بمعرفة مكينة عدة السن، وانفتح على عدة حضارات شعوب وديانات اقوام ومعتقدات واساطير الاولين، وكتب عن الحضارات المشرقية و الديانات الشرقية بمللها ونحلها وكتبها السماوية والوصعية الشئ الكثير حتى باتت معارفنا نحن كمسلمين ضئيلة جدا بالقياس اليه.. وبثنا نعتقد جازمين ان ضمن كل ما يتعلق بالحضارة المشرقية وما اليها يستشبح فيه قبس من تخرصات وروح بورخيس بكل عنفوانها وصفائها ..

الحقيقة اننا لا نستطيع تحبير اكثر مما قلنا ومما عرفنا عن فكر وحياة هذا الانسان سليل هوميروس وميلتون واعمى المعرة وبشار بن برد وطه حسين، وقافلة مبصرين اخرين استشعروا الدنيا بنفاذ مجسات بصيرتهم وعزمهم الذي لا يلين، وحدسهم الذي التي لايخطئ .. والذي يعرف حضارتنا اكثر منا مستضيئين في معرفته بهدي البرتو مانغويل، قارئه ومقرؤه و الذي يصدق عليه قول احمد بن الحسين المتنبي " اسألوا ابن جني فهو أعرف بشعري مني ."..

تحية

نقوس المهدي



* منقول عن الاصل منتدى مطر




1796444_832121986803807_1428394080_n.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى